مواصلة الدور التقليدي للأحزاب في تحالفاتها لتوفير قيادة للوطن والتي كانت تدور رحاها في سنوات الثورة، واعتماد المحاصصات، اصبح غير صالحاً في الظروف الجديدة المختلفة. وتمثل هذا في كثرة المبادرات. وهي علامات رفض، عدم اطمئنان، ورغبة مجموعات كبيرة من قطاعات شعبية صنعت او شاركت الثورة في المشاركة بشكل فعال وحيث وجدت نفسها في اماكن جديدة وبلا مشاغل فكرية ميدانية حقيقية.

اما المغتربين والمهاجرين القدامى، وهم ضحايا الأنظمة الظالمة والقمعية التي لفظتهم قسراً او عبر تغيير الظروف الاجتماعية ودفعتهم للمغادرة، فقد وجدوا انفسهم مهددين بفقدان الوطن والهوية. هذا القطاع الكبير وجد نفسه مطالباً بدعم أسرهم ومجتمعاتهم بشكل مضاعف. هذا ضاعف من شعورهم وارتباطهم بالوطن، خاصة مع تزايد التدويل وجزء مقدر منهم في مراكز القرار الدولية، بدورهم المتزايد في تكوين القيادة السياسية للعملية السياسية القادمة.

عدا القليل من المبادرات، فالعامل المشترك بين المبادرات، التي خرجت من مناطق تمركز الطبقة الوسطى في الدول المجاورة، ومن المغتربات والمهاجر ، كان اهتمامها الاكبر تقديم نفسها كقيادة للعملية السياسية للقوى الدولية واعتمادها كممثل لصوت الشعب السوداني. من هنا جاء الاهتمام بضرورة تمثيل قوى الثورة واللجان والتنسيقيات ولكن ليس كلاعب أساسي، لكن لتوسيع القاعدة (ولو شكلياً) لاقناع المواطنين والقوى الدولية بحثاً عن شرعية وطنية.

هذا السلوك موروث كلاسيكي في كل ثورات وانتفاضات السودان ومفهوماً أساسياً في السياسة السودانية القديمة. وبطبيعة الحال وضمن هذه المفاهيم لم تعن إطلاقاً بالبرامجية وواتتها الجراءة لامكانية تقديم رؤية بدون حتى تعريفها، واعتبرت هذه الدعوات او الدعايات ناقصة من القواعد لانها تجاهلت توضيح الموقف من الجنجويد، بدون تقديم حجج مقنعة، مما جعلها موضع شكوك وارتياب شديد تتراوح من الضعف السياسي وتصل للاتهامات بالتحايل وأقصاها بوجود تحالف بينهما.

خلال سنوات الثورة الخمس مثلت قوى الثورة حصن "حسن ادارة التنوع"، فعكس الاحزاب وكثير من المنظمات المدنية المتواجدة بكثافات مختلفة في ارجاء الوطن، تتواجد لجان المقاومة والتنسيقيات ولجان الطواريء في كافة الحلال والمناطق والأحياء في المدن، وتتشابك بشكل كثيف وترتبط ببعضها في مواثيق واهداف وشعارات استراتيجية موحدة بشكل كبير.

كل المبادرات، عدا القليل، تجاهلت هذه الحقائق وعملت للقيادة بدون الاعتراف بدور هذه القواعد، سوى شفهيا، بل لها تاريخ سيء في الاختراق والسيطرة والمعروفة باسم السواقة بالخلا. حتى الان لاتذكر كثير من المبادرات المواثيق او تكوينات المناطق وتتجاهله تماماً، بدلاً من اعتباره انجازاً للمقاومة وقوى الثورة وتسد ثغراته إذا رأت فيه ذلك.لقد اودت مفاهيم محاولة خلق قيادة بتسلق سلم القواعد الشعبية للثورة من، تجمع المهنيين وتفاهمات قحت والوثيقة الدستورية وتكوين الحكومة الاولى والثانية وشراكة الدم، بالثورة نفسها وهكذا من دروس التاريخ القريب.

كل المبادرات جيدة الصياغة كالعادة، كلمات وكلمات وكلمات وتدعو لوحدة قوى الثورة والاتفاق على مباديء أساسية وبرنامج. لقد لحق الاذى والضرر كل فرد من المواطنات والمواطنين، كبارهم وصغارهم، لكن مع الإصرار على وجود اليات الاستقطاب والأبنية الجاهزة التي فشلت في تقديم قيادة حكيمة وملهمة، فهي قاصرة عن ارضائهم.

اغلب هذه الآليات تفتقد ان تنبع من القواعد، مهما ادعت غير ذلك. ان بدايتها من القواعد واحترام الاخر مع وجود الاختلافات، والوصول لأرضية مشتركة من الاولويات وحزمة معايير نسجتها الثورة عبر الدماء والشهداء وطوال نصف عقد واقواها عودة العسكر وحل المليشيات ومنع التدخل الدولي والاقليمي، ومعايير القيادة والاتفاق على برنامج على المديين العاجل والمتوسط متدرج حسب الاتفاق هو المدخل المطلوب.

عنوان المرحلة هو ان يجد ضحايا وشهداء الثورة والحرب وكل من تضرروا فرصة المشاركة الكاملة في الابنية التي تمثلهم وتعبر عن تطلعاتهم "سلطة الشعب".

