قال تقرير لمجلة "فورين بوليسي" إن عالم التجسس لم يعد خاضعا لهيمنة القوى العظمى، إذ لم تعد أجهزة الاستخبارات التابعة للقوى المتوسطة -وخاصة تلك الموجودة في ما يسمى الجنوب العالمي- تنشط في الغرب فحسب، بل من المرجح أيضا أن تعمل على توسيع نطاق أنشطتها وطموحها.

وأوضح التقرير أن 3 حالات حديثة تقدم لمحة سريعة عن قدرات أنظمة التجسس التابعة للقوى الوسطى، وتقترح بعض الطرق التي يمكن للدول الغربية من خلالها توقع هذه التهديدات بشكل أفضل -بل والاستعداد لإحباطها- في المستقبل.

وأشارت إلى أن الحالة الأولى تتعلق بمصر التي قد تكون اخترقت أعلى المستويات في عملية صنع القرار في الولايات المتحدة من خلال الاستعانة بالرئيس السابق للجنة مجلس الشيوخ الأميركي للعلاقات الخارجية بوب مينيديز. واتهم المدعون الفدراليون السيناتور مينينديز وزوجته نادين أرسلانيان مينينديز، بالتآمر والعمالة لصالح الحكومة المصرية من خلال استخدام منصب السيناتور القوي لتعزيز المبيعات العسكرية والمساعدات لمصر.

وذكرت لائحة اتهام وُضعت الشهر الماضي أن مينينديز وزوجته قبلا رشاوى تزيد على نصف مليون دولار وسبائك ذهبية وسيارة مرسيدس بنز مكشوفة وأشياء ثمينة أخرى من الحكومة المصرية.

وزعمت لائحة الاتهام البديلة، التي تتضمن تفاصيل مخططات الرشوة والفساد المختلفة، أن مينينديز زود مصر بمعلومات حساسة غير علنية، بما في ذلك قائمة الموظفين في السفارة الأميركية في القاهرة -وهي وثيقة يمكن أن تكون مفيدة لمكافحة التجسس- وأنه كتب "رسالة تسعى إلى إقناع أعضاء مجلس الشيوخ الآخرين بالإفراج عن 300 مليون دولار من المساعدات لمصر".

وتتعلق الحالة الثانية بإثيوبيا؛ ففي أواخر سبتمبر/أيلول الماضي ألقت وزارة العدل الأميركية القبض على أبراهام تيكلو ليما، وهو مقاول تكنولوجيا المعلومات لدى وزارة الخارجية الأميركية، بتهمة التجسس. وتزعم الاتهامات أن ليما، وهو مواطن أميركي من أصل إثيوبي، نسخ معلومات "سرية للغاية" من تقارير المخابرات، وحذف علامات التصنيف الخاصة بها، وأزالها من وزارة الخارجية، و"استخدم تطبيقا مشفرا لنقل معلومات الدفاع الوطني السرية إلى مسؤول حكومي أجنبي مرتبط بجهاز استخبارات دولة أجنبية".

تُظهر هذه الحوادث أن القوى الوسطى تقوم بمجموعة واسعة من الأنشطة الاستخباراتية، بما في ذلك عمليات التأثير، والعمل السري الذي يمكن إنكاره، والتجسس الكلاسيكي الذي يهدف إلى الوصول إلى المعلومات السرية وغير العامة.

ومع أن وزارة العدل لم تذكر اسم القوة الأجنبية، فإن صحيفة "نيويورك تايمز" ذكرت أن ليما متهم بالتجسس لصالح إثيوبيا، وهي الدولة التي كانت منذ فترة طويلة تتلقى كميات هائلة من المساعدات الأميركية.

وتتعلق الحالة الثالثة بالهند، ففي حين قد تكون أقرب إلى قوة عظمى، فإن أنشطتها التجسسية كانت تقليديا تحت الرقابة. وفي سبتمبر/أيلول الماضي، أعرب رئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو، علنا عن شكوكه في أن عملاء من جهاز الاستخبارات الخارجية في نيودلهي، جناح البحث والتحليل، على صلة باغتيال هارديب سينغ نيجار -وهو زعيم انفصالي من السيخ ومواطن كندي سبق أن صنفته نيودلهي بأنه "إرهابي"- في كولومبيا البريطانية في يونيو/حزيران. ومنذ ذلك الحين، تزايد الخلاف الدبلوماسي بين الهند وكندا.

القوى الوسطى

وبشكل عام، تُظهر هذه الحوادث أن القوى الوسطى تقوم بمجموعة واسعة من الأنشطة الاستخباراتية، بما في ذلك عمليات التأثير، والعمل السري الذي يمكن إنكاره، والتجسس الكلاسيكي الذي يهدف إلى الوصول إلى المعلومات السرية وغير العامة.

وقال تقرير لمجلة "فورين بوليسي" إنه يتعين على القوى الغربية أن تتصالح مع هذا الواقع وأن تتبنى نهجا أكثر توازنا في مكافحة التجسس من خلال عدم إغفال القوى المتوسطة ودول الجنوب العالمي. وتقوم الدول الغربية حاليا باستخدام معظم مواردها في منافسة القوى العظمى، لكن التركيز بشكل كبير للغاية على أي اتجاه استخباراتي واحد يثير المشاكل.

وخلص التقرير إلى أن القوى الوسطى التي تتفوق على الدول الأخرى سوف تحاول مرة أخرى، وتبحث عن عملاء ساذجين أو مرتشين أو يشاركونها أيديولوجياتها. ولا ينبغي لصناع السياسات والمراقبين الغربيين أن يقللوا من طموح هذه الدول ونواياها وقدراتها الاستخباراتية.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

بسبب التجسس.. جامعة تشدد معايير القبول للماجستير والدكتوراه

شددت جامعة "إي.تي.إتش زيورخ"، أكبر جامعة تقنية في سويسرا، معايير القبول لبرامج الماجستير والدكتوراه، في بعض مجالات العلوم والتكنولوجيا، في أكتوبر.

وبررت جامعة زيورخ هذه الخطوة بأنها امتثال للقوانين السويسرية لمكافحة التجسس الدولي.

وسيؤثر هذا التغيير على المتقدمين من دول خاضعة للعقوبات الدولية، بما في ذلك إيران وأفغانستان وروسيا، حسب وكالة بلومبرغ للأنباء اليوم السبت.

 غير أن معظم المتضررين سيكونون من المواطنين الصينيين، وفقا للأسوشيتد برس.

وذكرت الجامعة أن أكثر من 1300 طالب صيني التحقوا بالمعهد منذ عام 2023، أي ضعف العدد المسجل في عام 2018.

مقالات مشابهة

  • شرطة أبوظبي تدعو إلى الحذر
  • الدوخة والأذن الوسطى
  • بسبب التجسس.. جامعة تشدد معايير القبول للماجستير والدكتوراه
  • "فورين بوليسي": اقتصاد الحرب في روسيا "قنبلة موقوتة" تهدد أوروبا
  • أدوات جوجل الجديدة التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي لجعل حياتك أسهل
  • «الري»: قناطر أسيوط الجديدة ثالث أكبر مشروع على نهر النيل ورفع كفاءة منظومة «مصر الوسطى»
  • يوم بدون سيارات في بلدية الجزائر الوسطى
  • الشرطة البريطانية تتعامل مع طرد مشبوه قرب السفارة الأميركية
  • خطبة الجمعة بالمسجد الحرام: يجب الحذر من وسائل التواصل الاجتماعي لامتلائها بما يفسد دين المسلم ودنياه
  • فورين بوليسي: الترحيل الكبير في عام 2025