"السينما السعودية في قراءة نقدية تاريخية" للناقد المصري عصام زكريا
تاريخ النشر: 25th, October 2023 GMT
ضم كتاب "السينما السعودية: قراءة نقدية تاريخية" الصادر مؤخراً عن دار "جسور للثقافة والنشر" السعودية، وضمن السلسلة المعرفية من مهرجان أفلام السعودية، الذي كانت انطلاقته عام 2008 والتي تهدف إلى نقل المعرفة المتخصصة في مجال فن السينما، ضم مقالات قصيرة ومتوسطة الطول حول عدد كبير من الأفلام السعودية القصيرة والطويلة التي شاهدها الناقد المصري "عصام زكريا" على مدار أكثر من عشرين عاماً، وجاءت في خمسة فصول، لتعطي بقعة ضوء على بدايات السينما السعودية ونشأتها وتطورها وأبرز ملامحها.
مؤلف الكتاب تابع مسيرة السينما السعودية على مدار العقدين الماضيين، منذ الأفلام الأولى التي عرضت في "مهرجان العالم العربي" بباريس، ثم مهرجانات "الخليج" و"دبي" و"أبو ظبي" وغيرها، ومن خلال تعرفه وصداقته لبعض صنّاع الأفلام السعوديين الشباب في تلك الفترة، التي شهدت تجاربَ فنية واعدة ومتميزة، وهي ما خصص لها الفصل الأول من هذا الكتاب.
وقد تابع الناقد زكريا المسيرة السينمائية السعودية في طفرتها ما بعد 2018 عبر المهرجانات العربية والدولية التي يحضرها، وعبر منصتي "شاهد VIP" و"نتفليكس"، وكذلك الأعمال المتوفرة على بعض المواقع الالكترونية و"يوتيوب".. ومن بين هذا الكم الذي يقدر بالمئات من الأفلام (ما بين أفلام قصيرة ووثائقية وروائية طويلة) اختار الأعمال الأبرز في تصوره، نظراً لجودتها الفنية، أو لحصولها على جوائز ومشاركات في مهرجانات دولية، أو للنقلة النوعية التي أحدثتها تاريخياً، كما راعى أن تعبّر عن أنماط الإنتاج المختلفة من شركات خاصة أو منصات أو جهات دعم رسمية.
ذروة انتعاشويشير المؤلف إلى أن السينما السعودية تشهد حالياً ذروة انتعاش واعدة، تسعد كل محب وهاوٍ للسينما والفنون والثقافة، بعد أن حققت خلال سنوات ما تحققه سينمات أخرى في عقود.. كما أشار إلى أنه تتوافر للسينما في السعودية حالياً معظم المقومات التي تقوم عليها صناعة السينما: المواهب.. التعليم والتدريب.. الدعم الحكومي الكبير مادياً ومعنوياً.. فضلاً عن دور العرض السينمائي التي تشهد نمواً متسارعاً.. ومواقع تصوير جيدة، وجمهور متعطش لارتياد دور العرض السينمائي بعد طول غياب.
حقائق وأرقامومضى المؤلف بالإشارة إلى أن السعوديين لم يكونوا منقطعين عن الوسائط البصرية أو الأفلام كما يتصور البعض، بل هم من أكثر الشعوب استخداماً لـ "يوتيوب" والوسائط الإعلامية الأخرى.
ويشكّل الشباب تحت سن الثلاثين 70% من تعداد السكان في المملكة، وكثير من هؤلاء الشباب لديهم إلمام ملحوظ بعلوم الكومبيوتر والتقنيات الحديثة، وكثير منهم خارج وداخل المملكة يرغبون في العمل بالسينما، وبعضهم تلقى تعليماً عالياً في كليات ومعاهد السينما في الخارج وعادوا، أو يرغبون بالعودة لعمل أفلام في السعودية.
