الفرق بيننا وبين «البلابسة» المستهبلين!!
تاريخ النشر: 25th, October 2023 GMT
الفرق بيننا وبين «البلابسة» المستهبلين!!
د. بشير إدريس محمدزين
هذه الحربُ الجاريةُ الآن بين (الدعم السريع) من جهة (والكيزان الذين يجرُّون الجيش من أُذنيهِ) من جهةٍ أخرى ليس هناك فرق بينها وبين حرب الجنوب الأولى أو الثانية، واللتين أدتا إلى انفصاله في النهاية سوى أن هذه بدأت في الخرطوم مباشرةً وتمددت إلى الأقاليم، وحربا الجنوب بدأتا في الأقاليم ولم تصلا إلى الخرطوم أبداً حتى أفضتا إلى الانفصال!! وهذه الحرب لا تختلف كثيراً، من حيث المسببات، عن كل التمردات الطرفية الأخرى، التي عايشناها جميعاً، كتمرد عبد العزيز الحلو بجبال النوبة الطرفية، وكتمرد مالك عقار بالأنقسنا، وتمرد فصيل رياك مشار بالجنوب قبل الانفصال، وتمرد مناوي وخليل إبراهيم بدارفور.. كلها تمردات على الجيش السوداني انتهت بتفاوضات، في كل حال، بغض النظر عن نتائج تلك المفاوضات!! الكيزان الذين هم الآن بالجيش وطوابيرهم خارج الجيش يُصِرون على وصف الحرب الدائرة الآن (بالتمرد على الدولة وعلى جيشها) الذي يقودونه، ويقولون إنَّ حلها أن يبيدوا (الجنجويد) عن بكرة أبيهم بالخرطوم، ثم يزحفوا على الأقاليم الأخرى لإبادتهم وإراحة شعب السودان منهم، ولكن من تجربة الستة أشهر الماضية، ومع تسلل قادة الجيش لِواذاً من الخرطوم، يبدو هذا الحلُّ كذوباً وتهريجاً معتاداً (وخماً للناس) لا غير.. فإنهم- أي الكيزان- في حرب الجنوب (الجهادية) كانوا يقولون نفس الشئ حتى فصلوا الجنوب في النهاية، وصوروا ذلك إنجازاً وإنتصاراً، فنحروا الذبائح وإبتهجوا أيما إبتهاج، وهذه عادتهم، يصرخون (ويتنبرون) ويشحنون أذهان الناس بآلتهم الإعلامية الجبارة، بأحلام الإنتصار، ثم في النهايةِ يفاوضون!! ومن الفهم القاصر وصف حرب الكيزان مع الدعم السريع الراهنة بأنها تمردٌ وحسب، وأنه سيتم حسمه بالخرطوم وبالأقاليم، وأن الأمر سينتهي بذلك فهذه الحرب، كغيرها من حروبنا الأخريات، هي إحدى تبديات الفشل المتوارث لحل إشكالية كيف يُحكم السودان، وما (استيلاد) الدعم السريع نفسِه، كجسمٍ شبه عسكري، إلا إحد تبديات هذا الفشل المتطاول.. فشلٌ لعدم وجود دولةٍ ناضجة، وفشلٌ في الرؤية الناضجة للقوات المسلحة الوطنية، ودورها في الدولة الوطنية!!
وحربُ الجنوب كانت واحدةً من أوجه الفشل المتطاول.. فشلٌ في عدم وجود الفهم الصحيح لإدارة الدولة، وتنوعها وتحسس ومقاربة مطالب شعوبِها!!
وإبادات دارفور المريرة هي واحدةٌ من أبشع تبديات الفشل المتطاول في إدارة التنوع والدولة، وهي فشلٌ لوجود فهمٍ متخلف ومُريع لدور القوات المسلحة الوطنية كما قلنا، أدى إلى (بروز) أجسام عسكرية خطيرة، موازية أو معادية للقوات المسلحة!!
إنَّ الفهم الصحيح لهذه الحرب، والتي ربما لا تكون الآخيرة، هو أنها تمظهرٌ من تمظهرات مشكلة كبيرة قديمة، وهي النمو المشوَّه للدولة الوطنية السودانية، وعجزها- من ثم- عن قيادة البلاد إلى فهم متواضَع عليه بين شعوبها لكيفية حُكم البلاد، وإدارة تنوعها، بدستور محترم متواضَع عليه، تقدسه الدولة ومؤسساتها بلا استثناء.. إننا عندما ندعو إلى (توقيف) هذه الحرب، وفوراً، ليس لأن توقيفها هو معالجةٌ لجذورها، وإنما لأنه استنقاذٌ فقط لبقايا الدولة، ولمقدرات الأمة، وحقناً لدماء أبنائها في هذا الراهن.. وأما معالجة جذورها الآن، وقبل إيقاف الحرب، كما يقول (البلابسة) المستهبلون، فلا الدولةُ (المتبقية) التي يقودها الكيزان الآن قادرةٌ على ذلك، ولا هي مقبولةٌ لهذا الدور بالأصالة!! إننا يجب أن نعمل إلى إيقاف هذا الدمار الماحق أولاً، وفوراً، وبأعجل ما تيسر، ثم نتداعى، لا تحت دوي البنادق، ونجلس معاً لوضع الفهم المشترك لإدارة دولتِنا، ثم لإدارتها فعلاً به بعد ذلك، وهذا هو الفرق بيننا وبين (بلابسة) قروبات الواتساب والأسافير!!!bashiridris@hotmail.com
الوسومالجيش الدعم السريع السودان القوات المسلحة الكيزان حرب الجنوب د. بشير إدريس محمدزينالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الجيش الدعم السريع السودان القوات المسلحة الكيزان حرب الجنوب الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
«الدعم السريع» تستعيد السيطرة على قاعدة رئيسية في دارفور
قالت «قوات الدعم السريع» السودانية إنها استعادت السيطرة على قاعدة لوجيستية رئيسية في شمال دارفور، أمس (الأحد)، بعد يوم من استيلاء قوات منافسة متحالفة مع الجيش السوداني عليها، وفق ما أوردته وكالة «رويترز»، اندلع الصراع بين «الدعم السريع» والجيش في أبريل (نيسان) 2023، ووقعت بعض أعنف المعارك في شمال دارفور، حيث يقاتل الجيش والقوات المشتركة المتحالفة، وهي مجموعة من الجماعات المتمردة السابقة، للحفاظ على موطئ قدم أخير في إقليم دارفور الأوسع.
وقال الجيش والقوات المشتركة في بيانين إنهما سيطرا، أمس، على قاعدة «الزرق» التي استخدمتها «الدعم السريع» خلال الحرب المستمرة منذ 20 شهراً قاعدة لوجيستية لنقل الإمدادات من الحدود القريبة مع تشاد وليبيا.
وقالا إن قواتهما قتلت العشرات من جنود «الدعم السريع» ودمرت مركبات واستولت على إمدادات أثناء الاستيلاء على القاعدة.
ويقول محللون إن الحادث قد يؤجج التوتر العرقي بين القبائل العربية التي تشكل قاعدة «الدعم السريع»، وقبيلة الزغاوة التي تشكل معظم القوات المشتركة.
واتهمت «الدعم السريع» مقاتلي القوات المشتركة بقتل المدنيين وحرق المنازل والمرافق العامة القريبة أثناء الغارة.
وقالت في بيان اليوم: «ارتكبت حركات الارتزاق تطهيراً عرقياً بحق المدنيين العزل في منطقة الزُرق، وتعمدت ارتكاب جرائم قتل لعدد من الأطفال والنساء وكبار السن وحرق وتدمير آبار المياه والأسواق ومنازل المدنيين والمركز الصحي والمدارس وجميع المرافق العامة والخاصة».
الخرطوم: «الشرق الأوسط»