الخبر:
2024-10-05@06:31:05 GMT

آخر السياسيين المحترمين في فرنسا

تاريخ النشر: 25th, October 2023 GMT

آخر السياسيين المحترمين في فرنسا

خسرت باريس باعتراف مختصين فرنسيين أنفسهم، ليس تأثيرها في منطقة الشرق الأوسط فحسب، وهي التي كانت تملك قنوات اتصال عديدة، بل مصداقيتها أيضا لدى شعوب المنطقة، بعدما فقدت سياستها الخارجية "توازن مواقفها" الذي شكّل عقيدة تعامل كل رؤسائها السابقين مع أزمات الصراع العربي الإسرائيلي.

يلخّص موقف زعيم حزب "فرنسا الأبية" ميلونشون ووزير الخارجية الفرنسي الأسبق، دومنيك دوفيلبان، مما يجري في فلسطين، حالة "الإنحراف" في الموقف الرسمي الفرنسي وابتعاده عن تقاليد السياسة الخارجية الفرنسية التي ظلت تلتزم "الحياد الإيجابي" في الصراع العربي الإسرائيلي.

ولم يسبق أن تخندقت فرنسا بهذا الشكل في دعم حكومة نتانياهو "اللامشروط" وتشجيعه على تنفيذ حرب إبادة ضد الشعب الفلسطيني، وهي التي تتخذ من حقوق الإنسان إحدى ركائز دبلوماسيتها الخارجية.

وعندما يلتقي ميلونشون، وهو وزير سابق للتكوين المهني في عهد الإشتراكي فرانسوا ميتران، مع دو فيلبان، وهو وزير خارجية سابق في حكومة الرئيس اليميني جاك شيراك، بخصوص الموقف من الحرب في غزة، فهو ليس بالأمر الغريب ولا المفاجئ ولا يستعصي على الفهم، بل هو دليل على أن بين اليسار واليمين في السياسة الخارجية، يجمعهما ما يسمى "الموقف المتوازن" الذي ميّز فرنسا على مرّ السنين، لكنه تم التخلي عنه بالارتماء الأعمى في حضن إسرائيل بشكل غير مسبوق.

إن لم يكن مفاجئا لأحد قرار واشنطن منحها "دعما غير مشروط" لإسرائيل فيما تسميه "حق الدفاع عن نفسها"، فهي التي استعملت مئات المرات حق "الفيتو" في مجلس الأمن حتى تجعلها تفلت من الحساب والعقاب في دوسها على الشرعية الدولية، لكن فرنسا لم يكن منتظرا منها منح "دعم غير مشروط" لحكومة نتانياهو اليمينية المتطرفة لتنفيذ مجازر حرب وإبادة جماعية ضد الفلسطينيين، وهي التي (أي فرنسا)، لم تتأخر لحظة في إشهار "الفيتو" ضد أمريكا في حرب العراق، وهو موقف يحسب للرئيس الراحل جاك شيراك وكان له صدى لدى شعوب الشرق الأوسط، على غرار موقفه خلال زيارته لكنيسة القدّيسة آن عام 1996 عندما ثار ضد أفراد من الأمن الإسرائيلي الذين قاموا بدفع فلسطينيين وصحفيين ومساعدين معه، ويومها سألهم (حكومة نتانياهو): "ماذا تريدون؟ أن أعود إلى طائرتي وأعود إلى فرنسا؟ هل هذا ما تريدونه؟ دعوهم يذهبون، دعوهم يذهبون"، في رسالة على عدم الخضوع والخنوع لأطماع وجنون نتانياهو.

