الفرق بيننا وبين «البلابسة» المستهبلين!!

د. بشير إدريس محمدزين

هذه الحربُ الجاريةُ الآن بين (الدعم السريع) من جهة (والكيزان الذين يجرُّون الجيش من أُذنيهِ) من جهةٍ أخرى ليس هناك فرق بينها وبين حرب الجنوب الأولى أو الثانية، واللتين أدتا إلى انفصاله في النهاية سوى أن هذه بدأت في الخرطوم مباشرةً وتمددت إلى الأقاليم، وحربا الجنوب بدأتا في الأقاليم ولم تصلا إلى الخرطوم أبداً حتى أفضتا إلى الانفصال!! وهذه الحرب لا تختلف كثيراً، من حيث المسببات، عن كل التمردات الطرفية الأخرى، التي عايشناها جميعاً، كتمرد عبد العزيز الحلو بجبال النوبة الطرفية، وكتمرد مالك عقار بالأنقسنا، وتمرد فصيل رياك مشار بالجنوب قبل الانفصال، وتمرد مناوي وخليل إبراهيم بدارفور.

. كلها تمردات على الجيش السوداني انتهت بتفاوضات، في كل حال، بغض النظر عن نتائج تلك المفاوضات!! الكيزان الذين هم الآن بالجيش وطوابيرهم خارج الجيش يُصِرون على وصف الحرب الدائرة الآن (بالتمرد على الدولة وعلى جيشها) الذي يقودونه، ويقولون إنَّ حلها أن يبيدوا (الجنجويد) عن بكرة أبيهم بالخرطوم، ثم يزحفوا على الأقاليم الأخرى لإبادتهم وإراحة شعب السودان منهم، ولكن من تجربة الستة أشهر الماضية، ومع تسلل قادة الجيش لِواذاً من الخرطوم، يبدو هذا الحلُّ كذوباً وتهريجاً معتاداً (وخماً للناس) لا غير.. فإنهم- أي الكيزان- في حرب الجنوب (الجهادية) كانوا يقولون نفس الشئ حتى فصلوا الجنوب في النهاية، وصوروا ذلك إنجازاً وإنتصاراً، فنحروا الذبائح وإبتهجوا أيما إبتهاج، وهذه عادتهم، يصرخون (ويتنبرون) ويشحنون أذهان الناس بآلتهم الإعلامية الجبارة، بأحلام الإنتصار، ثم في النهايةِ يفاوضون!! ومن الفهم القاصر وصف حرب الكيزان مع الدعم السريع الراهنة بأنها تمردٌ وحسب، وأنه سيتم حسمه بالخرطوم وبالأقاليم، وأن الأمر سينتهي بذلك فهذه الحرب، كغيرها من حروبنا الأخريات، هي إحدى تبديات الفشل المتوارث لحل إشكالية كيف يُحكم السودان، وما (استيلاد) الدعم السريع نفسِه، كجسمٍ شبه عسكري، إلا إحد تبديات هذا الفشل المتطاول.. فشلٌ لعدم وجود دولةٍ ناضجة، وفشلٌ في الرؤية الناضجة للقوات المسلحة الوطنية، ودورها في الدولة الوطنية!!

وحربُ الجنوب كانت واحدةً من أوجه الفشل المتطاول.. فشلٌ في عدم وجود الفهم الصحيح لإدارة الدولة، وتنوعها وتحسس ومقاربة مطالب شعوبِها!!

وإبادات دارفور المريرة هي واحدةٌ من أبشع تبديات الفشل المتطاول في إدارة التنوع والدولة، وهي فشلٌ لوجود فهمٍ متخلف ومُريع لدور القوات المسلحة الوطنية كما قلنا، أدى إلى (بروز) أجسام عسكرية خطيرة، موازية أو معادية للقوات المسلحة!!

