كرر خطاب بوش وخلط بين أوكرانيا وغزة.. هل يعاود بايدن أخطاء أمريكا بالعراق وفيتنام؟
تاريخ النشر: 25th, October 2023 GMT
السومرية نيوز – دوليات
تطرق موقع Responsible Statecraft الأمريكي، الى خطاب المكتب البيضاوي الذي ألقاه الرئيس الأمريكي جو بايدن، وطلب خلاله دعم أوكرانيا وإسرائيل، فيما أكد أن بايدن ردد شعوذات سياسية يرجع تاريخها إلى ذروة فترة القطب العالمي الأوحد. وذكر الموقع الأمريكي، في تقرير له، أن "خطاب المكتب البيضاوي الذي ألقاه الرئيس الأمريكي جو بايدن، وطلب خلاله دعم أوكرانيا وإسرائيل، يُمكن وصف بأنه كان خطاباً مليئاً بالتصريحات الأيديولوجية وخالياً من أي مبررات حقيقية لسياسات إدارته، ويبدو الخطاب شبيهاً بخطابات الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن الذي ورط واشنطن في حروب لا تنتهي بالعراق وأفغانستان"، مبيناً أن "بايدن ردَّد شعوذات سياسية يرجع تاريخها إلى ذروة فترة القطب العالمي الأوحد".
وشدّد بايدن على أن الولايات المتحدة يجب أن تدعم كلتا الحربين الجاريتين واللتين تخوضهما أوكرانيا وإسرائيل لأنها "الأمة التي لا تُقهر"، ولأن "القيادة الأمريكية هي التي تحافظ على تماسك العالم".
كما أكّد الرئيس أن نجاح أوكرانيا وإسرائيل يُعَدُّ "ضرورياً للأمن القومي الأمريكي".
لكن بايدن لم يؤيد ذلك الزعم سوى بنظرية الدومينو المنقحة، التي تقول إن الإخفاق في مكانٍ ما سيؤدي لكوارث في كل مكان.
ومن المستبعد أن تكتفي الولايات المتحدة بالبقاء في خانة الداعمين إذا كان نجاح أوكرانيا وإسرائيل "ضرورياً" للأمن القومي الأمريكي بحق. ولا شك أن تفادي الولايات المتحدة للتدخل المباشر في كلا الصراعين -حتى الآن- يُعد دلالةً قوية على عدم قناعة بايدن بأن المصالح الأمريكية الضرورية معرضة للخطر هناك.
وربما يكون من الأفضل من وجهة نظر أمريكية أن تنتصر كلتا الدولتين غير الحليفتين في الحرب، لكن ذلك الانتصار لا يمكن أن يكون ضرورياً لأمن الولايات المتحدة، حسب الموقع.
كما أن دعم بايدن لحرب إسرائيل الوحشية ضد غزة يبدو حتى الآن مفيداً بشكل كبير لروسيا.
ويُهوِّل بايدن من المخاطر القائمة حتى يستطيع طلب المزيد من الدعم لكلتا الحربين، في وقت يجب خلاله نقاش كل منهما على حدة.
ويتمثل الخطر هنا في أن بايدن قال علناً إن مصالح البلاد الحيوية على المحك، لكن تلك المصالح ليست كذلك في كلتا الحربين. ويؤدي هذا إلى خلق فخ محتمل للولايات المتحدة. إذ سهّل بايدن على المتشددين أن ينتقدوه، مستخدمين تصريحاته إذا تدهور الوضع في أي من الصراعين.
وبعدها سيتعرض لضغوط من أجل إلزام الولايات المتحدة بخوض المزيد من الحروب التي ستكون باهظة التكلفة.
لقد اختار بايدن دمج حربي أوكرانيا وإسرائيل في الخطاب نفسه من أجل حشد الدعم وتمويلهما معاً، لكن من المستبعد أن ينجح ذلك في إقناع المشككين؛ لأن الصراعين مختلفان بما يكفي من عدة نواحٍ بارزة، لدرجة أنه من الصعب التعامل بجديةٍ مع محاولة دمجهما في المعركة العالمية ذاتها. ويُمكن القول إن الجمع بين بوتين وحماس في خطاب بايدن يُشبه خطابات عصر بوش، مما يُذكرنا بالأخطاء التي قد تنتج عن الجمع بين خصومٍ مختلفين جذرياً.
إذ تحتل روسيا الأراضي التي صادرتها بالقوة وبصفةٍ غير قانونية في الحرب الأوكرانية، أما إسرائيل فهي المحتل غير الشرعي في الصراع الدائر بينها وبين حماس، وهي تحتل أرض شعب آخر منذ زهاء نصف قرن.