وعلى مدار العقدين الماضيين قام عدد كبير من هؤلاء الشباب بصنع أفلام قصيرة ووثائقية، وحركة، وبرامج.. لبثها عبر الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، وبعضهم لجأ إلى مسلسلات الإنترنت المعروفة باسم webisode.. وعلى الرغم من فتاوى التحريم ومنع السينما رسمياً، فقد نجح عدد منهم في صناعة أفلام قصيرة أو طويلة شارك بعضها في مهرجانات خارج المملكة، وربما كان أهمها مهرجان معهد العالم العربي في باريس (الذي استمر بمعدل دورة كل عامين من نهاية التسعينيات حتى 2006 قبل أن يتوقف)، ثم مهرجان الخليج السينمائي الذي كان يعقد في دبي وكذلك المهرجانات التي كانت تقام في الدول العربية الأخرى.
البداية.. خليجيةكما أشار المؤلف إلى أن بداية ظهور السينما السعودية "الجديدة" (تمييزاً لها عن التجارب الأولى في الستينيات والسبعينيات)، كانت مع أسبوع "أفلام من الخليج" الذي نُظِّم في الإمارات لعدة سنوات مع مطلع الألفية، ثم مهرجان "دبي السينمائي الدولي" الذي انطلق 2004، ثم مهرجان "أبو ظبي الدولي" الذي بدأ 2007، وفي العام التالي انطلق "مهرجان الخليج" المخصص للسينما الخليجية.. ويأسف لتوقفت المهرجانات الثلاثة بعد عدة سنوات.
وثمة إشارة للمفارقة الخاصة وهي أن السينما السعودية، على عكس معظم بلاد العالم، كانت حتى 2018 لديها صنّاع أفلام، وأفلام، وجمهور، ولكن ليس لديها دور عرض سينمائي. لكن بجانب الدعم الرسمي الذي خصص مبالغ كبيرة، وبالتوازي معه، تأسست العديد من شركات الإنتاج المستقلة منذ بداية العقد الأول للألفية.
ظواهر في المشهد السينمائيمن الظواهر الجديرة بالملاحظة في المشهد السينمائي السعودي وجود صعود تدريجي لأفلام التحريك animation، وأعداد الذين يتعلمون فنون التحريك وكذلك الشركات العاملة في مجال التحريك، ربما أكثر من أي بلد عربي آخر، وملاحظة الحضور الكثيف لأنواع فنية بعينها، التي يميل إليها صنّاع الأفلام الشباب، حسب طبيعة تكوينهم الثقافي والاجتماعي.. من الأنواع الأكثر تردداً في المشهد السينمائي الأفلام التي تتناول التاريخ الثقافي في المملكة منذ نهاية السبعينيات وحتى الصحوة الحالية، مع التركيز على وضع الفنون، خاصة التصوير والسينما، والنظرة إليهما بين الماضي والحاضر.
أما النوع الثاني هو الرعب والتشويق، وهو نوع يميل إليه كثيراً جمهور وصنّاع أفلام اليوم، ومعظم هذه الأعمال متأثر بالأفلام الأمريكية، بل بالأنواع الشعبية الرخيصة من أفلام الرعب الأمريكية.
النوع الثالث "أفلام البحث عن الجذور والهوية" كـ فيلم "الطريق" أو "الرحلة"، يبتغون منها الاكتشاف الجمالي للصحراء والطبيعة الجغرافية لشبه الجزيرة، واكتشاف أنماط الحياة لبعض المناطق والقرى ذات التقاليد العريقة.
