بناء على بحث مدقق ووجود حجج دامغة يعرفها الجميع لا يمكن إلا أن نقر أن إسرائيل كيان إرهابي ويقوم يوميا بجرائم حرب، بل ضد الإنسانية. وذلك بالرجوع إلى التعريف الدولي لهذه الأعمال الإجرامية.
اقترحت في سنة 2004 الأمم المتحدة تعريف الإرهاب بأنه “كل عمل يُرتكب بقصد التسبب في وفاة أو إصابة خطيرة للمدنيين أو غير المقاتلين، ويكون هدفه بحكم طبيعته أو سياقه تخويف السكان أو إكراه الحكومة أو منظمة دولية للقيام بعمل ما أو الامتناع عن القيام به”.
ومن جرائم الحرب: “القيام بمهاجمة أو قصف، بأي وسيلة كانت، البلدات أو القرى أو المساكن أو المباني غير المحمية والتي لا تشكل أهدافاً عسكرية”. “التجويع المتعمد للمدنيين كوسيلة من وسائل الحرب، من خلال حرمانهم من السلع الأساسية لبقائهم على قيد الحياة، بما في ذلك عن طريق المنع عمدا، إرسال الإغاثة المنصوص عليها في اتفاقية جنيف”.
وأيضا “النقل المباشر أو غير المباشر لجزء من سكانها المدنيين إلى الأراضي التي تحتلها، أو ترحيل أو نقل كل أو جزء من سكان هذه الأراضي داخل أو خارج الأراضي المحتلة”.
من بين هذه الجرائم – ولم أختر إلا البعض – من يطبقها بالحرف ومنذ زمن ويومياً؟ أترككم تقولون إسرائيل.
ألا يستحق هذا العمل الإجرامي الممنهج تقديم ملف إسرائيل أمام المحكمة الجنائية الدولية (CPI) ؟ لاسيما أن إسرائيل ليست عضوا في هذه المحكمة خلافا لفلسطين وكثير من الدول العربية.
وحتى إذا خشينا أن تقبل المحكمة الاعتراف بكل الجرائم السابقة، فكيف يمكن وصف وتصنيف العمل الشنيع الذي ارتكبته إسرائيل بقصفها ودكها للمستشفى الأهلي المعمداني وقتل كل من فيه من جرحى بسبب عملها الإرهابي ضد المواطنين العزل والأطفال والشيوخ والنساء ومستهدفة كذلك الأطقم الطبية.
إنها جريمة حرب دولية مكتملة الأركان. هذا المشفى الذي شُيد في أواخر القرن 19 وبقي صامدا في وجه كل الحروب التي شهدتها المنطقة قبل أن يتم استهدافه مساء يوم الثلاثاء 17 أكتوبر.
ولا يمكن أن يقوم بهذا العمل الشنيع إلا نتنياهو.
نحن نعلم أن معظم الدول التي يمكن أن يكون لها تأثير على الأحداث تنبطح أمام هذا الكيان السرطاني، وهم يرون أبشع الجرائم ومع ذلك يشجعون ويدفعون إسرائيل إلى القيام بالمزيد.
ومما يثير السخرية والضحك وسط هذا الظرف المؤلم هو قيام أمريكا بإرسال حاملتين للطائرات (porte-avions) من أجل الدفاع عن إسرائيل ضد مواطنين عزل.
لكن، وما هو محزن ومبكي في نفس الآن، عندما نفكر ونقول ربما ظنَّت أن الدول العربية ستنهض كرجل واحد للدفاع عن الفلسطينيين وفلسطين الحبيبة.
ويقولون كمبرر لما تقوم به إسرائيل “من حقها أن تدافع عن نفسها “. حسنا. ولكن حينما يقوم أحد بجريمة، هل يُحكم بالإعدام على الجاني أم نعدم كل القبيلة؟
وإذا افترضنا أن حماس قامت بعمل إرهابي وجرائم ضد إسرائيل، فما ذنب الأطفال والنساء والمواطنين العزل في هذا الأمر. وكأن إسرائيل كانت تنتظر مثل هذا الأمر للقيام بالمجازر والجرائم ضد الإنسانية.