لقد وقفت رئيسة البرلمان الفرنسي في مطار تل أبيب، وهي تردّد دعم بلادها اللامشروط لإسرائيل، وهي تشاهد إبادة الشعب الفلسطيني بالصورة والصوت دون أن تتفوّه بكلمة عن فك الحصار والحق في المساعدات الإنسانية لغزة، وكانت نفس رئيسة البرلمان تردّد قبل أشهر قليلة بأن شن روسيا الحرب على أوكرانيا وقطع الكهرباء ومنع إيصال المساعدات الإنسانية للشعب الأوكراني، يعتبر جريمة حرب. فهل بهذا الإنحياز المفضوح للكيان المحتل الذي تمارسه باريس وتصويتها الرافض لوقف إطلاق النار إنسانيا في غزة في مجلس الأمن، وهي التي تملك حق الفيتو، تساهم في ترقية السلم والأمن العالميين؟ وهل بمثل هكذا الموقف يتم احترام القانون الدولي وإنقاذ حياة المدنيين الفلسطينيين من الإبادة والتهجير، وهم الذين كانوا حسب دومنيك دوفلبان "يعيشون في أكبر سجن جراء الحصار" الإسرائيلي الممتد لسنوات والمخالف للقوانين الدولية؟ أليس من العار أن تدعم باريس حكومة نتانياهو التي يعتبر وزير الدفاع فيها، أن الفلسطينيين "حيوانات" ويجب التعامل معهم على هذا الأساس، فهل هذا جزء من الدعم الفرنسي اللامشروط؟

كان منظر الرئيس ماكرون بمعية كاترين كولونا، وزيرة الخارجية ورئيسة البرلمان يائيل برون بيفيه، مخجل حتى للفرنسيين، ليس لإعلانهما "الدعم اللامشروط" لإسرائيل في الدفاع عن النفس، وإنما لعدم التفوّه ولو بكلمة حول ضرورة الإلتزام بالشرعية الدولية والحق القانوني الإنساني التي وقّعت عليه فرنسا حتى لا أقول مبادئ حقوق الإنسان التي تدّعي الدفاع عنه. لقد سقطت باريس سقوطا حرا في هذه الحرب الإسرائيلية الجديدة ضد الفلسطينيين، وأضحى صوتها غير مسموع في العالم وليس في الشرق الأوسط فقط، باعتراف خبراء فرنسيين أنفسهم، بدليل فقدها قنوات الاتصال التقليدية التي كانت تمنحها مفاتيح التأثير في لبنان وسوريا واليمن وليبيا والعراق وغيرها، وهي بصدد جر أذيال الخيبة أيضا في القارة الإفريقية، حيث اضمحل تأثيرها حتى في داخل معسكر الفرانكوفونية بعد طردها من مالي، النيجر، بوركينافاسو والقائمة مفتوحة جراء سياسة "فرانس أفريك".

إن تخندق باريس بشكل أعمى خلف الكيان المحتل الذي دعّمته سياسيا وماليا وإعلاميا، ولم تكتفي بذلك، بل قامت في المقابل من خلال تعليمات وزارة الداخلية الفرنسية، بمنع حتى حق التعبير والتظاهر على الفرنسيين الذين يدعمون حق الشعب الفلسطيني وحتى على دعاة السلام الذين ينادون بوقف إطلاق النار، وهو سلوك متطرّف ومنحاز بشكل مفضوح.

لم يحدث في عهد كل رؤساء فرنسا السابقين الذين كانوا حريصين على البقاء على نفس المسافة في الصراع العربي الإسرائيلي، لأسباب متعددة، منها ارتباطها بعلاقات تاريخية مع دول المنطقة وما يترتّب عليها من مصالح مشتركة، وأيضا لتفادي نقل هذا الصراع إلى داخل الأراضي الفرنسية، وهذا يوصف بـ "خطأ " سياسي كبير وقعت فيه. ومردّ ذلك أنها اختارت التكلم بلسان اليمين المتطرف إيريك زمور ومارين لوبان وسيوتي ودرمانان، وتسعى في المقابل، مع سبق الإصرار، إلى تغييب أصوات وازنة لها حنكة سياسية أمثال دوفلبان وميلنشون، وهم آخر السياسيين الذين أنقذوا "شرف" دبلوماسيتها وحافظوا على بقايا توازن المواقف الفرنسية من مختلف الأزمات في العالم، وهو مؤشر على أن بلاد الأنوار بحاجة ماسة إلى أنوار جيّدة تنير طريق سياستها الخارجية والداخلية.