النوع الرابع ينتمي للسينما الجماهيرية وفقاً للنموذجين الأمريكي والمصري (والهندي أحياناً)، وتتراوح هذه الأعمال بين الكوميدي والاجتماعي والأكشن.. ولكن يلاحظ في أغلبها تواضع المستوى الفني، بصرياً وشعرياً، كعادة هذا النوع الذي يسعى للترفيه أو التوجيه.. ويلاحظ المؤلف الحضور النسائي، والنسوي، البارز في المشهد السينمائي السعودي، فهناك عدد يتزايد باستمرار من المخرجات والكاتبات، وبشكل عام فإن معظم الأفلام التي تقوم بصنعها نساء تتناول هموم المرأة ومتاعبها في العالم العربي، أو تتناول موضوعات اجتماعية واقعية، على عكس صنّاع الأفلام الرجال الذين يميل عدد كبير منهم للخيال والأنواع الخيالية.
نختتم بالإشارة إلى أن الكتاب قراءة نقدية لا تخلو من المعرفة والمتعة للمشهد السينمائي السعودي، الذي يحتاج -كما رأى مؤلفه- إلى حركة نقدية تواكب وتدعم وتقيّم وتقوّم هذا المشهد.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة السعودية السینما السعودیة إلى أن
إقرأ أيضاً:
شيفاني بانديا: برنامج سوق هو القلب النابض لمهرجان البحر الأحمر السينمائي
أوضحت شيفاني بانديا مالهوترا، المديرة العامة لمؤسسة البحر الأحمر السينمائي، أن «سوق البحر الأحمر» يُعد القلب النابض لمهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي؛ كمنصة للمبدعين من مختلف أنحاء العالم لتبادل الأفكار والخبرات، واكتشاف فرص الأعمال، وابتكار مشاريع سينمائية جديدة، ويسعى المهرجان لهذا العام لإيجاد بيئةٍ حاضنة للإبداع والتعاون تُتيح لصنّاع الأفلام والمنتجين والمحترفين تكوين روابط عميقة فيما بينهم، وبلورة مستقبل السينما، وتقديم برنامج حافل بالفعاليات، وسط طموحات لأن تصبح المملكة السوق الرائد للأفلام في المنطقة.
مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي الذي تنطلق فعاليات دورته الرابعة في منطقة جدة التاريخية (غرب السعودية)، 142 عارضاً من 32 دولة هذا العام، بصناع الأفلام حول العالم عبر برنامج «سوق البحر الأحمر» مقدماً مجموعة استثنائية من الأنشطة التي تجمع كوكبةً من المواهب الجديدة ضمن سلسلة من اللقاءات والحوارات الإثرائية التي يقدمها خبراء القطاع الإقليميون والدوليون، وذلك خلال الفترة من 7 إلى 11 ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
كما يستضيف المهرجان نخبة من المواهب الفنّية وصنّاع الأفلام ومحترفي الصناعة من العالم العربي وباقي أرجاء العالم عبر منصّته، بالإضافة إلى العديد من مسابقات الأفلام في الفئات الطويلة والقصيرة، مع احتضان الحفلات الموسيقيّة، واستضافة العديد من الندوات وورش العمل التي تهدف إلى دعم وتنمية وتشجيع المواهب الصاعدة.
ويوفر سوق البحر الأحمر نظرة غير مسبوقة على المشهد السينمائي السعودي الجديد والنابض، واستعراض أفضل ما يقدمه السوق العربي؛ بهدف تعزيز الإنتاج المشترك والتوزيع الدولي وعرض فرص العمل الجديدة.
يذكر أن معامل البحر الأحمر تُعد إحدى ركائز مؤسسة البحر الأحمر السينمائي، التي تهدف إلى تمكين صناع الأفلام، والكتّاب، والمحترفين في صناعة السينما لتحقيق رؤيتهم الإبداعية، والتركيز على استقطاب المواهب الجديدة وسرد القصص المُلهمة، وتشجيع المواهب الواعدة على التفكير خارج الصندوق لاستكشاف إمكانيات وآفاق غير محدودة؛ وذلك عبر توفير الموارد اللازمة وتقديم الدعم، لكل من صناع الأفلام السعوديين، والعرب، والأفارقة، ودول آسيا وذلك لتحقيق رؤاهم الرائدة والإبداعية.