وأنا لا أعتبر ما قامت به حماس يوم 7 أكتوبر عملا إرهابيا، ولكن عملا مضادا، أو رد فعل، على الإرهاب الذي تقوم به إسرائيل يوميا وبشكل ممنهج. هذه مقاومة فقط.
ولا أعتقد أن ما يهم إسرائيل تلك الأرواح التي زُهقت في هذه العملية أكثر ما يهمها ما تعرضت له من إهانة وتحطيم لكيانها المتعجرف والمتغطرس والذي تعتبره محصنا ولا يمكن المساس به.
جميع المراحل، وهي كثيرة، التي كان فيها نتنياهو وزيرا أولا كانت الأكثر دموية. فهناك إحصائيات للأمم المتحدة للفترة ما بين 2008 و2020 (نتنياهو 2009- 2021 ) تُبين أن عدد الضحايا في صفوف الفلسطينيين هو 5590 مقابل 251 إسرائيليا ، أي بأكثر من 21 مرة. وبالنسبة للجرحى والمصابين هناك أكثر من 120.000 فلسطيني مقابل 5887 إسرائيلي. بدون تعليق …
ومنذ صعود نتنياهو للسلطة مرة أخرى، كنا ننتظر تصعيدا جديدا ومصيبة أخرى لاسيما أنه، لكي يحصل على أغلبية يحكم بها ضمَّ إلى حكومته المتطرفيْن بن كفير ( Ben Gvir) وسيموطريش (Simotrich) وهما الاثنين ضمن لائحة الإرهابيين سواء في الولايات المتحدة الأمريكية وحتى في إسرائيل نفسها. الأول عُين وزيرا في الأمن القومي، وأنه يصرح – حسب ما أدلت به ليلى شهيد – أنه يجب احتلال كل الأراضي الفلسطينية وتحطيم المساجد. أما سيموطريش، العنصري المتطرف الآخر فهو يريد حرق قرية هوارة في نابلس الفلسطينية.
فماذا يمكن أن ننتظر من هؤلاء ؟؟
مما قاله الزعيم علال الفاسي حول إسرائيل:
” ونقولها للذين يظنون أن التفاوض مع إسرائيل، أو إقرار سلام دائم مع إسرائيل، أو حتى اعتراف العرب بها، سينهي خطرها. لأن إسرائيل يعني بداية إمبراطورية تؤسَّس بالعنف، لأن إسرائيل يعني مركزا مُهما، وقنطرة عظمى، للاستغلال الرأسمالي الغربي لخيرات العرب وأفريقيا وآسيا”.
لنتمعن في ما قاله علال الفاسي ولنعلم أن كل عمل نقوم به من أجل إخواننا الفلسطينيين هو كذالك من أجلنا لأن هذا الكيان السرطاني إذا نجح في الاحتلال الشامل لفلسطين وإبادة أهلها سيبحث عن المزيد. ولكن لا يأس مع الحياة ولا يمكن أن ينتصر الظلم الإنساني على العدل الإلهي.
الأحداث التي شهدها التاريخ في مختلف الحقب تؤكد هذه الحقيقة التي يجب الإيمان بها والتجنُّد من أجلها . فلا يضيع حق من ورائه طالب مهما طال الزمن. الإصرار في طلب الحق والدفاع من أجل استرداده والحصول عليه بكل الوسائل المشروعة المتاحة يؤدي لا محالة إلى نتيجة إيجابية. ولعل أبرز مثال على هذه الحقيقة ما حققته نضالات الشعوب في شتى أطراف المعمور من أجل الحصول على حريتها ودفع الدول الاستعمارية إلى الهزيمة والمغادرة.
الكفاح ضد عدوان المعتدي له ثمنه. لكن الحرية ليس لها ثمن. والجهاد في سبيلها يجب أن يستمر حتى تتحقق. رحم الله شهداء فلسطين. إن الله يمهل ولا يهمل.
المصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: أن إسرائیل لا یمکن یمکن أن من أجل
إقرأ أيضاً:
لماذا تمثل صواريخ حزب الله قصيرة المدى هاجسا لجيش الاحتلال؟
قال الخبير العسكري والإستراتيجي العميد إلياس حنا إن صواريخ حزب الله قصيرة المدى تشكل هاجسا مستمرا لجيش الاحتلال الإسرائيلي بسبب صعوبة القضاء عليها بشكل كامل.
وكانت صحيفة نيويورك تايمز قد كشفت أن حزب الله يعتمد على صواريخ "ألماس" قصيرة المدى التي تعد نسخة مطورة عن صواريخ "سبايك" الإسرائيلية المضادة للدبابات، وأوضحت أن الحزب صمم هذه الصواريخ لتكون أكثر دقة وكفاءة.
وأوضح حنا خلال تحليل للمشهد العسكري في جبهة لبنان أن هذه الصواريخ تمتاز بسهولة التنقل والعدد الكبير، مما يجعل من المستحيل على الاحتلال تتبعها أو استهدافها بشكل شامل.
وأشار إلى أن جيش الاحتلال يسعى بشكل دائم إلى عزل مناطق معينة في جنوب لبنان، إذ يُعتقد أنها تحتوي على مخزون كبير من هذه الصواريخ.
وأوضح حنا أن العمليات العسكرية تتركز حاليا في مناطق مثل وادي الحمول غربا ووادي الحجير ووادي الصلوكي شرقا، والتي تعتبر نقاطا حيوية في المواجهة.
وأضاف أن السيطرة على المرتفعات المحيطة بهذه المناطق تمثل جزءا من إستراتيجية الاحتلال، لكن القضاء على الصواريخ قصيرة المدى يظل تحديا كبيرا.
وقال إن "جيش الاحتلال يواجه صعوبة في تحقيق أهدافه السياسية مثل تأمين عودة المستوطنين ما دام حزب الله قادرا على إطلاق هذه الصواريخ من جنوب الليطاني".
عقدة أساسية
وتحدث حنا عن الأهمية الإستراتيجية لمنطقة الخيام التي يسعى الاحتلال إلى التقدم نحوها، مشيرا إلى أن هذه المنطقة تشكل عقدة أساسية تفصل الداخل اللبناني عن الحدود الإسرائيلية.
وأوضح أن وادي الحجير -الذي شهد معركة دامية في حرب 2006- يظل أحد المحاور الرئيسية التي تسعى إسرائيل إلى السيطرة عليها لمنع استمرار إطلاق الصواريخ قصيرة المدى.
ورغم محاولات الاحتلال تحقيق أهدافه العسكرية فإن حنا أكد أن جيشه يواجه تحديات تتعلق بنقص عدد الجنود، إضافة إلى صعوبات في البقاء طويلا بالمناطق التي يتم التوغل فيها.
وأوضح أن البقاء في جنوب لبنان يتطلب منظومة عسكرية متكاملة وعددا كبيرا من الجنود، وهو أمر يفتقر إليه جيش الاحتلال.
وأشار حنا إلى أن الغارات الإسرائيلية المكثفة على الضاحية الجنوبية لبيروت تحمل أهدافا معنوية ونفسية، إذ تسعى إسرائيل إلى تدمير الحاضنة الشعبية لحزب الله وضرب معنويات سكان المنطقة.
ويرى حنا أن الاحتلال وصل إلى ذروة عملياته العسكرية في الجنوب اللبناني، مؤكدا أن استمرار هذه العمليات دون تحقيق الأهداف المرجوة قد يؤدي إلى نتائج عكسية.
وأضاف أن الضغط العسكري والسياسي الحالي يهدف إلى إجبار حزب الله على تقديم تنازلات دبلوماسية، وهو ما لن يقبل به الحزب لأنه يتعارض مع مفهومه باعتباره حركة مقاومة.