السودان: حرب اسلاميي النظام المخلوع لاستعادة السلطة
تاريخ النشر: 25th, October 2023 GMT
(نشر باللغة الألمانية في المجلة الدولية العدد 3/ يونيو2023، النمسا)
1. مقدمة
إن الحرب المأساوية التي اندلعت في السودان مؤخراً ليست الأولى، لكنها الأعنف، لأنها تدور بشكل اساسي في العاصمة الخرطوم، مركز السلطة والثروة. لم تأت الحرب فجأة، بل كانت هناك مؤشرات كثيرة على انفجار وشيك. و كان من الممكن تجنب ذلك لو أن الأطراف السودانية والقوى الإقليمية والدولية تخلت عن مصالحها الضيقة وتضافرت جهودها لإنجاح التحول الديمقراطي.
وتفاقمت الكارثة الإنسانية الناجمة عن هذه الحرب المدمرة التي استمرت لقرابة شهرين. وعلى الرغم من أن الوساطة التي قادتها المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الامريكية أسفرت عن توقيع تعهد بحماية المدنيين في 11 مايو، إلا أن قوات الدعم السريع واصلت احتلال المرافق العامة، وخاصة المستشفيات، وتعرضت منازل المواطنين للنهب والإخلاء القسري. من جهة اخري، يواصل الجيش قصف قوات الدعم السريع بغارات جوية غير دقيقة، مما أسفر عن مقتل مدنيين وتدمير منازل و مصانع واسواقو مرافق خدمية خاصة المستشفيات. ايضا تتعرض النساء للعنف وقد تم التبليغ عن عدد من حالات الاغتصاب و الاختطاف. وقتل حتي الان ما لا يقل عن 850 شخصا وأصيب نحو 3400 آخرين.1 ووفقا لإحصائيات الأمم المتحدة، فقد نزح أكثر من 1.4 مليون شخص، بينهم عشرات الآلاف لجاوا لدول مجاورة ومئات الآلاف نزحوا داخليا، وما زال عدد الضحايا في ارتفاع.2
إن نظرة متأنية للمشهد السياسي في السودان تؤكد أن هناك جهات فاعلة محلية وإقليمية ودولية كبرى لعبت أدواراً مختلفة في خلق هذا الوضع المأساوي. يحاول هذا المقال تسليط الضوء على أسباب هذه الحرب وآثارها وعلاقتها بالجيش المزدوج وقوى الثورة والانتقال الديمقراطي والتدخلات الخارجية والإقليمية والدولية. وينصب التركيز على العلاقة بين الجيش وقوات الدعم السريع وأسباب الصراع بين الجنرالين.ِ
2. ثورة سلمية في مواجهة نظام دكتاتوري بجيش مزدوج
في ديسمبر 2018، اندلعت ثورة ضد النظام العسكري-لإسلاموي عمت كل مدن وقرى السودان، بمشاركة أعداد كبيرة من النساء والشباب. مع تصاعد الحراك الثوري و تشكيل قيادة موحدة للثورة، وهو تحالف قوى الحرية والتغيير، وصلت جموع الثوار في 6 ابريل 2019، مقر القيادة العامة للقوات المسلحة و اعتصموا امامها مطالبين الجيش بالانحياز للثورة. وفي 11 أبريل/نيسان، أطيح بالبشير من قبل مجلس عسكري مؤقت برئاسة وزير الدفاع آنذاك عوض بن عوف. والذي استقال في اليوم التالي وحل محله الفريق أول عبد الفتاح البرهان، كما تم تعيين محمد حمدان دقلو حميدتي قائد قوات الدعم السريع نائبا له. وكان الأخير قد تم استدعاؤه إلى الخرطوم لقمع الثورة، إلا أنه بعد دخول قواته الخرطوم رفض تنفيذ المهمة. و يبدو ان اللجنة الامنية للنظام فضلت اعطائه هذا المنصب لضمان جانبه.
ورغم إعلان المجلس العسكري انحيازه للثورة وبدء المفاوضات مع تحالف قوي الحرية والتغيير، إلا أن الأمر علي ما يبدو كان خدعة من الأجهزة الأمنية الموالية للنظام المخلوع. حيث قام المجلس العسكري الانتقالي بمجزرة فض الاعتصام أمام مقر قيادة القوات المسلحة بعد اقل من شهرين من سقوط البشير. الا ان الحراك الثوري السلمي استمر رغم المجزرة، مما اضطر المجلس العسكري إلى استئناف المفاوضات برعاية الاتحاد الأفريقي. و ادي ذلك لتوقيع على وثيقة دستورية في أغسطس 2019، تضمنت أسس الشراكة بين العسكر و المدنيين لفترة انتقالية مدتها ثلاث سنوات ونصف. الا ان هذا الاتفاق كان بداية تفكك تحالف قوي الحرية والتغيير. وكان الحزب الشيوعي أول من خرج من التحالف، و ساهم ذلك في انقسام تجمع المهنيين السودانيين الذي كان نواة تأسيس التحالف. رغم ذلك، حظيت الحكومة الانتقالية بقيادة الدكتور عبد الله حمدوك بدعم شعبي قوي. وكان الأمل هو أن يحدث انتقال سياسي سلمي دون مزيد من إراقة الدماء، وأن يلتزم الجيش في نهاية الفترة الانتقالية بالانسحاب من الحياة السياسية.
