كيف يمكن فهم العلاقات بين يريفان وطهران؟
تاريخ النشر: 25th, October 2023 GMT
يخالج الأرمن شعور بالإحباط المتزايد من التقاعس الغربي في مواجهة التطهير العرقي.. فقبل خمسة أيام فقط من تحرك القوات الأذربيجانية للقضاء على الحكم الذاتي الأرميني في ناغورني قرة باغ، قال القائم بأعمال مساعد وزير الخارجية يوري كيم أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ: "لن نتسامح مع أي هجوم على شعب ناغورني قرة باغ".
على الرغم من هذه الضجة لا تشتري أرمينيا أسلحة من إيران
وعلى الرغم منن ذلك، تهاونت إدارة بايدن.. وفي أعقاب الخطوة الأذربيجانية التي دفعت أكثر من 100 ألف من الأرمن الأصليين في المنطقة إلى الفرار، لم تتجاوز ردة فعل وزارة الخارجية الأمريكية تصريحاً مندداً.
وحسب مايكل روبين باحث أول في معهد أمريكان إنتربرايز، فإن سبب التقاعس متعدد الجوانب، هو أن الولايات المتحدة مشتتة في مكان آخر.. وسرعة الإجراءات الأذربيجانية خلقت أمراً واقعاً.
وبينما ترسم أذربيجان صورة لنفسها موالية للغرب وإسرائيل، حافظت أرمينيا على علاقات متينة بروسيا وإيران.. ودفع شعور الأرمن بالخيانة، يريفان إلى النأي بنفسها عن روسيا، فما حقيقة العلاقات بين أرمينيا وإيران؟
أرمينيا وإيران.. علاقات وثيقةيقول الباحث في تحليل بموقع "ناشونال إنترست": ترتبط أرمينيا بعلاقات وثيقة بإيران.. ففي عام 2021، بلغ حجم التجارة بين البلدين 471 مليون دولار سنوياً، وتعادل تجارة أرمينيا مع إيران تجارة أذربيجان مع الجمهورية الإسلامية.. لكن، في السنوات الأخيرة، يبدو أن تجارة أذربيجان شهدت نمواً بالتزامن مع التحاق نظام الرئيس إلهام علييف بمنظومة تبادل الغاز وخطة التجارة مع إيران.
وفي الوقت عينه، بلغت تجارة تركيا مع إيران نحو 6.4 مليار دولار، أي أن تجارة تركيا مع إيران تُعادل ميزانية أرمينيا بأسرها.
علاقة ضروريةوأوضح الباحث أن الفارق بين أرمينيا من جهة وأذربيجان وتركيا من جهة أخرى هو أن علاقة يريفان بطهران ضرورة، في حين أن علاقات باكو وأنقرة بطهران قائمة على الجشع والاختيار الطوعي.
لدى أرمينيا حدان مفتوحان وآخران مغلقان منذ عقود.. وكان الحصار الذي ضربته أذربيجان على ناغورني قرة باغ شكلياً، غير أن تركيا لم يكن لديها نزاع حدودي مع أرمينيا.. وحصارها غير قانوني بموجب معاهدة عام 1921 التي نصت على "حرية عبور الأفراد والسلع من دون أي عائق" بين تركيا وأرمينيا وجورجيا، ويجبر الحصار التركي أرمينيا على الاعتماد على نظام النقل الإيراني.. ولأن اقتصاد التصدير في أرمينيا يعوّل على الزراعة والتصنيع، فإن القدرة على تحمّل التكاليف تعتمد على الوصول إلى الأسواق براً.
وذكر الكاتب: "إذا خُيّر المستهلكون بين الرمان المنقول بالشاحنات والرمان الأكثر تكلفة أضعافاً مضاعفة بسبب تكلفة النقل الجوي، فسيختارون الأول.. وإذا كان الهدف تقويض تجارة أرمينيا مع إيران أو تدميرها، فأفضل طريقة هي مطالبة تركيا برفع حصارها الأحادي الجانب.. وسيكون استهداف تركيا ميزة إضافية لإسرائيل نظراً إلى النحو الذي تنافس به تركيا قطر على التمثيل الدبلوماسي والمالي لحركة حماس، وتمر حركة التجارة أيضاً عبر جورجيا، غير أن تحيزها لروسيا يعرّض هذا الطريق المحدود أصلاً للخطر".
