العيد التاسع والخمسين لثورة أكتوبر 1964
تاريخ النشر: 25th, October 2023 GMT
أكتوبر "ثورة" وما "ثورة" في كتاب واحد لمنصور خالد وعلى بعد 33 صفحة من بعض
بان لي تشوشنا حيال ثورة اكتوبر 1964 في أسطع تجلياته في لقاء لي بالنيل الأزرق بالأستاذ الطاهر حسن التوم. قرأ عليّ الطاهر نصاً من كتاب منصور خالد "النخبة السودانية وإدمان الفشل، الجزء الأول" بطريقته المميزة في إرباك من يحاوره عن أفكاره الثوابت، أو المعدة، إلى تلك التي ينبغي أن يفكر فيها من جديد.
نفى منصور في رواية الطاهر أن تكون أكتوبر "ثورة". وسماها كذلك (أي ثورة) من باب التبسيط. فالثورة في قول منصور صناعة للتاريخ ولها مقومات لم تتوفر في أكتوبر. وسنترك جانباً قوله إن "الثورة" (التي نعرب بها كلمة "ريفليوشن" الأوربية) مشتقة في اللغة العربية من الهياج فنقول مثلاً ثارت "الفتنة". وهذا خلافاً ل"ريفليوشن" الإنجليزية". ولا ندري أنفى منصور صفة "الثورة" عن أكتوبر ب"العربي أم الإنجليزي"؟
أما منصور صفحة 75 فمن أرشق من رأيت تحليلاً لأكتوبر كثورة في دلالتها الإنجليزية لو شاء. فقال إنه لا يعادل أكتوبر في الخطر التاريخي سوى مؤتمر الخريجين (1938). فقوامها شارع تقوده قوى حديثة مصممة على الانعتاق من ربقة القديم إلى رحاب الجديد وهو انتقال إلى لب السياسة. فشعارها "لا زعامة للقدامى" صيحة لنبذ الرث القديم ومقدمة لأجندة عريضة لإعادة بناء السياسة السودانية بواسطة قوى حديثة مدعوة لشحذ فكرها ومنهجها. وعدّد الجديد الذي جاءت به أكتوبر. فهي عنده أبرزت قضية الجنوب كأولى قضايا الحكم والسياسة بانعقاد مؤتمر المائدة المستديرة في 1965. وحولت بشكل عام الخلاف من اقتتال حول الكراسي إلى خلاف حول جوهر الحكم. وفرضت ما سماه "عدوى التغيير" على القوى التقليدية فصارت تلهج بالاشتراكية مثلاً ولو لغطاً. ولو اعتنى منصور بالجندر لقال إنها هي التي أضفت المواطنة على المرأة. ولو نظر إلى الشباب لقال إنها أضفت عليهم تلك المواطنة من عمر الثامن عشر ربيعاً.
ما راب منصور صفحة 42 من أكتوبر هو عاقبتها لا واقعتها. فهو أيضاً من أميز نقاد الثورة وأنفذهم. فهو يأخذ عليها ضعف سقفها الثوري. فميثاقها لم يحمل أجندة التغيير التي أرقت الهامش فحمل السلاح للفت النظر إلى مصابه. فما جاء في الميثاق مطابق لرغبات صفوة جبهة الهيئات، مركز قيادة الثورة، مثل إطلاق الحريات العامة واستقلال القضاء والجامعة. ووفر منصور سخريته لتَذَكُر الصفوة في ميثاقها أن تقوم سياسة السودان الخارجية على الحياد ومعاداة الاستعمار ونسيانها المسألة الاجتماعية للغبش السودانيين. وبالطبع لن نتصور، إلا على سبيل المزايدة، أن إطلاق الحريات واستقلال القضاء انصراف عن الغبش، أو لا يخدم مسألتهم.
قد يستغرب منصور هنا أنه تطابق في نقده للثورة مع الشيوعيين الذين ربما عناهم بغرغرة الشعارات ونحوها. فلو قرأ "الماركسية وقضايا الثورة السودانية" لوجده يحلل الثورة من جهة قيادتها البرجوازية الصغيرة التي تجمعت في جبهة الهيئات. وانطبق عليها في تحليلهم ما أخذه منصور على قيادة الثورة من غياب الرؤية واستسهال التغيير وغيره كثير.
على أنني سيء الظن بتدريب منصور في البحث التاريخي إلا انني لم أصدق أن بلغ به الأمر حد أن تنازعناه، الطاهر وأنا، على شاشة التلفزيون: يرى فيه الطاهر رأياً على صفحة 42 وأرى فيه رأياً على صفحة 75. وتقول كده يمرقوك من البلد "الجفوك عمدو وأبوك نظارو".
IbrahimA@missouri.edu
////////////////////
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
بعيو: لا بد من ثورة اجتماعية كبرى تحرر الليبيين من سوق نخاسة الدولة
أكد رئيس المؤسسة الليبية للإعلام، محمد عمر بعيو، أنه لا بد من ثورة اجتماعية كبرى تحرر الليبيين من سوق نخاسة الدولة.
وقال بعيو، في منشور عبر «فيسبوك»: “نحن نستطيع أن نعيش كما نُريد إذا تعلمنا كيف نعيش بما نستطيع، نحن شعب أُلغيت من وجوده وثقافته قيمة العمل ومعنى التنافس والسعي إلى التفوق، وربط التميز بالقدرات والجهود الذاتية وليس بالوراثة والوساطة، وتغول الأبناء بإمكانيات الآباء التي حصلوا عليها بسطوة السلطة وختم السلطان لا بقوة العمل وقدرة العقل”.
وأضاف “منذ ألغى معمر القذافي رحمه الله وسامحه الله العمل الحر والمبادرة الفردية قبل ما يقرب من نصف قرن، وحول كل الليبيين الموجودين آنذاك والمتعاقبين حتى اليوم وربما حتى نصف قرن آخر، إلى موظفين لا يعملون في دولة لا تستعملهم في ما ينفعها وينفعهم، جعلتهم عبيداً لها تلقي إليهم بالقليل الذي يرضيهم، وتمُن عليهم بما هو حقهم لديها وليس حقها عليهم، وتحتفظ هي بالكثير تنفقه دون حسيب ولا رقيب، كان لابد أن يأتي يوم {وقد أتى} يفقد فيهم هذا الشعب إنسانيته دون أن يشعر حين يفقد فيه قوة الأمل وقدرة العمل، وحق التميز بالكفاءة وطموح العلو والإرتقاء”.
وتابع “لابد من ثورة اجتماعية كبرى تحرر الليبيين من سوق نخاسة الدولة التي حين كانت قوية ركبت عليهم واستعبدتهم، وحين صارت ضعيفة وخارت قواها سقطت عليهم وسحقتهم”.
واستطرد “أيها الليبيون هبّوا قبل فوات الأوان {وقد أوشك أن يفوت} لتحرروا عقولكم من أكاذيب المتفضلين عليكم بما لا يملكون من فضل وما يفتقدون من فضائل، واستعيدوا ثرواتكم من عصابات اللصوص التي أفقرتكم واحتقرتكم وذات ليل ستغادركم بعد أن تكون غدرت بكم تاركةً بلداً كان نعيماً غدقا قاعاً صفصفا”.
الوسوم«بعيو» الليبيون ليبيا