وكان التحدي الأكبر لحكومة حمدوك هو التدهور الاقتصادي و الذي تفاقم بتدخلات مقصودة من اعضاء لنظام المخلوع المسيطرين علي المؤسسات الاقتصادية. وانهار سعر العملة السودانية بسبب تداول العملات الأجنبية خارج النظام المصرفي وكما نشطت اذرع النظام المخلوع في تهريب السلع المدعومة، وخاصة الوقود والطحين. ومع ذلك، تمكنت الحكومة المؤقتة من رفع العقوبات الاقتصادية وخفض الدين الوطني. كما تم تنفيذ بعض الاصلاحات الاقتصادية، مثل توحيد سعر الصرف وإلغاء دعم الوقود. لكن هذه الإصلاحات زادت من الخلاف بين مكونات قوى الحرية والتغيير، وساهمت في تفاقم الانقسامات داخل الائتلاف.، حيث اعترضت أحزاب يسارية اخري بالاضافة للحزب الشيوعي علي تبني سياسات البنك الدولي. في المقابل، لم تجد الحكومة الانتقالية دعما من دول الخليج وهو عكس ما حدث مع حكومة السيسي. كما تأخرت الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية، التي بدت أكثر حماسا للتحول الديمقراطي في السودان، في تقديم الدعم المالي الموعود.
كما واجهت الحكومة الانتقالية حملات اعلامية ممنهجة تقودها مواقع مشبوهة في السوشيال ميديا. وظهرت مجموعة تطلق على نفسها اسم قوى الحرية والتغيير– الميثاق الوطني تتكون من بعض الأحزاب الموالية للنظام المخلوع، بالإضافة إلى حركة العدل والمساواة وحركة تحرير السودان، الموقعتان على اتفاق جوبا لعام 2020. وقد قاموا بتنظيم اعتصام امام القصر الجمهوري مطالبين الجنرال البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي بحل حكومة حمدوك، بحجة توسيع قاعدة المشاركة في عملية الانتقال السياسي. و يبدو ان هناك تنسيق مع الجناح العسكري للحكومة الانتقالية الذي اتخذ هذه المطالب كحجة لانقلاب ٢٥ اكتوبر ٢٠٢١. لكن التظاهرات المناهضة للانقلاب، والتي انطلقت منذ الساعات الأولى، جعلت من الصعب على قادة الانقلاب المضي قدما وتحقيق الاستقرار المنتظر. وكان من المتوقع أن تدعم بعض الدول، خاصة الإمارات، الانقلاب سياسيا واقتصاديا نظرا لعلاقتها الوثيقة بالجنرالين، البرهان و حميدتي خاصة الاخير. لكن يبدو أن قرارات البرهان لصالح الإسلاميين دفعتهم إلى التراجع، مما أضعف الانقلاب.
ورغم الجهود الدولية لدفع الأطراف السودانية للجلوس للتفاوض، إلا أنها كانت مهمة صعبة للغاية بسبب اختلاف مواقف القوى الثورية من جهة والخلافات بين مدبري الانقلاب من جهة أخرى. وبعد مرور أكثر من عام، بدأت المفاوضات تحت رعاية ثلاثية مشكلة من بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان (UNITAMS)، والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (IGAD)، والاتحاد الأفريقي. مع مراقبة اللجنة الرباعية المكونة من السعودية والإمارات وبريطانيا والولايات المتحدة. تم التوقيع على اتفاق إطاري في 5 ديسمبر 2023 بين قوى الحرية والتغيير – المجلس المركزي وبعض الأحزاب والمنظمات المدنية كطرف أول، وقادة الجيش وقوات الدعم السريع كطرف ثان. كما تم تأجيل بعض القضايا للمناقشة في ورش العمل لحين إدراج النتائج في الاتفاق النهائي. لكن تحالف الميثاق الوطني رفض الاتفاق لأنه لم يسمح بضم أحزابا موالية للنظام الإسلامي المخلوع. وانحاز لهم الجنرال البرهان الموالي للنظام المخلوع ودعا إلى توسيع المشاركة في الاتفاق. وبينما انحاز حميدتي إلى قوى الحرية والتغيير، افضا ضم أحزاب النظام المخلوع ووعد بحماية الاتفاق السياسي. واتهم عناصر النظام المخلوع بتأجيج الخلاف بين قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية. وحاولت مصر، التي لم تكن جزءاً من العملية السياسية، إيجاد منصة موازية بحجة إعادة توحيد السودانيين. ومع ذلك، لم تتمكن من كسب ثقة قوى الحرية والتغيير-المركزي التي رفضت المشاركة.
