لماذا تستعصي محاولات التوحيد: نظرة حول تضاريس القوى المدنية الديمقراطية (٢-٢)
تاريخ النشر: 25th, October 2023 GMT
مواصلة الدور التقليدي للأحزاب في تحالفاتها لتوفير قيادة للوطن والتي كانت تدور رحاها في سنوات الثورة، واعتماد المحاصصات، اصبح غير صالحاً في الظروف الجديدة المختلفة. وتمثل هذا في كثرة المبادرات. وهي علامات رفض، عدم اطمئنان، ورغبة مجموعات كبيرة من قطاعات شعبية صنعت او شاركت الثورة في المشاركة بشكل فعال وحيث وجدت نفسها في اماكن جديدة وبلا مشاغل فكرية ميدانية حقيقية.
عدا القليل من المبادرات، فالعامل المشترك بين المبادرات، التي خرجت من مناطق تمركز الطبقة الوسطى في الدول المجاورة، ومن المغتربات والمهاجر ، كان اهتمامها الاكبر تقديم نفسها كقيادة للعملية السياسية للقوى الدولية واعتمادها كممثل لصوت الشعب السوداني. من هنا جاء الاهتمام بضرورة تمثيل قوى الثورة واللجان والتنسيقيات ولكن ليس كلاعب أساسي، لكن لتوسيع القاعدة (ولو شكلياً) لاقناع المواطنين والقوى الدولية بحثاً عن شرعية وطنية.
هذا السلوك موروث كلاسيكي في كل ثورات وانتفاضات السودان ومفهوماً أساسياً في السياسة السودانية القديمة. وبطبيعة الحال وضمن هذه المفاهيم لم تعن إطلاقاً بالبرامجية وواتتها الجراءة لامكانية تقديم رؤية بدون حتى تعريفها، واعتبرت هذه الدعوات او الدعايات ناقصة من القواعد لانها تجاهلت توضيح الموقف من الجنجويد، بدون تقديم حجج مقنعة، مما جعلها موضع شكوك وارتياب شديد تتراوح من الضعف السياسي وتصل للاتهامات بالتحايل وأقصاها بوجود تحالف بينهما.
خلال سنوات الثورة الخمس مثلت قوى الثورة حصن "حسن ادارة التنوع"، فعكس الاحزاب وكثير من المنظمات المدنية المتواجدة بكثافات مختلفة في ارجاء الوطن، تتواجد لجان المقاومة والتنسيقيات ولجان الطواريء في كافة الحلال والمناطق والأحياء في المدن، وتتشابك بشكل كثيف وترتبط ببعضها في مواثيق واهداف وشعارات استراتيجية موحدة بشكل كبير.
كل المبادرات، عدا القليل، تجاهلت هذه الحقائق وعملت للقيادة بدون الاعتراف بدور هذه القواعد، سوى شفهيا، بل لها تاريخ سيء في الاختراق والسيطرة والمعروفة باسم السواقة بالخلا. حتى الان لاتذكر كثير من المبادرات المواثيق او تكوينات المناطق وتتجاهله تماماً، بدلاً من اعتباره انجازاً للمقاومة وقوى الثورة وتسد ثغراته إذا رأت فيه ذلك.لقد اودت مفاهيم محاولة خلق قيادة بتسلق سلم القواعد الشعبية للثورة من، تجمع المهنيين وتفاهمات قحت والوثيقة الدستورية وتكوين الحكومة الاولى والثانية وشراكة الدم، بالثورة نفسها وهكذا من دروس التاريخ القريب.
كل المبادرات جيدة الصياغة كالعادة، كلمات وكلمات وكلمات وتدعو لوحدة قوى الثورة والاتفاق على مباديء أساسية وبرنامج. لقد لحق الاذى والضرر كل فرد من المواطنات والمواطنين، كبارهم وصغارهم، لكن مع الإصرار على وجود اليات الاستقطاب والأبنية الجاهزة التي فشلت في تقديم قيادة حكيمة وملهمة، فهي قاصرة عن ارضائهم.
اغلب هذه الآليات تفتقد ان تنبع من القواعد، مهما ادعت غير ذلك. ان بدايتها من القواعد واحترام الاخر مع وجود الاختلافات، والوصول لأرضية مشتركة من الاولويات وحزمة معايير نسجتها الثورة عبر الدماء والشهداء وطوال نصف عقد واقواها عودة العسكر وحل المليشيات ومنع التدخل الدولي والاقليمي، ومعايير القيادة والاتفاق على برنامج على المديين العاجل والمتوسط متدرج حسب الاتفاق هو المدخل المطلوب.
عنوان المرحلة هو ان يجد ضحايا وشهداء الثورة والحرب وكل من تضرروا فرصة المشاركة الكاملة في الابنية التي تمثلهم وتعبر عن تطلعاتهم "سلطة الشعب".
Dr. Amr M A Mahgoub
omem99@gmail.com
whatsapp: +249911777842
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
رئيس حكومة بنجلاديش: الدراسة بالأزهر تمنح الطلاب نظرة ثاقبة على العالم
ألقى محمد يونس، رئيس الحكومة المؤقتة لبنجلاديش، والحاصل على جائزة نوبل للسلام عام 2006، اليوم الخميس، محاضرة عامة، من رحاب الأزهر الشريف، بمركز الأزهر للمؤتمرات بمدينة نصر، بحضور الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، والدكتور محمود صديق، نائب رئيس جامعة الأزهر، ولفيف من قيادات الجامعة والقيادات السياسية والدبلوماسية، وجموع من طلاب بنجلاديش الدارسين في الأزهر.