For Western pundits supporting Azerbaijan against Armenia because of Armenia-Iran ties @mrubin1971 points out: "Armenia’s trade with Iran is equivalent to Azerbaijan’s" while Turkey’s "approximately $6.4B trade with Iran" equals Armenia's budget.https://t.co/qA98D1H2l7
— Jackie Abramian (@jackhar) October 24, 2023وأضاف روبين: لا يعني ذلك أن تجارة أرمينيا مع إيران ليست إشكالية أحياناً.. تتعاون أرمينيا مع الولايات المتحدة والغرب للحد من تجارتها الضرورية، وإبقاء الأموال بعيداً عن متناول الحرس الثوري الإيراني.. وتتشاور يريفان مع إيران لتوفير السلع مقابل الكهرباء لضمان عدم ضخ أموال إلى إيران.. ويزداد هذا المنظور أهمية بالتزامن مع تفكير الأرمن في حتمية قطع روسيا الغاز عن أرمينيا، في وقت مبكر من شتاء هذا العام عقاباً لها على تحيزها للغرب، ويحتكر الحرس الثوري الإيراني الغاز والنفط الإيرانيين.. لذلك فصفقات الطاقة بين أذربيجان وإيران تساعد الإرهابيين الذي يدعي نظام علييف محاربتهم.
"Understanding the Armenia-Iran Relationship"
(My latest in @TheNatlInterest on the long maligned but misunderstood and exaggerated ties between #Armenia and #Iran. #Turkey, #Azerbaijan ties with Iran are greater)
https://t.co/abByZoUhoN
ولفت الكاتب إلى أنه وفي أحدث صفقة بين الجانبين، ستقدم شركة لوك أويل الروسية لشركة سوكار الحكومية الأذربيجانية قرضاً بقيمة 1.5 مليار دولار، على أن توفر لوك أويل النفط الخام لمصفاة سوكار في تركيا.. وبذلك ستضخ روسيا الأموال في شركة النفط الحكومية الأذربيجانية لملء خزائن أحد كبار ممولي حماس، وبينما تسعى أذربيجان للاستفادة من التجارة الإيرانية، لا تسعى أرمينيا إلى إبرام صفقات تجارة حرة ولا تستقطب استثمارات إيرانية ضخمة.
أرمينيا بر الأمان للفارين الإيرانيين وعلى الرغم من هذه الضجة، لا تشتري أرمينيا أسلحة من إيران.. وبدلاً من ذلك، لجأت أرمينيا إلى الهند كلما احتاجت إلى أسلحة، والواقع أن أرمينيا تسير على خطى قبرص فيما يختص بتنفيذ إجراءات صارمة لمكافحة غسل الأموال.. وعلى الرغم من الضغوط الهائلة من طهران، لم تقمع أرمينيا المعارضين الإيرانيين الذين يفرون إليها هرباً من القمع المتزايد في إيران، والحقيقة أنه في حين تعيد تركيا الإيرانيين إلى طهران، اشتهرت أرمينيا بأنها محطة يصل منها الإيرانيون الفارون إلى بر الأمان في أوروبا أو أمريكا.المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة أرمينيا على الرغم من أرمینیا مع مع إیران
إقرأ أيضاً:
الأحجار الكريمة في أفغانستان.. تجارة عالمية في مواجهة التحديات
كابل- تُعرف أفغانستان بثروتها الهائلة من الأحجار الكريمة وشبه الكريمة، حيث تضم أكثر من 120 نوعًا، من أبرزها الزمرد، الياقوت، اللازورد، التورمالين، والعقيق.
تاريخيًا، كانت الأحجار الكريمة الأفغانية مطلوبة في الأسواق العالمية، خاصة في الهند، إيران، الصين، وأوروبا.
رغم هذه الثروة، يواجه القطاع تحديات عديدة، من بينها تراجع الطلب المحلي، وضعف البنية التحتية، والتهريب، وغياب مراكز متطورة للمعالجة والتصدير.
وعلى الرغم من الجهود الحكومية لتنظيم السوق وتعزيز الاستثمارات، لا تزال العقبات قائمة، مما يطرح تساؤلات حول مستقبل هذا القطاع في الاقتصاد الأفغاني.
السوق التقليدي في كابليُعد سوق التحف القديمة (كوچه انتیک فروشى) في كابل من أهم مراكز تجارة الأحجار الكريمة في أفغانستان. كان هذا السوق، لعقود طويلة، وجهة للتجار والمستثمرين المحليين والدوليين، حيث تُباع فيه المجوهرات التقليدية والأحجار الخام والمصقولة.
يتميز السوق بتقديم مجموعة واسعة من الأحجار الكريمة، سواء كانت خامًا أو مصقولة، بالإضافة إلى المجوهرات التقليدية المصنوعة يدويًا. يعد هذا السوق مركزًا هامًا للتجار الباحثين عن الأحجار النادرة ذات الجودة العالية.
إعلان أبرز المعروضات في السوق: اللازورد الأفغاني: يُستخرج من ولاية بدخشان، ويتميز بلونه الأزرق العميق. الزمرد البنجشيري: يُستخرج من وادي بنجشير، وهو من أجود أنواع الزمرد عالميًا. الياقوت الأحمر: حجر نادر وثمين يُباع بأسعار مرتفعة لنقاوته العالية. التورمالين والعقيق: يُستخدمان في صناعة المجوهرات الفاخرة. المجوهرات الفضية التقليدية: قلائد وخواتم مرصعة بالأحجار الكريمة، مشغولة يدويًا بأسلوب أفغاني تقليدي. الخناجر والتحف المزخرفة: خناجر وسيوف مزينة بالأحجار الكريمة، تجذب السياح وهواة التحف.على الرغم من تنوع المعروضات، يعاني السوق من تراجع في الطلب بسبب الأوضاع الاقتصادية، مما أدى إلى إغلاق العديد من المحلات التجارية أو تقليص أعمالها.
أسباب تراجع الطلبشهد السوق خلال السنوات الماضية تراجعًا حادًا في المبيعات. ويُرجع التجار هذا الانخفاض إلى تراجع القوة الشرائية داخل أفغانستان بسبب الأزمة الاقتصادية، بالإضافة إلى خروج العديد من المستثمرين الأجانب بعد سيطرة طالبان على الحكم.
كما أن ارتفاع تكاليف الإيجارات والضرائب أجبر بعض المحلات على الإغلاق.
يقول محمد فهيم نعيمي -أحد أقدم تجار السوق- "أعمل في هذا السوق منذ أكثر من 50 عامًا، وشهدت العديد من الأنظمة والحكومات، لكن لم يكن السوق في حالة من الجمود كما هو اليوم.
ويضيف للجزيرة نت "خلال العامين الماضيين، لم نشهد سوى التراجع والانكماش".
أما عبد الرؤوف، وهو تاجر شاب يعمل في السوق منذ أكثر من 15 عامًا، فيشير إلى أن غياب المشترين الأجانب أثر بشكل كبير على أعماله.
ويقول للجزيرة نت: "كان لدينا زبائن يأتون من أوروبا والصين والهند بشكل منتظم، لكن اليوم بالكاد نجد مشترين محليين، وهذا أجبرنا على تقليص حجم تجارتنا".
في محاولة لإنعاش تجارة الأحجار الكريمة، نظّمت وزارة المناجم والبترول مؤتمرًا حضره ممثلون من عدة دول ومسؤولون من البنك المركزي، بلدية كابل، ووزارات التجارة والصناعة والمناجم.
إعلانناقش المؤتمر إنشاء مركز حديث لمعالجة الأحجار الكريمة وفق المعايير الدولية، مما يسهم في تحسين جودة المنتجات وزيادة قيمتها السوقية قبل تصديرها.
يرى همايون أفغان، المتحدث باسم وزارة المناجم والبترول، أن إنشاء مراكز معالجة الأحجار الكريمة سيُحدث نقلة نوعية في القطاع.
ويقول للجزيرة نت: "الأحجار الكريمة الأفغانية لا يجب أن تُصدر كمواد خام، بل يجب معالجتها محليًا لرفع قيمتها وتحقيق عائدات أكبر للدولة".
تحديات تعيق تطوير القطاعرغم هذه الجهود، لا تزال هناك تحديات كبيرة، من أبرزها:
ضعف الطلب المحلي وتراجع الصادرات بسبب القيود المفروضة. التهريب المستمر للأحجار الكريمة إلى باكستان وإيران، مما يؤدي إلى فقدان الحكومة لعائدات كبيرة، حيث تتم معالجتها في تلك الدول ثم بيعها بأسعار مرتفعة.حسب بيانات وزارة الصناعة والتجارة، صدّرت أفغانستان خلال النصف الأول من عام 2024 أحجارًا كريمة وشبه كريمة بقيمة 21.7 مليون دولار.
ويؤكد أخندزاده عبد السلام جواد، المتحدث باسم الوزارة للجزيرة نت أن "هذا الرقم يعكس الإمكانات الهائلة التي يمتلكها قطاع الأحجار الكريمة في أفغانستان، لكنه لا يزال أقل بكثير من المتوقع بسبب القيود المفروضة على التجارة والتصدير".
مع استمرار الجهود الحكومية لإنشاء مراكز معالجة حديثة وتحفيز الاستثمار وتشديد الرقابة على التهريب، تبدو الآفاق واعدة.
وإذا نجحت هذه المبادرات، فقد يصبح قطاع الأحجار الكريمة محركًا رئيسيًا للاقتصاد الأفغاني، خاصة مع الثروة الهائلة التي تمتلكها البلاد من المعادن النادرة والثمينة.
ومع المزيد من الاستثمارات والتنظيم الفعّال، قد تستعيد أفغانستان مكانتها كأحد أهم مصدري الأحجار الكريمة في العالم.