كما تم إطلاق حملة إعلامية قوية تتهم قوى الحرية والتغيير- المركزي بأنهم عملاء لقوى أجنبية وتدعو أيضًا إلى طرد فولكر بيرتس رئيس يونيتامس (UNITAMS). وتم تهديد البرهان بأنه في حال رضوخه للضغوط الخارجية و توقيع الاتفاق النهائي سيتم استبداله بقائد اخر قادر على مواجهة قائد قوات الدعم السريع. وتصاعد الخلاف بين الجنرالين في الورشة الأمنية نهاية مارس الماضي. وأصر قادة الجيش الموالين للنظام المخلوع على ضرورة وضع قوات الدعم السريع تحت قيادة قائد القوات المسلحة ودمجها في غضون عامين. فيما أصرت قيادات الدعم السريع على وضعها والقوات المسلحة تحت إشراف مجلس السيادة المدني. كما أصروا على ضرورة تطهير جيش الإسلاميين قبل البدء في دمج قواتهم، وعلى أن يتم الاندماج في غضون 10 سنوات.
ورغم أن العديد من الأطراف الداخلية والخارجية حاولت نزع فتيل الأزمة من خلال الوساطة بين الجنرالين. و كان متوقعا ان يتم بينهما اجتماع في صباح 15 ابريل، إلا أن الحرب اندلعت قبل الموعد المحدد. والمفارقة هي أن إسلاميي النظام المخلوع، في متاهتهم، دفعوا الجيش الذي قاموا باضعافه لخوض حرب ضد قوات الدعم السريع، التي قاموا بتأسيسها و تقويتها لكنها تمردت عليهم .
3. ثنائية الجيش وقوات الدعم السريع
منذ أن استولى الإسلاميون على السلطة بانقلاب بقيادة الجنرال عمر البشير في 30 يونيو 1989، قاموا باجراء تغييرات جذرية في كافة مؤسسات الدولة، وخاصة في الجيش. وقد اتبعوا ما يسمى "سياسة توطيد السلطة" لزيادة سيطرة الإسلاميين على مؤسسات الدولة. وبناء على ذلك، تم فصل مئات الضباط من الجيش، وتم إعدام 28 من الضباط الذين نفذوا انقلاب 1990. و اصبح التعيين يتم حسب الولاء الحزبي وهو ما حوّل الجيش من مؤسسة وطنية إلى ميليشيا مرتبطة بالنظام وتدافع عن مصالحه. ولكن بعد انقسام الإسلاميين الشهير في نهاية عام 1999، بدأ المؤتمر الوطني، جناح الاسلاميين الذي انفرد بالسلطة، في التشكيك في ولاء الأجهزة الأمنية، وخاصة الجيش. وكانت هذه بداية إهمال الجيش أو إضعافه خوفاً من انقلاب موالٍ لجناح زعيمهم حسن الترابي الذي اسس حزب المؤتمر الشعبي.
وبعد وقت قصير من انقسام الإسلاميين، اندلع الصراع المسلح في اقليم دارفور. ولذلك فضل النظام تسليح القبائل العربية لمواجهة التمرد، خاصة وأن الحركات المسلحة كان يقودها بعض ابناء الفور والمساليت والزغاوة. في البداية، رفض زعماء القبائل العربية3 ان يكونوا طرفا في الصراع لأنهم يعتقدون ان ذلك من شأنه هتك النسيج الاجتماعي في المنطقة. الا ان النظام تمكن من تجنيد بعض قادة الجنجويد، وهي عصابات مسلحة، معظمها من القبائل الرعوية ذات الاصول العربية المتضررة من الجفاف والتصحر منذ أوائل الثمانينات. وقام قادة الجيش، ومن بينهم عبد الفتاح البرهان، بتدريب وتسليح هؤلاء الشباب فيما يسمى بحرس الحدود تحت قيادة موسى هلال، شيخ قبيلة المحاميد.4
وفي الفترة بين عامي 2003 و2004، شن الجيش بمساعدة الجنجويد هجوماً واسع النطاق ضد الحركات المسلحة. حيث تم تدمير وإحراق مئات القرى ووقعت عمليات قتل منهجي للمجموعات العرقية ذات الاصول الافريقية والعديد من حالات اغتصاب النساء. وأدى ذلك إلى مقتل ما يقدر بنحو 300 ألف شخص وتشريد أكثر من مليوني شخص. وفي مايو 2004، تم تشكيل لجنة تحقيق دولية للتحقيق في جرائم التطهير العرقي. واتهم موسى هلال وآخرون بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. ووجهت اتهامات فيما بعد إلى عمر البشير وبعض قادة حزب المؤتمر الوطني.5
ولابعاد موسى هلال، المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية، لجأ النظام إلى المقاتل الشاب محمد حمدان دقلو “حميدتي” لمواجهة التمرد. وكما ذكر في إحدى المقابلات، كان يعمل في تجارة الإبل وبعد عمليات النهب التي تعرض لها، قام بتأسيس مجموعة مسلحة لحماية أعماله التجارية وتجار الماشية الآخرين.6 في سبتمبر 2006، عُقد أول اجتماع لحميدتي مع الرئيس البشير ووزير الدفاع السوداني عبد الرحيم محمد حسين في الخرطوم.7 وعرض عليه البشير الأسلحة والسيارات لصد هجوم حركة العدل والمساواة في شمال دارفور.