Dr. Amr M A Mahgoub
omem99@gmail.com
whatsapp: +249911777842  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

تايمز: ما قصة الثورة التي يريد ستارمر إطلاق شرارتها في بريطانيا؟

تعهد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الخميس، بتقليص البيروقراطية الحكومية وإلغاء الخدمة الصحية الوطنية في إنجلترا بجانب إصلاحات أخرى، ولكنه لم يوضح التفاصيل الكاملة لكيفية تنفيذ هذه الإصلاحات أو مدى فعاليتها، وفق تقرير لصحيفة تايمز البريطانية.

وقال الكاتب أوليفر رايت -محرر السياسات في الصحيفة- إن ستارمر يهدف إلى خفض العبء الإداري على الشركات بنسبة 25% كجزء من إصلاحاته الحكومية لتقليل "البيروقراطية الزائدة" وتحسين كفاءة الدولة، متهما هيئات حكومية بإعاقة التنمية، مثل تأخير مشاريع الإسكان بسبب قضايا بيئية.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2جيروزاليم بوست: هذا ما جرى في البنتاغون قبل تفجيرات البيجرlist 2 of 2“سكك الحديد” في أفريقيا وجه جديد لصراع النفوذ بين الصين وأميركاend of list

وفي هذا الصدد أورد التقرير تعليق ستارمر بأن حكومته وعدت ببناء 1.5 مليون منزل بحلول نهاية العقد، وأن هذا الهدف قد أحبطته المجموعات البيئية التي منعت "مدينة جديدة بأكملها" بسبب وجود "عناكب قافزة" في المنطقة.

ولفت الكاتب إلى أن الحكومة لم تقدم تقديرا دقيقا للتكاليف البيروقراطية لهذه الخطط، مما يجعل تنفيذها موضع شك.

إلغاء هيئات حكومية

ووفق التقرير، وعد ستارمر بإلغاء بعض الهيئات الحكومية ونقل مسؤولياتها إلى الوزارات المركزية، معتبرا أن تعدد الهيئات يعيق المساءلة الديمقراطية.

بَيد أن تجارب سابقة -مثل الإصلاحات في 2010- لم تحقق نتائج كبيرة، إذ دُمجت معظم الهيئات بدلا من إلغائها، كما أن إلغاء الهيئات سيسبب تحديات كثيرة، فمثلا سيؤدي إلغاء الخدمة الصحية إلى اضطرابات في النظام الصحي، خصوصا إذا لم تتعامل الحكومة مع نقل المسؤوليات بكفاءة، حسب التقرير.

إعلان إصلاح الخدمة المدنية

وأشارت الصحيفة إلى أن إصلاح الخدمة المدنية في خطة ستارمر يهدف إلى تحسين الأداء الإداري عبر تقديم حوافز مالية تدفع الموظفين غير الأكفاء لترك مناصبهم، في ما يُعرف ببرنامج "الخروج المتفق عليه".

وبموجب هذا النظام، يحصل الموظف الذي يغادر منصبه على مبلغ يعادل راتبه الشهري مضروبا بعدد السنوات التي عملها في الوظيفة، وأكد التقرير أن هذه الخطة أحدثت جدلا واسعا، إذ إن بعض التعويضات قد تصل إلى مئات آلاف الدولارات، ما أثار انتقادات بشأن التكلفة العالية لهذه الخطوة ومدى فعاليتها في تحسين الكفاءة الحكومية.

وأضاف النقاد أن استبدال هؤلاء الموظفين بكفاءات جديدة أو بالتحول إلى القطاع الرقمي قد يتطلب استثمارات إضافية، ما يزيد تكلفة العملية.

الرقمنة والذكاء الاصطناعي

كما يأمل ستارمر توفير حوالي 58 مليار دولار عبر رقمنة الخدمات الحكومية، إلا أن هذه التقديرات تبدو غير واقعية، خاصة وأن ميزانية أجور الخدمة المدنية بأكملها تبلغ حوالي 13 مليار دولار فقط، كما أن تنفيذ هذا التحول يتطلب استثمارات ضخمة مقدَّما، وهو ما قد يكون صعبا في ظل خطط التقشف الحالية.

وخلص التقرير إلى أنه بينما تبدو وعود ستارمر جذابة سياسيا، فإن تنفيذها يواجه تحديات كبيرة، بدءا من مقاومة البيروقراطية إلى الحاجة إلى تمويل أوّليّ كبير، بجانب أن تقليص التنظيمات دون التأثير على معايير الأمان والجودة سيكون أمرا صعبا، وستعتمد فعالية هذه الإصلاحات على التفاصيل التنفيذية التي لم تتضح بعد.

مقالات مشابهة

  • هيئة حقوقية تطالب بفتح بحث قضائي في مالية جامعة ألعاب القوى التي دمرها أحيزون
  • الإمام الأكبر يكشف لماذا خالف اسم الرقيب القواعد الصرفية؟
  • وسائل إعلام تكشف القواعد التي أقلعت منها الطائرات الأمريكية في عدوانها على اليمن
  • الإدارة الأمريكية تتوعد بإستهداف السفن الإيرانية التي تحاول تقديم الدعم للحوثيين
  • الكشف عن القواعد التي أقلعت منها الطائرات الأمريكية لاستهداف اليمن
  • لماذا غضب نتنياهو من صفقة تبادل الأسرى التي وافقت عليها حماس؟
  • عون: استقرار لبنان لا يتحقق من دون تطبيق القرارات الدولية
  • وزارة المالية تمدد مهلة تقديم البيان الضريبي للمكلّفين عن عام 2024 إلى ‏الأول من حزيران القادم
  • مصر تؤكد أهمية الحلول السياسية للأزمات الدولية
  • تايمز: ما قصة الثورة التي يريد ستارمر إطلاق شرارتها في بريطانيا؟