ولا شك أن التاريخ الطويل لتجريد الفلسطينيين من أملاكهم واضطهادهم تحت الحكم الإسرائيلي يحول دون التعامل مع كلا الصراعين باعتبارهما قصص ديمقراطيات محاصرةٍ متشابهة. لكن بايدن حاول فعل ذلك لتبرير المسارعة بإرسال المزيد من المساعدات العسكرية إلى أقوى دول المنطقة.
ويستحق بايدن بعض الثناء لأنه أقر بأن حماس لا تمثل الشعب الفلسطيني، حسب الموقع الأمريكي، (علماً بأن حماس فازت بآخر انتخابات تشريعية فلسطينية)، لكن دعمه الثابت لحملة الجيش الإسرائيلي -والحصار الخانق على غزة- يكشف للعالم أنه لا يحترم ذلك الفارق عملياً.
وزعم بايدن أن الخصوم "سيواصلون المضي قدماً" إذا لم يتم إيقافهم، و"سيستمر ارتفاع وتيرة التهديدات للولايات المتحدة والعالم"، لكن تلك الفكرة تبدو مستبعدةً تماماً في كلتا الحالتين، حيث تفتقر روسيا إلى القدرات اللازمة لشن حرب هجومية ضد دول أخرى بخلاف أوكرانيا، وحتى في حال تَحقَّق السيناريو الأسوأ وهُزِمت أوكرانيا، فستكون الحكومة الروسية انتحاريةً إذا حاولت الاستمرار في التوغل غرباً داخل أراضي الناتو.
ويبدو أن رغبة الرئيس الأمريكي في تهويل التهديد الأكبر من روسيا تدفعه للتشكيك في قدرة الناتو على ردع أي هجوم. أما في الصراع الآخر، فمن المرجح أن يستمر تصاعد التهديدات على أمريكا إذا ربطت نفسها بإسرائيل بشكلٍ وثيق، بالتزامن مع شن الأخيرة لحربها المدمرة في غزة.
ويُمكن القول إن افتراض كون الولايات المتحدة "أُمةً لا تُقهر" وأن قيادتها "تحافظ على تماسك العالم" هي فقرات من كتاب عقيدةٍ فقدت مصداقيتها، وليس هذا صحيحاً.
إذ تُقدِّم لنا فيتنام والعراق وسوريا الكثير من الأمثلة على أن "القيادة" الأمريكية عمّقت الانقسامات وفاقمت الصراع على حساب الجميع، حيث وأدت تلك القناعة بكون أمريكا "لا تُقهر" إلى إشعال مجموعة من أسوأ السقطات والجرائم في التاريخ الأمريكي الحديث، وكان لها دورا كبيرا في تقويض والإضرار بالأمن الأمريكي والعالمي خلال الـ25 عاماً التي تلت تصريح وزير الخارجية الأمريكية السابقة مادلين أولبرايت بالجملة لأول مرة.
ويعني ذلك خوضها حروباً أجنبية طيلة ما تبقى من وجودها
ومن المؤكد أن القناعة بأن أمن بقية العالم يعتمد على التدخل الأمريكي المستمر هي قناعة شديدة العجرفة، حيث إن تطبيق تلك القناعة على السياسة يحكم على الولايات المتحدة بخوض أو التورط في الحروب الأجنبية طيلة ما تبقى من وجودها، ولن يؤدي ذلك إلى تماسك العالم، بل سيكون له تأثير مدمر يُزعزع استقرار العديد من المناطق، بالتزامن مع استمرار المحاولات الأمريكية لإثبات كونها "أمةً لا تُقهر" رغم تدهورها النسبي.
وتجدر الإشارة إلى أن صياغة مادلين لم تكتف بالتأكيد على أن العالم يعتمد على الولايات المتحدة، بل قالت إنه يعتمد على الولايات المتحدة لأننا "نقف شامخين وننظر إلى المستقبل نظرةً أبعد من بقية الدول، ولهذا يحق للولايات المتحدة أن تستخدم القوة عندما ترى الأمر مناسباً".
وقد صرح المؤرخ الأمريكي أندرو باسيفيتش بأن مزاعم مادلين هي مجرد هراء، قائلاً: "لا تنظر الولايات المتحدة إلى المستقبل نظرةً أبعد من أيرلندا، أو إندونيسيا، أو أي بلدٍ آخر، بغض النظر عن مدى قدمه أو حداثة تكوينه".
ولا تتمتع الولايات المتحدة ببصيرة مميزة أو تفهم العالم أكثر من الدول الأخرى، بل يبدو واضحاً في العديد من الحالات أن قادتنا يعانون لرؤية الأشياء الموجودة أمام ناظريهم مباشرةً.