وفي أكتوبر 2007، هدد حميدتي بالتمرد على الحكومة لعدم دفع رواتب جنوده. أطلق على حركته المتمردة قوات "الوعد الصادق"، وقال إنه سيقاتل من أجل العدالة لعرب دارفور. وقال إن الحكومة تجاهلت العرب الذين قاتلوا إلى جانبها، بينما عينت ميني أركو ميناوي الزقاوي مساعدا للرئيس بموجب اتفاق أبوجا لعام 2006، بل انهم لم يدفعوا لهم حتى رواتبهم أو تعويض القتلى والجرحى في الحرب.8 وأضاف أن الحكومة لا توفر خدمات صحية أو بيطرية أو مدرسية أو مياه في مناطقهم. وشاهد زوار قاعدته العسكرية القريبة من قريته أم القرى، كميات كبيرة من بنادق كلاشينكوف الهجومية وبنادق القنص وقاذفات القنابل اليدوية ومنشقين، بالإضافة إلى ما لا يقل عن 70 سيارة لاند كروزر مسلحة برشاشات ومدافع مضادة للدبابات. بالإضافة إلى منصات إطلاق الصواريخ ومدافع الهاون وهواتف الثريا وأجهزة الراديو المحمولة، والتي لم تكن متوفرة لدى الجماعات المسلحة في دارفور. مع العلم أنه قبل تمرده كان قد وقع اتفاقا سريا مع جيش تحرير السودان، جناح عبد الواحد (من قبيلة الفور)، في يونيو/حزيران 2007 وينص الاتفاق على تعزيز الأمن في المناطق التي يسيطر عليها الطرفان، وعدم إعاقة وصول السلع والخدمات الإنسانية للمناطق التي يسيطر عليها الطرفان. ومنع الهجمات على المدنيين والموظفين الدوليين، وتعزيز الوحدة السياسية والعسكرية.9 ويبدو أن حميدتي بدأ يدرك أن النظام يثير الصراع العرقي بين المكونات الاثنية في دارفور لحماية سلطته.
الا إن حميدتي تراجع عن تمرده مطلع عام 2008 بناء على صفقة مشبوهة. وبحسب قوله، تم تعيينه منسقاً بين العشائر العربية والحكومة، وان همه التنمية، حيث وعدت الحكومة ببناء المدارس وتوفير المياه، لكنها لم تلتزم بتوفير الخدمات الصحية. كما تم تجنيد 3000 من رجاله في الجيش النظامي، مع وعد بتدريب 200-300 منهم كضباط.10 وفي عام 2013 صدر قرار رئاسي بتشكيل قوات الدعم السريع من 5000 فرد بقيادة حميدتي وتحت الإشراف المباشر للبشير. وقد استطاعت قوات الدعم السريع الفوز في معركة قوز دونغو الشهيرة ضد حركة العدل والمساواة المدعومة من تشاد في أبريل 2015، وقد منحها ذلك وزنا عسكريا هائلا. وفي 18 يناير 2017، أقر البرلمان قانون قوات الدعم السريع لتصبح جزءًا من القوات المسلحة، ولكن تحت مسؤولية رئيس الجمهورية، كما تمت ترقية حميدتي إلى رتبة فريق. وبناء على طلب ال بشير، أطلقت قوات الدعم السريع حملة لجمع الأسلحة من القبائل ذات الأصول العربية، التي قد اصبحت تتصارع فيما بينها . وحققت الحملة نجاحا كبيرا في دارفور وكردفان، مما دفع حميدتي للقول إن الخطوة التالية هي فرض هيبة الدولة في كل أنحاء السودان. وهذا ما اعتبر مؤشرا على رغبته في السلطة والهيمنة على السودان ككل.11
4. صعود حميدتي كقوة عسكرية اقتصادية ذات نفوذ دولي
وفي عام 2012، تم اكتشاف الذهب في منطقة جبل عامر بدارفور، التي أصبحت مقصداً لعمال المناجم الشباب. إلا أن مليشيات موسى هلال احتلت المنجم، مما أسفر عن مقتل أكثر من 800 شخص ومنع المسؤولين الحكوميين من دخول المنجم.12 وفي نوفمبر 2017، شنت قوات الدعم السريع هجوما على موسى هلال واعتقلته بسبب مقاومته للبشير. ومع الاستيلاء على جبل عامر، أصبح حميدتي أكبر تاجر ذهب في البلاد. و نمت شركة الجنيد التي يملكها مع اقاربه لتصبح مجموعة ضخمة لها استثمارات في مجالات مختلفة إلى جانب تعدين الذهب. وكانت لهم علاقات مع شركة فاغنر الروسية، التي حصلت أيضًا على تصريح التنقيب عن الذهب عام 2017 ، حيث تم إنشاء سلاسل لتهريب الذهب من السودان إلى روسيا عبر دبي.13
ومن ناحية أخرى، شاركت قوات الدعم السريع في حرب اليمن، وأصبح حميدتي عميلاً لتجنيد الشباب من السودان والدول المجاورة. وبحسب قوله فإن عدد الجنود السودانيين في اليمن وصل إلى 30 ألف جندي.14 وأغلبهم من الشباب الذين يدفعهم التهميش والفقر للانضمام إلى هذه القوات المقاتلة. وبالإضافة إلى الأموال الطائلة التي حصل عليها، أتيحت له الفرصة للتواصل مباشرة مع قادة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. ولعبت هذه العلاقات دورا مهما في صعوده إلى أعلى مناصب صنع القرار في السودان بعد الإطاحة بالبشير.