 

المصدر: الخبر

كلمات دلالية: حکومة نتانیاهو وهی التی

إقرأ أيضاً:

الحرب على حزب الله تُجدد شعبية نتانياهو

نقلت الصحافة الفرنسية عن استطلاع للرأي أجري في إسرائيل، أنّ تسلسل الهجمات ضدّ حزب الله اللبناني ومقتل زعيمه حسن نصرالله، كان مُفيداً جداً لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، الذي شهد الانخفاض الأشد في شعبيته بعد الفشل الذريع في منع هجوم حماس في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وعكس استطلاع الرأي الأخير، تغييراً ملحوظاً في توجّهات الناخبين بوضع حزب "الليكود"، حزب رئيس الوزراء الإسرائيلي، على رأس نوايا التصويت، فيما إذا أجريت الانتخابات التشريعية قريباً، وهو ما يسمح له بالحصول على الغالبية في الكنيست بدعم بعض الحلفاء والمُقرّبين.

Le premier ministre israélien, Benyamin Netanyahou, a estimé mardi soir que l'Iran avait «commis une grave erreur» en attaquant son pays, et qu'il en «paierait le prix», Israël étant déterminé à faire «rendre des comptes à ses ennemis». → https://t.co/Gn4JdLqtOw pic.twitter.com/pgikBaiBf8

— Le Figaro (@Le_Figaro) October 1, 2024

ويوضح الاستطلاع الذي أجرته صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، أنّه "على خلفية سلسلة الضربات القوية التي تلقاها حزب الله وتصاعد القتال في شمال إسرائيل، فقد تعززت مكانة حزب الليكود، خاصة مع اندلاع القتال في جنوب لبنان حيث بدأ الجيش الإسرائيلي شنّ هجوم بري ضدّ حزب الله.

وعلى الرغم من خطر اندلاع حريق يخشاه المُجتمع الدولي في الشرق الأوسط، إلا أنّ نتانياهو يستغل العمليات العسكرية الإسرائيلية التي تجري في لبنان لتحقيق مصالحه. وأعرب رئيس الوزراء الإسرائيلي عن سعادته لأن إيران ارتكبت "خطأ جسيماً" بمهاجمة بلاده، مُشيراً إلى أنّها فرصة لإسرائيل لـِ "سداد حساباتها مع العدو (الإيراني)".

Guerre Israël-Liban : "Derrière l'offensive massive contre le Hezbollah, les trois objectifs de Netanyahou" https://t.co/9QM4bR7MUR

— Marianne (@MarianneleMag) October 2, 2024 أهداف نتانياهو

وحول أهداف بنيامين نتانياهو من الهجوم الإسرائيلي الضخم على لبنان، يرى فريديريك إنسيل، المتخصص في الجغرافيا السياسية للشرق الأوسط، والأستاذ في جامعة "ساينس بو باريس"، إنّ "الهدف ثلاثي، لكنّ الهدف الأهم هو إثبات أنّ 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لن يكون سوى استثناءً، وليس حالة طبيعية. وفي هذه الحالة، لن يقتصر الأمر على التشكيك في وجود إسرائيل فحسب، بل الأمر يتعلق بتحقيق قدر كبير من المصداقية الرادعة لمنع تكرار ما حدث، وهو الهدف الذي يبقى المادة الجيوسياسية الأكثر قيمة".

وأما الهدف الثاني فهو أكثر سياسية، إذ كان من الضروري أن يُثبت نتانياهو للحلفاء والشركاء أنّ إسرائيل ليست ضعيفة، وتحتفظ، على الرغم من هجوم حماس، بكل قوتها الهجومية والاستخباراتية.

وأخيراً، فإنّ الهدف الثالث لبنيامين نتانياهو هو ببساطة البقاء في السلطة. ويبدو أن لا شيء قادر على وقف التصعيد، حيث هددت إسرائيل وحليفتها الولايات المتحدة بالردّ على الهجوم الأخير الذي شنّته إيران على إسرائيل، فيما أثبتت القبة الحديدية التي طوّرتها إسرائيل بمُساعدة الولايات المتحدة فعاليتها الشديدة.