"نحن أقوى قوة في التاريخ".. مقولة ستؤدي إلى التدمير الذاتي
وقد يكون أكثر جانب مقلق في مطالبة بايدن بدعم أكبر لكلتا الحربين هو أنه يتجاهل مدى انتشار الولايات المتحدة في جميع أنحاء العالم. فخلال مقابلة أجراها مع برنامج 60 Minutes، تجاهل الرئيس المخاوف حيال تحمُّل الولايات المتحدة للكثير من الأعباء الإضافية على عاتقها، وقال: "نحن الولايات المتحدة الأمريكية بربكم. نحن أقوى أمة في التاريخ -لا أقول في العالم، بل في تاريخ العالم بأسره. تاريخ العالم بأسره. ونستطيع إنجاز كلا الأمرين مع الحفاظ على دفاعنا الدولي الشامل".
وتنُم تصريحات بايدن عن شعور بالغطرسة. فتجاهل حدود القوة الأمريكية يدفع بحكومتها عادةً إلى تجاوز حدودها بطرق خطيرة تدمر الذات.
وربما أرضى خطاب بايدن غرور المؤمنين بدور أمريكا "التي لا تُقهر"، لكنه لن يؤثر في الأمريكيين الذين لا يشاركونه القناعة نفسها. ولن يؤثر كذلك في العديدين الذين يريدون من حكومتهم أن تولي عنايةً أكبر للمشكلات المحلية في هذا البلد.
ومن المحتمل أن تنجح دعوة بايدن الشبيهة بالمواعظ الدينية داخل الكونغرس على المدى القريب، عن طريق استغلال الدعم القائم مسبقاً لإسرائيل في حشد دعمٍ أكبر لأوكرانيا. لكنها قد تؤدي إلى إحباط الرأي العام عن دعم كلا الصراعين بسبب الطلب المتزايد باستمرار على الموارد الأمريكية. وربما يُؤكد الرئيس أنه "استثمار ذكي سيؤتي ثماره"، لكنه يبدو لأعداد متزايدة من الأمريكيين أشبه بإهدار المال على مساعٍ خائبة.
المصدر: السومرية العراقية
كلمات دلالية: أوکرانیا وإسرائیل الولایات المتحدة الرئیس الأمریکی لا ت قهر
إقرأ أيضاً:
التوقيع الجمعة.. أوكرانيا توافق على بنود اتفاق المعادن مع الولايات المتحدة
أفاد مسؤول أوكراني رفيع لفرانس برس بأن أوكرانيا وافقت على بنود اتفاق المعادن مع الولايات المتحدة، ويمكن أن توقعه الجمعة.
وقال المسؤول الذي طلب عدم كشف هويته إن "مسؤولي الحكومة يعكفون الآن للعمل على التفاصيل".
وأضاف: "حاليًا، نحن ننظر في زيارة إلى واشنطن الجمعة لتوقيع الاتفاق".
وأشار الى واشنطن "حذفت كل البنود التي لم تكن تلائمنا، خصوصًا تلك المتعلقة بـ500 مليار دولار"، في إشارة مطلب أمريكي بأن توفر كييف معادن بهذه القيمة.استعادة الأموال الأمريكية
أكد دونالد ترامب السبت أنه يحاول "استعادة أموال" المساعدة التي قدمتها الولايات المتحدة إلى أوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي، على خلفية مباحثات واشنطن وكييف محورها التوصل إلى اتفاق يتصل بموارد كييف من المعادن.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } ترامب يرغب في الحصول على المعادن النادرة في أوكرانيا - وكالات (أرشيفية)
وقال ترامب: "أتواصل مع الرئيس زيلينسكي، وأتواصل مع الرئيس بوتين. أحاول استعادة الأموال أو تأمينها".
وأضاف ترامب: "أعطت أوروبا المال في صورة قرض، وستسترد أموالها. أما نحن فقد أعطينا المال من دون مقابل، لذلك أريد منهم أن يعطونا شيئا في مقابل كل الأموال التي دفعناها".
وتابع في خطاب في مؤتمر العمل السياسي المحافظ (سيباك)، وهو تجمع سنوي للمحافظين يعقد قرب واشنطن: "سأحاول وضع حد لكل هذا الموت".
وقال الرئيس الأمريكي: "نطلب معادن نادرة ونفطا، أي شيء يمكن أن نحصل عليه".
وشدد ترامب: "سنستعيد أموالنا لأن هذا ليس عادلا. وسنرى ما سيحدث، ولكنني أعتقد أننا قريبون جدا من التوصل إلى اتفاق، ومن الأفضل أن نكون قريبين جدا لأن هذا كان وضعا مروعا".