بالإضافة إلى ذلك، ووفقًا لعملية الخرطوم التي أطلقها الاتحاد الأوروبي عام 2016، أوكل نظام البشير مهمة مكافحة الهجرة إلى قوات الدعم السريع. وباعتبارها أكبر قوة لحرس الحدود في المنطقة، فإنها تحرس الحدود مع تشاد وليبيا ومصر. وخلال كلمة ألقاها في حفل التخرج بالكلية العسكرية في أغسطس 2018، دعا حميدتي الاتحاد الأوروبي إلى الاعتراف بجهود قوات الدعم السريع في مكافحة الهجرة. وهدد بأن قواته المسلحة التي يبلغ قوامها أكثر من 23 ألف جندي لن تقوم بعد الآن بهذا الدور إذا لم يلتزم الاتحاد الأوروبي بالتمويل المتفق عليه.15
وبهذا فقد اصبح حميدتي قوة عسكرية واقتصادية ذات تأثير كبير لا يمكن تجاهله ليس محليًا فحسب، بل إقليميًا ودوليًا أيضًا. وتزايد طموح حميدتي لحكم السودان، ويبدو أنه وجد فرصتة مع بداية الثورة. لذا كما ذكر من قبل عندما استدعيت قواته للخرطوم لقمع الثورة احضرها لكن رفض تنفيذ المهمة، مما اربك الاجهزة الامنية للنظام المخلوع. و يبدو أن العلاقات الإقليمية والدولية التي طورها في السنوات الأخيرة خاصة مع الامارات ساعدته على تولي منصب نائب المجلس العسكري الانتقالي بعد سقوط البشير. لكن تورط قواته في مجزرة فض الاعتصام امام مقر القيادة العامة للجيش زاد من العداء لها حيث كان لها تاريخ دموي في دارفور و مناطق اخري. لكن مع استمرار الثورة و توقيع اتفاق الشراكة بين العسكر و المدنيين تم تعيينه نائباً لمجلس السيادة في الحكومة الانتقالية، علما بأن هذا المنصب غير موجود بحسب الوثيقة الدستورية. ورغم تورطه في الانقلاب الذي أجهض مسار التحول الديمقراطي، إلا أن الخلاف بينه وبين البرهان بدأ بعد أن أدرك أن الهدف هو عودة الإسلاميين. وقد استغل فرصة الاتفاق الإطاري للتقرب من قوى الحرية والتغيير وقدم نفسه كحامي للانتقال الديمقراطي. الا ان الرغبة القوية لاسلامي النظام المخلوع في استعادة السلطة أجبرت هذا الجنرال الطموح على خوض هذه الحرب المريرة.
5. التدخلات الدولية في السودان وعواقب الحرب
لم تكن هذه الحرب مفاجأة، إذ كانت هناك علامات واضحة على أنها قادمة. لكن كان من الممكن تجنب ذلك لو أن الأطراف السودانية والقوى الإقليمية والدولية تخلت عن مصالحها الضيقة وتضافرت جهودها لإنجاح التحول الديمقراطي. ولن تؤثر هذه الحرب على أمن واستقرار السودان فحسب، بل ستؤثر أيضا على منطقة القرن الأفريقي والساحل والدول العربية. فضلا عن تأثيرها الدولي، وخاصة زيادة تدفقات الهجرة عبر البحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا. ومن ناحية أخرى فإن هذه الحرب ستهدد مصالح الدول الإقليمية والدولية الطامعة والمتنافسة على ثروات السودان، وهو ما قد يدفعها للتدخل. ونتيجة لذلك، قد تتسع دائرة العنف وسيصبح السودان مسرحاً دولياً للحرب، كما حدث في بلدان أخرى.