Israël : un « Dôme de fer » efficace mais coûteux

Le système antimissile développé avec l’aide américaine a eu plusieurs fois l'occasion de montrer son extraordinaire aptitude à intercepter les attaques venues de l'Iran.

➡️ https://t.co/lyVqsvW87G
Par @guerricp pic.twitter.com/OF2gx1AvdM

— Le Point (@LePoint) October 1, 2024 نظام إقليمي جديد 

ومن جهتها، ترى يومية "لو موند" أنّ الهدف الإسرائيلي الأكبر من تصعيد الهجمات بشكل غير مسبوق، ضدّ حركة حماس وحزب الله اللبناني هو فرض نظام إقليمي جديد في الشرق الأوسط، كان الإسرائيليون والأمريكيون يحلمون به منذ عام 1982.

ولكنّ الصحيفة الفرنسية تقول، إنّ الهجوم الإسرائيلي يضرب دولة شبه مفلسة، مشلولة سياسياً ومُنهكة اقتصادياً، مُعتبرة أنّ إضافة الفوضى إلى الفوضى لا يُمكن أن يؤدي إلى استقرار يكون مقدمة أساسية لبدء إعادة بناء لبنان. ومع ذلك فإن إسرائيل سيكون لديها كل شيء لتكسبه من حروبها.

Comment Israël tente d’imposer un nouvel ordre régional au Proche-Orient https://t.co/lgfAbx9355

— Le Monde (@lemondefr) October 1, 2024

وتنقل عن الباحث الاستراتيجي هيكو ويمين الخبير في مركز أبحاث مجموعة الأزمات الدولية، رؤيته بأنّ الحرب المُدمّرة ضدّ حلفاء إيران، وفي مُقدّمتهم حزب الله، هو دلالة مؤكدة على حدوث تغيير في الواقع الاستراتيجي للمنطقة.

وتساءلت "اللو موند" حول ما إذا كانت أجواء الانتصار التي يشعر بها رئيس الوزراء الإسرائيلي، وهجمات جيشه في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط، سوف يُساعده في إحداث تغيير أعمق في النظام الإقليمي.

Pour le Hezbollah, plus de quatre décennies de guerre avec Israël https://t.co/RiKDjQITa0

— Le Monde (@lemondefr) October 2, 2024

وأشارت إلى أنّ إسرائيل نفّذت ضربات جوية بالفعل على بعد حوالي 2000 كيلومتر في اليمن ضدّ الميليشيات الحوثية، وهو ما يُعطي إشارة أنّه من الآن فصاعداً، أصبح سلاح الجو الإسرائيلي جاهزاً لأعمال واسعة النطاق ضدّ إيران التي باتت في مأزق استراتيجي بعد اغتيال زعيم حزب الله، بينما ظلّت تُراقب دون أي ردّ فعل قوي ضعف تلميذها اللبناني الذي تحوّل إلى دولة فوق الدولة في العقود الماضية.

مقالات مشابهة

  • فرنسا تجدد التأكيد على تشبثها الراسخ بشراكتها الاستثنائية مع المغرب (الخارجية الفرنسية)
  • وزير الخارجية والهجرة يجرى اتصالا هاتفيا مع وزير خارجية فرنسا
  • وزير الخارجية يجري اتصالا هاتفيا مع وزير خارجية فرنسا
  • باريس تطلب من الجزائر إعادة مهاجريها و تبون يقرر رسمياً إنهاء مهام سفيره بفرنسا
  • البابا تواضروس يجتمع مع مجمع كهنة «باريس وشمالي فرنسا» أونلاين
  • عبر زووم.. البابا تواضروس يلتقي مجمع كهنة "باريس وشمالي فرنسا"
  • باريس تعتبر أن إعلان الاحتلال غوتيريش “شخصا غير مرغوب فيه” قرار “خطير وغير مبرر”
  • فرنسا تعلن مشاركتها في التصدي للصواريخ الإيرانية التي استهدفت إسرائيل
  • مندوب فرنسا بالأمم المتحدة: باريس تعارض أي عملية إسرائيلية برية في لبنان
  • الحرب على حزب الله تُجدد شعبية نتانياهو