وأعرب رئيس حكومة بنجلاديش، عن شعوره بسعادة بالغة لتواجده في رحاب الأزهر الشريف ووسط طلابه وأساتذته، قائلا: «شرف عظيم أن أحضر إلى مؤسسة الأزهر العريقة، فكلما زرت مصر كنت أنظر إلى الأزهر من بعيد، إنها خبرة لا تضاهيها خبرة حصلت عليها من قبل»، مشيدًا بتمكن الأزهر ونجاحه في رعاية تلك الأعداد الهائلة من الأكاديميين والطلاب المصريين والوافدين، موجهًا تحية خاصة لطلاب بلاده الدارسين بالأزهر، قائلا لهم: «دراستكم بالأزهر تتيح لكم نظرة ثاقبة على العالم والإنسانية جمعاء».
كلمة رئيس الحكومة المؤقتة لبنجلاديشوقال رئيس حكومة بنجلاديش: «في طفولتي، كان والدي يحكي لي ولإخوتي عن جامعة الأزهر كمرتكز علمي جوهري في الشرق، وليس كمجرد مؤسسة للتعليم العالي؛ وارتحل المئات من منطقتنا إلى هذه المؤسسة العظيمة طلبا للعلم. وبالنسبة لي، تمثل جامعة الأزهر تجسيداً للاستنارة، والتعاطف، والوئام، والتسامح، والشمول، وهي المفاهيم الجوهرية لدينا نحن المسلمين، وكذلك لدى الإنسانية جمعاء، وفي ذلك يتجاوز الأزهر الحدود التقليدية للدراسات الإسلامية».
وأضاف: «نحن ننظر إلى الأزهر كبوتقة لمذاهب عدة؛ تشمل الحنفي، والمالكي، والشافعي، والحنبلي. ولطالما تمسك الأزهر بقيم العدالة والمساواة والبحث الفكري، والتي جذبت الناس إلى الإسلام في سنواته الأولى، كما سعى إلى إلهام روح البحث خارج نطاق الدين، وتعزيز تلك الروح»، مؤكدًا أن تأثير الأزهر في بنجلاديش قد امتد على نطاق واسع منذ زمن بعيد، حين جلب العلماء الذين تخرجوا من الأزهر التصوف إلى بنغلاديش، والذي هو جزء لا يتجزأ من التراث الثقافي والروحي، قائلا: «حتى يومنا هذا، تحظى آراء علماء الأزهر بتقدير كبير في بنغلاديش، وما تزال تسهم في تشكيل الخطاب الديني والاجتماعي المعاصر».
تجربة في مساعدة الفقراءوتحدث رئيس حكومة بنجلاديش عن تجربته في مساعدة فقراء في بلاده وتوفير المساعدات الإنسانية لهم بشكل مستدام، ومحاولاته لإقناع البنوك والمصارف لإعطاء قروض ميسرة للفقراء وعدم اقتصارها على المستثمرين فقط، داعيا الشباب للتفكير الجاد والبحث عن الحلول والطرق الأقرب لمساعدة الناس والفقراء، مؤكدا أنها مسألة مهمة ينبغي مراعاتها والحرص على تطبيقها، ومسؤولية جسيمة تقع على عاتق الشباب لإحداث التغيير الإيجابي والتقدم المنشود.
وتابع رئيس حكومة بنجلاديش، أنه حان الوقت لاتخاذ موقع جديد لنا في هذا العالم، في ضوء قيم الإسلام ومبادئه، والتفاعل ثانية مع العالم ونحن متحدون، قائلا: «أتطلع إلى الأزهر لقيادة التحول الضروري في مجتمعاتنا، حيث أن رسالته الجامعة فكريا وأخلاقيا وروحيا يمكن أن تلهم المسلمين في جميع أنحاء العالم وكذلك الإنسانية جمعاء لتبني حضارة متوازنة ومتجانسة»، مؤكدًا: «نعيش في وقت يجب أن تتوجه فيها المساعي البشرية نحو البحث عن العدل والتصالح وعن نظام عالمي مُنصِف تمثل روح التعاطف الإنساني فيه أولوية تتغلب على روح الانتقام والظلم والمنظورات الضيقة للنظام العالمي».
وأكد رئيس حكومة بنجلاديش، أن قتل حوالي 45,000 فلسطيني في المجزرة المستمرة في غزة على مدار 14 شهراً يُعد تذكيراً مخيفا بمحدودية المعايير والمؤسسات الدولية، قائلًا: «لابد أن نوقف آلام الفلسطينيين ونتكاتف من أجلهم»، موضحا أن المفاهيم المغلوطة تنتشر في كثير من أنحاء العالم، وتتكاثر المعلومات المضللة، وتتفوق الأساطير تتفوق على الحقائق، وأنه غالباً ما يقع الإسلام والمسلمين ضحايا للتشويه والصور السلبية، وأن كل هذه الأزمات تشير في النهاية إلى أزمة أعمق فيما يتعلق بفهمنا للتعاطف أو للافتقار إليه.
ودعا رئيس حكومة بنجلاديش، إلى التفكير في كيفية تجديد نظام التعليم في العالم الإسلامي، ووضع الأكاديميين والباحثين والمفكرين المسلمين في طليعة الثورة العلمية والتقنية، قائلًا: «نحن بحاجة إلى تعزيز التعاون بين دول العالم الإسلامي، وكذلك إلى التفاعل النشط مع الدائرة الأوسع للمعارف العالمية».