وبالنظر إلى مواقف الدول الاقليمية، من الواضح أن هناك خلافات بين الدول العربية بشأن الوضع السياسي في السودان. وفي حين كانت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة مشرفة علي الاتفاق السياسي قبل الحرب، لم تكن مصر سعيدة به. ويبدو أن الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، المعارضتين للإسلام السياسي، أيدتا الاتفاق السياسي بعد أن اتضح أن انقلاب 25 أكتوبر 2021 ساعد الإسلاميين على العودة. وهو نفس موقف قائد قوات الدعم السريع الذي تربطه علاقات وثيقة مع البلدين، خاصة مع دولة الإمارات العربية المتحدة. التي يعتقد أنها زودت قوات الدعم السريع بالأسلحة مقابل الذهب. وعلى الرغم من معارضة النظام المصري للإسلام السياسي، إلا أنه ينظر إلى الجيش كحليف استراتيجي، خاصة فيما يتعلق بالتنسيق حول الموقف من سد النهضة الإثيوبي. ولذلك لم تكن مصر متحمسة لحل سياسي يستبعد الجيش لصالح حكومة مدنية. وهناك مخاوف حاليا من أن تتدخل مصر لدعم الجيش، الأمر الذي سيطيل أمد الحرب ويسمح لأطراف أخرى مثل الإمارات العربية المتحدة وروسيا بالدخول. لكن وفقا لإعلان جدة الصادر في 19 مايو، اتخذت جامعة الدول العربية موقفا محايدا من الجانبين وشددت على ضرورة منع أي تدخل خارجي في الشؤون السودانية.16
أما موقف الولايات المتحدة الامريكية، فبالرغم من حماسها للتحول الديمقراطي في السودان، إلا أنها لم تقدم الدعم اللازم في الوقت المناسب للحكومة الانتقالية.17 وبعد أن قطع انقلاب البرهان-حميدتي مسار التحول الديمقراطي، دعمت الولايات المتحدة الحل التفاوضي و الاتفاق السياسي الذي كان سببا في اندلاع الحرب. والآن تحاول الولايات المتحدة الحفاظ على نفس المسافة من طرفي النزاع. وكان متوقع ان يكون موقف الولايات المتحدة ضد البرهان الذي أحبط الاتفاق السياسي بضغوط من النظام المخلوع الذي كان مصنفا داعما للإرهاب. من ناحية أخرى، أيد حميدتي الحل السياسي وقال إنه ضد عودة النظام المخلوع ووصف قادته بالإرهابيين رغم ذلك لم تصرح الولايات المتحده بدعمه. و يبدو أن الولايات المتحدة تواجه خياراً صعباً: بين جيش رسمي، ولو أنه جيش اختطفه إسلاميو النظام المخلوع، وقوة شبه عسكرية غير منضبطة نشأت من ميليشيات سيئة السمعة. لكن هذا الموقف المحايد قد لا يستمر إذا فشلت الوساطة في إنهاء هذا الصراع المدمر الذي يهدد مصالح الولايات المتحدة الامريكية و التي تشمل: أولاً، يعد أمن البحر الأحمر مهماً للغاية، خاصة وأن طرفي الصراع يحتفظان بعلاقات مع روسيا و موافقان على إنشاء قاعدة عسكرية روسية، وهو ما وعد به البشير خلال زيارته لروسيا عام 2018. ثانياً، أمن إسرائيل، وهنا تجدر الإشارة إلى أن الجنرالين يؤيدان التطبيع مع إسرائيل. ثالثا، مكافحة الإرهاب، وهنا موقف طرفي الحرب مختلف الي حد ما. ان الإسلاميين المتشبثين بالسلطة اذا لم يستطيعوا حسم المعركة قد يطلبون المساعدة من الإرهابيين في المنطقة مثل بوكو حرام وغيرها. ومع ذلك، لا يمكن الاعتماد على قوات الدعم السريع غير المنضبطة لدعم التحول الديمقراطي وتحقيق الاستقرار في المنطقة.
اما الاتحاد الأوروبي فلم يفعل ما يكفي لإنجاح التحول الديمقراطي و دعم الاستقرارعلى الرغم من ان السودان يعتبر دولة عبور و مصدر للهجرات القسرية من افريقيا جنوب الصحراء الي اوربا. ويبدو الآن أن دول الاتحاد الاوربي و بريطانيا لا تملك العلاقة ولا النفوذ لإجبار الطرفين المتحاربين على التفاوض. ويبدو أيضًا أن الاتحاد الأوروبي، المنشغل بالحرب الأوكرانية الروسية، قد ترك قضية السودان للولايات المتحدة. واصبح دور الاتحاد الأوروبي مقتصراً على تقديم المساعدات الإنسانية للسكان المدنيين ودعوة طرفي النزاع إلى وقف إطلاق النار.18
بالنسبة لروسيا فقد كان لديها علاقات وثيقة مع طرفي الصراع، ولها بالفعل وجود في السودان من خلال مجموعة فاغنر، التي تقوم بالتنقيب عن الذهب منذ عام 2017. و كانت تقوم بتدريب القوات الأمنية، بما في ذلك قوات الدعم السريع، وتقدم المشورة للقادة الحكوميين و المساعدة الفنية لوسائل الإعلام.19 كما انها تسعي إلى إنشاء قاعدة عسكرية على البحر الأحمر بدعم من الجنرالين. إلا أن هذا الخلاف بينهما و الذي تحول إلى حرب ادخل روسيا ايضا في مأزق، لأنها ستخسر الكثير إذا دعمت الجانب الخطأ. ولذلك فإن روسيا مستمرة في مراقبة الوضع في السودان، وقد تتدخل لدعم احد الجنرالين إذا تدخلت أطراف خارجية، خاصة الأمريكية لدعم احدهم.