إنَّ الفهم الصحيح لهذه الحرب، والتي ربما لا تكون الآخيرة، هو أنها تمظهرٌ من تمظهرات مشكلة كبيرة قديمة، وهي النمو المشوَّه للدولة الوطنية السودانية، وعجزها- من ثم- عن قيادة البلاد إلى فهم متواضَع عليه بين شعوبها لكيفية حُكم البلاد، وإدارة تنوعها، بدستور محترم متواضَع عليه، تقدسه الدولة ومؤسساتها بلا استثناء.. إننا عندما ندعو إلى (توقيف) هذه الحرب، وفوراً، ليس لأن توقيفها هو معالجةٌ لجذورها، وإنما لأنه استنقاذٌ فقط لبقايا الدولة، ولمقدرات الأمة، وحقناً لدماء أبنائها في هذا الراهن.. وأما معالجة جذورها الآن، وقبل إيقاف الحرب، كما يقول (البلابسة) المستهبلون، فلا الدولةُ (المتبقية) التي يقودها الكيزان الآن قادرةٌ على ذلك، ولا هي مقبولةٌ لهذا الدور بالأصالة!! إننا يجب أن نعمل إلى إيقاف هذا الدمار الماحق أولاً، وفوراً، وبأعجل ما تيسر، ثم نتداعى، لا تحت دوي البنادق، ونجلس معاً لوضع الفهم المشترك لإدارة دولتِنا، ثم لإدارتها فعلاً به بعد ذلك، وهذا هو الفرق بيننا وبين (بلابسة) قروبات الواتساب والأسافير!!!

bashiridris@hotmail.com

الوسومالجيش الدعم السريع السودان القوات المسلحة الكيزان حرب الجنوب د. بشير إدريس محمدزين

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الجيش الدعم السريع السودان القوات المسلحة الكيزان حرب الجنوب الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

الجيش السوداني يسقط مسيّرة أطلقتها الدعم السريع بمدينة شندي

أصبحت هذه المسيرات جزءًا رئيسيًا من التكتيكات العسكرية، خاصة في المناطق الشمالية التي شهدت هجمات متكررة. 

الخرطوم: التغيير

قالت مصادر عسكرية لـ (التغيير) إن الدفاعات الأرضية للفرقة الثالثة مشاة في مدينة شندي بولاية نهر النيل أسقطت، صباح اليوم السبت، طائرة مسيرة تابعة لقوات الدعم السريع لليوم الثاني توالياً، دون وقوع أي خسائر.

وأضافت المصادر أن طائرة مسيرة أخرى انفجرت فجر اليوم في منطقة جاد الله غرب مدينة بربر، دون تسجيل إصابات.

وكان الجيش السوداني قد اسقط خلال الأيام الماضية عدة طائرات مسيرة استهدفت مدينة عطبرة التي تقع شمال مدينة شندي دون تسجيل خسائر.

وتصاعد استخدام الطائرات المسيرة في الصراع المستمر بالسودان بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، الذي اندلع في 15 أبريل 2023. وقد أصبحت هذه المسيرات جزءًا رئيسيًا من التكتيكات العسكرية، خاصة في المناطق الشمالية التي شهدت هجمات متكررة.

تأتي هذه الأحداث في ظل استمرار المعارك بين الطرفين، حيث يسعى الجيش لتعزيز سيطرته على المناطق الشمالية، بينما تعتمد قوات الدعم السريع على الضربات الجوية بالطائرات المسيرة، التي يُعتقد أنها جزء من الدعم العسكري الخارجي المقدم لها.

يُذكر أن الحرب المستمرة ألحقت دمارًا واسعًا بالبنية التحتية وأدت إلى نزوح ملايين المدنيين، مع استمرار الجهود الدولية الرامية إلى دفع الطرفين نحو تسوية سياسية ووقف إطلاق النار.

الوسومآثار الحرب في السودان الجيش السوداني الطائرات المسيرة قوات الدعم السريع مدينة شندي

مقالات مشابهة

  • لماذا توقفت أميركا عن تأييد الدعم السريع؟
  • “قطعوا لي أذني.. لا يرحمون أحدًا” .. انتهاكات الدعم السريع
  • الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة من قوات الدعم السريع
  • الجيش السوداني يسقط مسيّرة أطلقتها الدعم السريع بمدينة شندي
  • أين تقف .. مع مليشيات الجيش أم مليشيا الدعم السريع؟
  • مواجهات في الفاشر تتزامن مع قطع إمدادات للدعم السريع
  • وقف النار في الجنوب اللبناني وما بعد!
  • ناشطون: 42 قتيلا برصاص الدعم السريع في قرية وسط السودان
  • والي غرب دارفور يعفي 42 من قادة الإدارة الأهلية لموالاتهم الدعم السريع
  • قناة القاهرة الإخبارية: ميليشيا الدعم السريع تقصف الفاشر غربي السودان