هجوم حماس على إسرائيل.. لوموند: هذا ما قالته المخابرات الأميركية لنظيراتها الأوروبية
تاريخ النشر: 25th, October 2023 GMT
لم يذهل هجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الرأي العام فحسب، بل إن القادة في الدول الحليفة لإسرائيل لم يستوعبوا هم أيضا ما جرى في غزة التي انطلق منها المسلحون، وكان التأثير عظيما ومزعزعا لاستقرار المعسكر الغربي، حتى إن الولايات المتحدة اضطرت لتقديم تفسير لحلفائها الأوروبيين الرئيسيين بشأن هذا الفشل الكبير من الناحية الأمنية، وفق صحيفة لوموند.
وقالت الصحيفة -في تقرير بقلم جاك فولورو- إنها تمكنت من التعرف، من مصادر طلبت عدم الكشف عن هويتها، على جزء من هذه القصة التي قدمتها واشنطن لشركائها البريطانيين والفرنسيين والألمان، مما يسلط الضوء على حدود الاستخبارات الإسرائيلية والأميركية والدور المفرط الممنوح للمراقبة التكنولوجية، كما يؤكد أن حماس نفسها لم تتخيل أن عمليتها يمكن أن تصل إلى الحجم الذي وصلت إليه، وينفي أيضا وجود تنظيم مشترك مع إيران وحزب الله اللبناني.
ويؤكد استخلاص المعلومات الأميركي -وفق لوموند- أن الجناح السياسي لحركة حماس، كان قد "أُبعد عن إعداد الهجوم العسكري"، وأن الفرع العسكري وحده من كان يعمل عليه، كما أشار الأميركيون إلى أن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية الداخلية والخارجية، إذا كانت لديها مصادر بشرية داخل هذه الحركة، فإنها مرتبطة أساسا بفرعها السياسي.
أجهزة عمياء
وبالتالي، فإن أجهزة الأمن الإسرائيلية ظلت عمياء عن أنشطة الجناح العسكري لحماس، مع أن الاستخلاص الأميركي لا ينفي أن يكون بعض أعضاء الجناح السياسي وخاصة في غزة، قد حصلوا على معلومات مسبقة على أساس فردي، ولكنه يؤكد أن أجهزة المخابرات الإسرائيلية لم يكن لديها مخبرون بينهم، واستنتجت أن الفصل الصارم بين الفرعين السياسي والعسكري لحماس قد يكون أحد المفاتيح لفهم العملية التي أفلتت من كل الرادارات.
الفصل الصارم بين الفرعين السياسي والعسكري لحماس قد يكون أحد المفاتيح لفهم العملية التي أفلتت من كل الرادارات.
وقد عرت العملية عيوب الاستخبارات التكنولوجية الإسرائيلية المدعومة بشكل كبير من قبل الولايات المتحدة، إذ إن أدوات المراقبة الأميركية القوية الموجهة نحو قطاع غزة -وفق المعلومات التي تم إرسالها إلى الأوروبيين- لم تكن قادرة على التقاط إشارات تحذيرية تتعلق بالتحضير للهجوم، خاصة أن الجناح العسكري لحركة حماس يستخدم منذ فترة طويلة وسائل اتصال بدائية ولكنها فعالة، مما يحبط أحدث تقنيات الاعتراض.
وأوضحت الصحيفة أن تضاؤل اهتمام الاستخبارات الإسرائيلية بحماس بسبب الخيارات التكتيكية وأولويات سلطتها السياسية، ساهم في إهمال جبهة غزة، ونقل جزء كبير من القوات المسلحة إلى الضفة الغربية، حتى إنه طُلب من جهاز الأمن الداخلي (الشاباك) تركيز جهوده على أمن المستوطنات اليهودية لا على قطاع غزة.
لا مساعدة خارجية
أما الدرس الكبير الآخر الذي تعلمه الأميركيون من هذا الهجوم، وفق تقريرهم للأوروبيين، فهو أن حماس فاجأها عدم وجود رد فعل من جانب قوات الأمن الإسرائيلية، أو على الأقل، ما استغرقه الرد من وقت، إذ لم يكن المهاجمون يعتقدون أن بإمكانهم البقاء لفترة طويلة على الأراضي الإسرائيلية واحتجاز هذا العدد الكبير من الرهائن قبل العودة إلى غزة.
وأخيرا، عندما سئل الأميركيون والمخابرات الفرنسية عن وجود استعدادات منسقة مع المسؤولين التنفيذيين في حزب الله والنظام الإيراني خلال الاجتماعات التي تم تنظيمها في لبنان، نفوا أن تكون حماس قد استفادت من أي مساعدة خارجية لشن الهجوم.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
تحقيقات تكشف انهيار جيش الاحتلال في 7 أكتوبر.. الضيف فكر بإلغاء الهجوم
كشف الصحفي الإسرائيلي رونين بيرغمان عن وثائق عسكرية سرية توضح كيف انهار جيش الاحتلال الإسرائيلي وأجهزة الاستخبارات عقب إطلاق المقاومة الفلسطينية معركة "طوفان الأقصى" في السابع من تشرين الأول /أكتوبر عام 2023.
وأشار بيرغمان في تقرير نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، إلى أن تحقيقا داخليا في جيش الاحتلال الإسرائيلي، يستند إلى وثائق عثر عليها داخل أنفاق في غزة، بالإضافة إلى شهادات مسؤولين كبار، كشف عن "سلسلة من أوجه القصور العميقة" التي أدت إلى الفشل العسكري الإسرائيلي في ذلك اليوم.
وكشف التحقيق أن قائد هيئة أركان كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، الشهيد محمد الضيف، فكر في الساعة الخامسة صباحا بإلغاء الهجوم، مشيرا إلى أنه "لم يصدق أن الجيش الإسرائيلي لا يزال لا يفعل شيئا"، وخشي أن يكون الأمر "فخا إسرائيليا".
وأضاف بيرغمان أن الضيف وضع شرطين لإلغاء العملية، أولهما "ظهور مسيرات إسرائيلية فوق قطاع غزة"، والثاني "رصد تحرك الدبابات الإسرائيلية نحو مواقعه"، لكنه تلقى إجابة من مقاتليه "لا يوجد شيء"، ما جعله يقتنع بأن جيش الاحتلال الإسرائيلي لم يكن مستعدا للهجوم.
ولفت التقرير إلى أن حماس كانت على دراية بوسيلة دفاع حساسة خاصة بالمدرعات الإسرائيلية، لكن "شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان) وقادة فرقة غزة لم يبلغوا الطواقم المدرعة بهذه الثغرة".
كما شدد على أن "الأداة السرية"، وهي قدرة تكنولوجية متطورة تمتلكها شعبة الاستخبارات للوصول إلى أسرار حماس، لم تقدم أي معلومات تحذيرية قبل الهجوم، ما يعكس فشلا استخباراتيا واسع النطاق.
وأشار التحقيق إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي عقد ثلاث مداولات أمنية في الليلة السابقة للهجوم، لكن "لم يتم التطرق خلالها إلى خطة حماس العسكرية".
وكشف بيرغمان أن وثائق عثر عليها داخل أحد الأنفاق في غزة أظهرت أن حماس كانت تخطط للهجوم منذ عام 2022، حيث كان من المقرر أن يُنفذ خلال الأعياد اليهودية، لكنه تأجل "بسبب عدم استعداد إيران وحزب الله".
وأوضح أن مجلس الحرب التابع لحماس حدد في أيار /مايو 2023 موعد تنفيذ الهجوم، حيث قال أحد القادة في اجتماع سري: "نعم، الموعد هو 7/10/2023، عيد فرحة التوراة – إجازة رسمية في الجيش الإسرائيلي".
ووفقا للتقرير، فإن جيش الاحتلال الإسرائيلي كان لديه معلومات عن خطط حماس منذ عام 2016، حيث حصلت الاستخبارات العسكرية على نسخة من "الأمر التنفيذي" الذي أعدته الحركة لـ"هزيمة فرقة غزة"، لكنه لم يُؤخذ بجدية.
وأضاف أن جيش الاحتلال الإسرائيلي تلقى تحديثات متعددة لهذا المخطط، وآخرها في عام 2022 تحت اسم "سور أريحا"، لكنه "لم يتمكن من ربط هذه الوثيقة بخطط الهجوم السابقة"، مما أدى إلى تجاهل التحذير.
ولفت بيرغمان إلى أن التحقيقات لم تركز بشكل كافٍ على "خدعة حماس"، رغم أنها كانت خطة "ذكية ومدروسة بعناية". وقال أحد الضباط الإسرائيليين الذين شاركوا في التحقيقات: "هذه فضيحة، الاعتراف بأن بضعة عرب من غزة خدعونا. أولئك المتخلفون من غزة لا يمكن أن يكونوا قد لعبوا علينا بهذه السهولة".
كما نقل عن ضابط كبير في الاحتياط قوله: "عندما تقرأ الوثائق التي كُتبت قبل الهجوم، تشعر وكأنك في فيلم تعرف نهايته مسبقا، وتمزق شعرك متسائلا كيف لم يرَ كل هؤلاء القادة في الجيش والشاباك والاستخبارات العسكرية ما كان يحدث أمام أعينهم؟".