اما الدول المجاورة و خاصة مصر وجنوب السودان وتشاد التي تضررت بشدة من تدفق اللاجئين تحاول دفع الاتحاد الافريقي لاخذ زمام المبادرة، خاصة و انه كان جزء من الثلاثية الراعية للاتفاق السياسي. واجتمع مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي لمناقشة الوضع في السودان و شدد البيان الختامي على وقف إطلاق النار الفوري والدائم والشامل. كما أكد على توحيد المبادرات لإطلاق عملية سلام واحدة وشاملة وموحدة في السودان، لا تشمل الطرفين المتحاربين فحسب، بل كل الحركات المسلحة. كما شدد علي ضرورة اشراك جميع الأحزاب السياسية والمنظمات المدنية و الاجتماعية. وان تيتم التفاوض برعاية مشتركة من الاتحاد الأفريقي، والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد)، وجامعة الدول العربية، والأمم المتحدة.
6. خاتمة
وفي الختام، فإن الانتهاكات المتكررة لاتفاق وقف إطلاق النار تؤكد أن الجانبين سيخوضان حربا مريرة وطويلة لتحقيق نصر حاسم، دون الاكتراث بالوضع الإنساني الكارثي، خاصة في الخرطوم المكتظة بالسكان. لذلك يجب على القوى الدولية والإقليمية أن تتحمل مسؤولياتها وتضغط علي الطرفين على التوقف عن إطلاق النار والجلوس للمفاوضات. كما يجب مراقبة الحدود البرية والبحرية والمجال الجوي لضمان عدم دخول أي أسلحة اضافية. ومن ناحية أخرى، من المهم للغاية تنظيم كافة الكتل والمنظمات والمجموعات والأفراد السودانيين المعارضين للحرب والتدمير الممنهج للبلاد في هيكل تنظيمي موحد يقدم رؤية موحدة للحل و لسودان المستقبل و بالتالي لعب دور مفتاحي في المفاوضات.
المراجع
CNN (May 28, 2023) Nearly 1.4 million people displaced in Sudan since civil war erupted, UN report says1.
2. المصدر السابق
Flint, J. (2009) Beyond ‘Janjaweed’: Understanding the Militias of Darfur3.
4. المصدر السابق
5. المصدر السابق
6. المصدر السابق
7. المصدر السابق
8. المصدر السابق
9. المصدر السابق
10. المصدر السابق
11. حمدنا الله، س (3 ديسمبر 2017) دولة دقلو قادمة
Ahmed, Hassan Elhag Ali ()EMBEDDED UNIFORMS The war in Darfur, Militias, Paramilitaries, and the rise of The Rapid Support Forces12.
Simon Marks, Michael J Kavanagh and Verity Ratcliffe (2021) Dubai Can’t Shake Off the Stain of Smuggled African Gold,13.
Amin, M. (22. 06. 2019) Sudanese forces fighting in Yemen: Official14.
Hamedte (2018) What Hamedte said to the European Union”, Link:https://www.youtube.com/watch?v=aCv7LYhjNQA&t=10s15.
16. إعلان جدة، البيان الختامي للقمة العربية في السعودية
Foreign policy (20. 4. 2023) In Sudan, U.S. Policies Paved the Way for War17.
European Commission () Humanitarian crisis in Sudan: 5 ways the EU is helping18.
Sudan tribune (no date) Sudan, Russia agree to promote military cooperation19.
marfa_1998@hotmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الإمارات العربیة المتحدة قائد قوات الدعم السریع قوى الحریة والتغییر الحکومة الانتقالیة الإقلیمیة والدولیة التحول الدیمقراطی الولایات المتحدة الاتحاد الأوروبی العربیة السعودیة الاتفاق السیاسی القوات المسلحة النظام المخلوع المجلس العسکری الدول العربیة المصدر السابق بالإضافة إلى إطلاق النار الخلاف بین فی المنطقة فی السودان موسى هلال فی دارفور هذه الحرب إلا أنه یبدو أن أکثر من لم تکن کما تم وهو ما إلا أن الا ان
إقرأ أيضاً:
“الدعم السريع” تتهم الجيش السوداني بالاستعانة بخبراء من «الحرس الثوري» الإيراني .. أعلنت تدمير طائرات ومسيّرات حربية شمال أم درمان
بعد ساعات قليلة من إعلان الجيش السوداني استرداد مدينة سنجة، حاضرة ولاية سنار، أعلنت «قوات الدعم السريع» تنفيذ ما أسمتها «عملية نوعية» في منطقة وادي سيدنا العسكرية شمال مدينة أم درمان، ودمّرت عدداً من الطائرات الحربية والمسيّرات والآليات، «واستهدفت خبراء أجانب تابعين للحرس الثوري الإيراني»، يعملون في المنطقة العسكرية المهمة، وذلك من دون تعليق من الجيش على ذلك.
