قوة عاملة مستنزفة، صفارات إنذار مستمرة تحذر من خطر الصواريخ، شعور بالصدمة بسبب الهجوم غير المتوقع، كلها عوامل تسهم في حجم التكلفة التي سيتكبدها الاقتصاد الإسرائيلي نتيجة للحرب مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ويُتوقع أن تكون مختلفة عن أي شيء آخر تعرض له الاقتصاد منذ عقود.

فقد توقفت منذ عدة أيام الرافعات التي تنتشر في أفق تل أبيب بعد أن أغلقت المدينة مواقع البناء.

وأفاد تقرير صناعي أن هذه المواقع أُعيد فتحها هذا الأسبوع في ظل إرشادات أكثر صرامة لضمان السلامة، لكن توقف النشاط في هذا القطاع وحده يكلف الاقتصاد ما يقدر بنحو 150 مليون شيكل (نحو 37 مليون دولار) يوميا.

وقال راؤول ساروجو، رئيس جمعية بناة إسرائيل "هذه ليست ضربة للمقاولين أو رجال الصناعة وحدهم.. إنها ضربة لكل أسرة في إسرائيل".

واهتزت إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول عندما شنت المقاومة الفلسطينية عملية "طوفان الأقصى"، ومنذ ذلك التاريخ ترد إسرائيل بتنفيذ غارات مستمرة على قطاع غزة وتحشد قواتها استعدادا لهجوم بري.

وكان اقتصاد إسرائيل وحجمه نحو 500 مليار دولار -وهو الأكثر تطورا في الشرق الأوسط بفضل نقاط القوة الكامنة في التكنولوجيا والسياحة- سليما معافى على مدار معظم عام 2023. كما كان النمو في طريقه للوصول إلى 3% هذا العام مع انخفاض البطالة.

لكن مع احتمال حدوث حرب برية وشيكة لغزة واحتمال تحول الحرب إلى صراع إقليمي، أصبح الإسرائيليون يتحصنون بالمخابئ وقلَ إنفاقهم على كل شيء باستثناء الغذاء، بينما حذرت وكالات التصنيف بالفعل من أنها قد تخفض تقييمها للجدارة الائتمانية لإسرائيل.

فجوة كبيرة بالقوى العاملة

تم استدعاء مئات الآلاف من جنود الاحتياط في الجيش، مما تسبب في فجوة كبيرة في القوى العاملة وتعطيل سلاسل التوريد من الموانئ البحرية إلى متاجر التجزئة، في حين يقوم تجار التجزئة بمنح إجازات للموظفين، وسط انخفاض قيمة الشيكل.

وأدى الصراع أيضا إلى وقف حركة آلاف العمال الفلسطينيين من غزة إلى إسرائيل وتقليص تدفقهم من الضفة الغربية المحتلة.

وكانت السلالم المتحركة والممرات في مركز التسوق الرئيسي في القدس خالية خلال الأسبوعين الأولين من الحرب، على الرغم من عودة الزبائن ببطء.

وقال نتانيل شراجا، مدير متجر كولومبيا للملابس الرياضية، "هناك انخفاض كبير في الحركة والتنقل". وأضاف أن بعض موظفيه تم استدعاؤهم للخدمة العسكرية. أما البعض الآخر فيشعرون بخوف شديد من القدوم إلى العمل.


التكنولوجيا العالية

وأصبحت الفنادق نصف ممتلئة بالإسرائيليين الذين تم إجلاؤهم من المناطق الحدودية، وباقي الغرف فارغة في أغلب الأحيان.

وما زال العمل مستمرا في المصانع، حتى تلك القريبة من غزة، لكن هناك مشكلة على الدوام تتعلق بعدم كفاية سائقي الشاحنات الذين يقومون بأعمال التسليم المنتظمة.

وانخفضت مشتريات بطاقات الائتمان بنسبة 12% في الأسبوع الماضي مقارنة بالفترة ذاتها قبل عام، مع تراجع حاد في جميع القطاعات تقريبا باستثناء الارتفاع الكبير في التسوق بمتاجر التجزئة.

وتتعرض صناعة التكنولوجيا الفائقة -التي ازدهرت خلال جائحة كوفيد- لصعوبات. وعادة ما تمثل هذه الصناعة 18% من الناتج المحلي الإجمالي لإسرائيل ونصف إجمالي الصادرات.

وقال باراك كلاين، المدير المالي بشركة ثيتاراي للتكنولوجيا المالية "تنخفض الإنتاجية بشكل كبير، لأن من الصعب التركيز على العمل اليومي عندما تكون لديك مخاوف تتعلق بوجودك".

وتم تجنيد 12 من موظفي الشركة الـ 80 المقيمين في إسرائيل ضمن قوات الاحتياط. وبقي آخرون -لديهم أطفال- بالمنازل، بينما لا يزال الخوف المستمر من إطلاق الصواريخ قائما.

وأنشأت شركة ثيتاراي مركزا للرعاية النهارية للموظفين الذين يحتاجون إلى اصطحاب أطفالهم معهم، واعتمدت على مكاتبها في الخارج لتحمل جزء من عبء العمل.

وقال درور بن، الرئيس التنفيذي لهيئة الابتكار الإسرائيلية التي تمولها الدولة، إنه تم استدعاء ما يُقدّر بنحو 10 إلى 15% من القوى العاملة في مجال التكنولوجيا الفائقة للخدمة في صفوف قوات الاحتياط.

وأضاف "نحن على اتصال بمئات من شركات التكنولوجيا، وخاصة المشاريع في المراحل المبكرة"، موضحا أن العديد منها في منتصف دورة التمويل وبدأت أموالها في النفاد.

وبهدف تقديم المساعدة، أنشأت هيئة الابتكار صندوقا بقيمة 100 مليون شيكل (نحو 25 مليون دولار) لمساعدة 100 شركة ناشئة في مجال التكنولوجيا على الصمود في وجه العاصفة.

وأنشأت وزارة الاقتصاد غرفة عمليات في وقت الحرب ووجهت نداء للمساعدة. وتطابقت قاعدة بياناتها حتى الآن مع ما لا يقل عن 8550 شخصا بالشركات المتعثرة.

وعندما تعرض مركز لوجستي لسلسلة متاجر كبرى لضغوط شديدة، تم إرسال 38 شخصا لملء الفراغ في نوبة العمل الليلية.


أزمة نفسية

وعدت الحكومة "بعدم وضع حدود" للإنفاق على تمويل الحرب وتعويض الأسر والشركات المتضررة، وهو ما يعني عجزا أكبر في الميزانية ومزيدا من الديون.

وقد لا تكون صراعات الماضي دليلا صحيحا لمسار الاقتصاد. فقد انخفض الناتج المحلي الإجمالي بما يصل إلى 0.5% في الحرب التي استمرت 34 يوما مع حزب الله اللبناني في عام 2006 مع انخفاض الصادرات وتباطؤ التصنيع، لكن التعافي الذي أعقب ذلك جاء سريعا.

ويقول المسؤولون إن ما يحدث اليوم أمر مختلف.

وقال ليو ليدرمان، كبير المستشارين الاقتصاديين لبنك هبوعليم -أحد أكبر البنوك في إسرائيل- إن هناك "أزمة نفسية" لدى الجمهور الإسرائيلي وإن تأثيراتها السلبية بدأت بالفعل.

وأضاف "سيقلل الناس الإنفاق الاستهلاكي بسبب حالة عدم اليقين والأجواء" السائدة.

وبما أن الإنفاق الاستهلاكي يمثل أكثر من نصف النشاط الاقتصادي، فقد يكون الضرر الذي يلحق بالاقتصاد كبيرا.

وقال مسؤول كبير بوزارة المالية الإسرائيلية لرويترز "استطاعت إسرائيل أن تتعافى بشكل ملحوظ من كل الأعمال القتالية الأخيرة.. يبدو أن هذا الحدث أكثر إثارة، رغم أن من المبكر جدا التأكد من ذلك".

وقلّص بنك إسرائيل المركزي الاثنين تقديراته للنمو الاقتصادي لعام 2023 إلى 2.3% انخفاضا من 3% وإلى 2.8% هبوطا من 3% العام 2024 على افتراض احتواء الحرب في غزة.

ويتوقع محافظ البنك أمير يارون -الذي يعارض خفض أسعار الفائدة في الوقت الحالي- حدوث انتعاش. وقال "لقد عرفنا كيفية التعافي من خلال الفترات الصعبة في الماضي و(عرفنا كيفية) العودة للرخاء سريعا.. ليس لدي أدنى شك في حدوث ذلك هذه المرة أيضا".

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

الإحصاء: انخفاض إصابات العمل في مصر بنسبة 15.6% خلال عام 2023

كشف الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، عن النشرة السنوية لإحصاءات إصابات العمل في منشآت القطاع الحكومي، القطاع العام / الأعمال العام، القطاع الخاص (50 عاملًا فأكثر)، والقطاع الاستثماري لعام 2023، وقد أظهرت الإحصاءات تراجعًا ملحوظًا في عدد إصابات العمل مقارنة بالعام السابق، مع تحسن في بعض القطاعات والنشاطات الاقتصادية.

ووفقا للمركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فقد بلغ إجمالي عدد حالات إصابات العمل في مصر 8317 حالة خلال عام 2023، حيث كانت حالات الذكور 7264 حالة، بينما بلغت حالات الإناث 1053 حالة. 

ومقارنةً بعام 2022، الذي سجل 9857 حالة، يمثل هذا انخفاضًا قدره 1540 حالة، بنسبة انخفاض وصلت إلى 15.6%، هذا التراجع يعكس جهودًا ملحوظة في تحسين بيئة العمل وتعزيز إجراءات السلامة المهنية في مختلف القطاعات.

ووفقًا للإحصاءات، سجل القطاع الخاص (الذي يضم المنشآت التي يزيد عدد العمال فيها عن 50 عاملًا) أكبر عدد من حالات الإصابات، حيث بلغت 4327 حالة بنسبة 52% من إجمالي الحالات، أما القطاع العام / الأعمال العام فقد سجل 2463 حالة بنسبة 29.6%، بينما سجل القطاع الحكومي 1404 حالات بنسبة 16.9%. فيما سجل القطاع الاستثماري أقل نسبة بإجمالي 123 حالة، تمثل 1.5% من الحالات.

ومن حيث توزيع الإصابات حسب الجنس، أظهرت الإحصاءات أن 87.3% من حالات الإصابات كانت للذكور، حيث بلغ عددهم 7264 حالة، بينما سجلت الإناث 1053 حالة، تمثل 12.7% من إجمالي الحالات.

وفيما يتعلق بالتوزيع الجغرافي لإصابات العمل، تصدرت محافظة القاهرة قائمة المحافظات من حيث عدد الإصابات، حيث سجلت 2015 حالة بنسبة 24.2% من إجمالي الحالات على مستوى الجمهورية، تلتها محافظة القليوبية بـ 1446 حالة، بنسبة 17.4%. 

في المقابل، لم تسجل بعض المحافظات مثل كفر الشيخ، الفيوم، وأسوان أي حالات إصابات عمل خلال العام 2023، مما يعكس تفاوتًا ملحوظًا في توزع الحوادث من محافظة لأخرى.

أما على صعيد المهن، فقد سجلت مهنة الفنيين ومساعدي الإخصائيين أعلى عدد من الإصابات، حيث بلغ عدد الحالات 2986 حالة، تمثل 35.9% من إجمالي الإصابات في عام 2023، تلتها مهنة عمال تشغيل المصانع وتشغيل الماكينات بـ 1946 حالة، بنسبة 23.4%، في المقابل، سجلت مهن رجال التشريع وكبار المسؤولين والمديرين أقل نسبة إصابات، حيث بلغت 54 حالة فقط، بنسبة 0.6%.

من حيث الأنشطة الاقتصادية، تصدرت الصناعات التحويلية قائمة الأنشطة التي سجلت أكبر عدد من إصابات العمل، حيث بلغ عدد الحالات 4281 حالة، بنسبة 51.5% من إجمالي الحالات، تلتها أنشطة الفنادق والمطاعم بـ 920 حالة، بنسبة 11.1%، في المقابل، لم تسجل أنشطة مثل خدمات الأفراد المنزلية والإدارة العامة للدفاع أي حالات إصابات عمل.

أما بالنسبة لأنواع الإصابات، فقد كانت إصابات السقوط هي الأكثر شيوعًا، حيث بلغت 2627 حالة، تمثل 31.6% من إجمالي الإصابات. تلتها الإصابات الناتجة عن التصادم بالأشياء أو الأخطاء بـ 2245 حالة، بنسبة 27%، وكان أقل عدد من الإصابات في الحوادث التي لم تؤدِ إلى إصابات بشرية، حيث سجلت 3 حالات فقط، بنسبة 0.04%.

مقالات مشابهة

  • خبير اقتصادي: تعليق الحكومة الفيدرالية لضريبة المبيعات يعزز الاقتصاد الكندي في 2025
  • دور التكنولوجيا في تحسين التحصيل الضريبي وتعزيز الإيرادات الضريبية
  • عضو بـ«النواب»: مدارس التكنولوجيا التطبيقية تؤهل الطلاب لسوق العمل
  • السيسي يوجه بمواصلة تحسين مناخ الاستثمار ومعالجة التحديات الهيكلية التي تؤثر على الاقتصاد المصري
  • الإحصاء: انخفاض إصابات العمل في مصر بنسبة 15.6% خلال عام 2023
  • “زين” تُعزّز جهودها لتمكين المرأة في مجالات التكنولوجيا
  • زيباري:تهديدات إسرائيل للعراق بسبب أفعال الحشد الشعبي الخارجة عن القانون
  • لمنع انزلاق اليمن نحو المجهول .. رئيس المكتب السياسي السابق لحركة الحوثيين يوجه دعوة هامة لكافة الأطراف اليمنية شمالاً وجنوباً 
  • غرفة التكنولوجيا " CIT " تطلق ثلاث مبادرات لرقمنة المصانع وتوظيف الكوادر التكنولوجية ومنصة" الكتالوج الإلكتروني" وبناء الاقتصاد الرقمي
  • حرب المسيّرات.. التكنولوجيا التي أعادت تشكيل وجه النزاعات العسكرية