وقال الناطق الرسمي باسم «قوات الدعم السريع»، في نشرة صحافية (الأحد)، إنها نفَّذت فجراً «عملية نوعية ناجحة، استهدفت منطقة وادي سيدنا العسكرية بأم درمان، ودمَّرت خلالها عدداً من الطائرات الحربية من طراز (أنتنوف)، ومقاتلات من طراز (K8) صينية الصنع، وعدداً من المسيّرات والمعدات العسكرية في قاعدة وادي سيدنا الجوية بالمنطقة العسكرية».
ولم يصدر أي تعليق من الجيش على مزاعم «قوات الدعم السريع»، وسط ترحيبه الكبير باسترداده مدينة سنجة، حاضرة ولاية سنار، التي كانت قد فقدتها في يونيو (حزيران) الماضي... وعادة لا يشير كلا الطرفين، إلى خسائرهما في المعارك.
وتضم منطقة وادي سيدنا العسكرية التي تقع شمال مدينة أم درمان، أكبر قاعدة جوية عسكرية، وفيها المطار الحربي الرئيس، إلى جانب الكلية الحربية السودانية، وبعد اندلاع الحرب تحوَّلت إلى المركز العسكري الرئيس الذي يستخدمه الجيش ضد «قوات الدعم السريع».
وقال البيان: «إن العملية النوعية التي نفَّذتها القوات الخاصة التابعة للدعم السريع، تأتي تنفيذاً للخطة (ب)، التي أعلن عنها قائد القوات محمد حمدان دقلو (حميدتي) في آخر خطاباته الجماهيرية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي»، عقب خسارة قواته منطقة جبل موية الاستراتيجية بين ولايات سنار والجزيرة والنيل الأبيض.
وتوعدت «الدعم السريع» بمواصلة «العمليات الخاصة النوعية»، لتشمل «جميع المقرات والمواقع العسكرية لميليشيات البرهان والحركة الإسلامية الإرهابية»، واعتبارها أهدافاً في متناولها.
ووعدت بحسب البيان، بأن تكون الحرب الحالية «آخر الحروب» في البلاد، وبإنهاء ما أسمتها «سيطرة الحركة الإسلامية الإرهابية على بلادنا»، و«إعادة بناء وتأسيس الدولة السودانية على أسس جديدة عادلة، تحقق السلام والاستقرار والعدالة لجميع الفئات السودانية، التي عانت من ظلم واستبداد الدولة القديمة».
وعلى صفحته بمنصة «إكس»، قال مستشار قائد «قوات الدعم السريع»، الباشا طبيق، إن «خبراء أجانب يعملون مع الجيش في قاعدة وادي سيدنا الجوية، وإن معظمهم تابعون للحرس الثوري الإيراني، استهدفتهم العملية»، وإن ما أُطلق عليه «دك وتجفيف منابع الإرهاب» يعدّ من أولويات الخطة (ب) التي أعلن عنها حميدتي أخيراً.
وفي النيل الأبيض، اقتحمت «قوات الدعم السريع» المناطق الشمالية لمدينة الدويم، بولاية النيل الأبيض، وعند محور الأعوج وقرى المجمع، والسيال، واللقيد، وشمال الأعوج، التي لجأ إليها عددٌ كبيرٌ من الفارين من القتال، وأطلقت الرصاص؛ ما أدى لمقتل شخص واحد على الأقل، وإصابة آخرين.
واستنكر الناشط المتابع للأحداث محمد خليفة، وفقاً لحسابه على «فيسبوك»، الذي يتابعه مئات الآلاف، «عدم تصدي القوات المسلحة للقوات المهاجمة؛ دفاعاً عن المواطنين». وقال: «إن القرى والبلدات التي اقتحمتها (قوات الدعم السريع)، تبعد عن منطقة تمركز بنحو كيلومترين فقط...قوات الجيش لم تتحرك من مكانها، وقوات الميليشيا لا تزال في تلك المناطق المنتهكة».
وكان الجيش قد أعلن (السبت) استرداد مدينة سنجة، حاضرة ولاية سنار، من قبضة «الدعم السريع»، أسوة باسترداد المدن والبلدات الأخرى جنوب الولاية مثل الدندر، والسوكي. وقال القائد العام، الفريق أول عبد الفتاح البرهان الذي وصل إلى المدينة غداة استردادها، إن قواته عازمة على «تحرير كل شبر دنسه العملاء والخونة، ودحر الميليشيا الإرهابية التي تستهدف وحدة السودان».
الشرق الأوسط: