لدعم مواطنيها.. أستراليا ترسل مزيدا من الطائرات والجنود إلى الشرق الأوسط
تاريخ النشر: 25th, October 2023 GMT
قالت أستراليا، الأربعاء، إنها أرسلت طائرتين عسكريتين إضافيتين و"عددا كبيرا" من جنود الدفاع إلى الشرق الأوسط للمساعدة في دعم مواطنيها هناك، إذا تصاعدت الحرب المستمرة بين إسرائيل وحماس.
وشنت حماس هجوما مباغتا في السابع من أكتوبر على إسرائيل، مما أسفر عن مقتل أكثر من 1400 شخص معظمنهم من المدنيين وبينهم أطفال ونساء، بينما قالت وزارة الصحة الفلسطينية إن ما لا يقل عن 5791 فلسطينيا قتلوا في الضربات الإسرائيلية التي تلت ذلك، غالبيتهم من المدنيين وبينهم 2360 طفلا.
وقال وزير الدفاع، ريتشارد مارليس، إن أستراليا أرسلت طائرة "بوينغ سي-17" وطائرة للتزويد بالوقود جوا لديها القدرة على نقل الركاب، ليصل العدد الإجمالي إلى ثلاث طائرات.
ولم يكشف الوزير عن العدد الإجمالي للجنود الذين أرسلوا ولا المكان الذي ستتمركز فيه الطائرات لأسباب أمنية، لكنه قال إنها لن تتمركز في إسرائيل.
وقال مارليس للقناة التاسعة الأسترالية "هناك عدد كبير من الجنود وهم موجودون لدعم الطائرات ودعم ما قد يتعين على تلك الطائرات القيام به في نهاية الأمر".
وأضاف "كل هذه إجراءات طارئة الغرض منها هو دعم الأستراليين الموجودين في الشرق الأوسط... الوضع متقلب جدا ولا نعرف على الإطلاق في أي اتجاه ستسير الأمور من هنا".
المصدر: الحرة
إقرأ أيضاً:
جو ستورك.. رائد حقوق الإنسان والتقدُم
عبد النبي العكري
في يوم الثلاثاء 22 أكتوبر 2024 توفي المناضل الإنسان جو ستورك في منزله في واشنطن، وكان جو قد فقد زوجته الحقوقية برسلا قبل ستة أشهر تقريباً، وكان لذلك تأثير نفسي عميق عليه. وقد أنجب منها 3 بنات؛ هن: نورا وظافرة وليلى، وهي أسماء عربية تعكس ارتباط وعاطفة ستورك تجاه العرب.
تأتي وفاة جو ستورك بعد حياة حافلة بالنضال السياسي والحقوقي وتراث غني من المعرفة من خلال صحيفة ميريب (تقرير الشرق الأوسط) ودراسات وتقارير حقوقية موثقة صادرة عن منظمة مراقبة حقوق الإنسان وغيرها من الهيئات والمنظمات وكتب معرفية عميقة حول الشرق الأوسط والسياسة الأمريكية؛ حيث ترك جو ستورك آثارًا لا تُمحى في المجالات والمنظمات التي ناضل وعمل فيها.
وخلال أكثر من نصف قرن من النضال الإنساني والحقوقي، فقد ارتبط جو ستورك بشكل خاص مع نضالات الشعوب العربية وحقوقها السياسية والحقوقية والإنسانية بشكل استثنائي وله مكانة خاصة لدى الشعوب العربية وفي مُقدمتها شعب فلسطين ولذا فإنَّ فقده خسارة كبيرة لشعوبنا العربية.
وُلِدَ جو ستورك في مدينة نيويورك في 1943، وتخرج في جامعة سانت فنسنت في بنسلفانيا تخصص اللغة الإنجليزية في 1963. وتطوع في فرق السلام في تركيا خلال الفترة 1964-1967 وزار كلا من الأردن ولبنان؛ حيث تفقد مخيمات اللاجئين الفلسطينيين وحاور شخصيات خبيرة فيها، حيث تعرف للمرة الأولى على القضية الفلسطينية مباشرة.
حاصل على الماجستير في العلاقات الدولية من قسم دراسات الشرق الأوسط بجامعة كولومبيا في نيويورك ونشط خلالها في الحركة المناهضة لحرب أمريكا في فيتنام. وينتمي جو ستورك لتيار اليسار الجديد في أمريكا والغرب ومن المهتمين بقضايا الشرق الأوسط ونضالات شعوبة. ومن هذا المنطلق أسس مع رفاق له مركز الشرق الأوسط للبحث والمعلومات "ميريب" في 1971، وكان مسؤولا عن مجلة تقرير الشرق الأوسط "ميريب" الصادرة كل شهرين من 1971 حتى 1995، والمتخصصة في قضايا الشرق الأوسط من وجهة نظر يسارية تقدمية وموضوعية. وظل ستورك ينهض بهذه المهمة الصعبة رغم قسوة الظروف وتراجع اليسار الجديد. وميريب من المجلات اليسارية القليلة المستمرة في الصدور وتصدر حاليًا إلكترونيا بدعم من جامعة اكستر ببريطانيا. وقد كرست المجلة عددا خاصا بجو ستورك بعد وفاته تضمن عدة مقالات له ومقالات عنه وحوارات تقييمية تضمه مع كبار المحررين ومقابلات معه.
ويُؤكد جو ستورك أنه عند تأسيس المجلة محدودية الاهتمام بالقضايا العربية بما في ذلك القضية الفلسطينية في الأوساط الإعلامية والبحثية والأكاديمية بما في ذلك الأوساط اليسارية، ويجري تناولها بصورة نمطية تعكس السردية الأميركية والصهيونية والأنظمة الموالية للغرب. من هنا أهمية إصدار واستمرار مجلة ميريب. ومن أجل أن تكون المجلة ذات مصداقية وموضوعية وتعكس رؤية التيار التقدمي للقضايا العربية، فقد كانت قاعدة التحرير واسعة من المحررين الأساسيين والردفاء والمساهمين، وكلهم متطوعون فيما ينهض رئيس التحرير ولجنة التحرير بمهمة التحرير النهائي. ولتأكيد الطابع العلمي للمجلة فقد شارك أكاديميون تقدميون في المجلة. وعمدت المجلة لاستكتاب باحثين تقدميين من المنطقة العربية وجوارها. وهنا فقد كان جو ستورك فاعلا في مسيرة ميريب كرئيس للتحرير طوال ربع قرن وكاتباً فيها لربع قرن آخر.
النضال الحقوقي
وكما هو حال عدد من اليساريين الغربيين، انتقل ستورك إلى مجال نضال رحب وهو المجال الحقوقي، حيث انضم إلى منظمة هيومن رايتس ووتش (مراقبة حقوق الإنسان )، ومقرها نيويورك في 1996 وظل يعمل فيها حتى 2020. ولكن واستجابة لإلحاح مجلس الأمناء والعاملين في المنظمة، فقد اضطر للعودة للمنظمة كمستشار لشؤون الشرق الأوسط حتى وفاته في 22 أكتوبر 2024.
والمعروف أنَّ قيام مراقبة حقوق الإنسان أتى بعد مؤتمر هلسنكي للأمن والتعاون في أوروبا في 1975، والذي ضم دول أوربا وأمريكا وكندا بهدف تخفيف آثار الحرب الباردة مع ما يرافقها من مواجهات في مجال حقوق الإنسان. ومن مخرجات المؤتمر الحق في قيام منظمات أهلية لرصد ومتابعة الالتزام بميثاق هلسنكي ومن أهمها حقوق الإنسان. ومن هنا قيام منظمة مراقبة حقوق الإنسان من قبل حقوقيين أميركيين لتراقب وترصد وتقيم حقوق الإنسان في بلدان ميثاق هلسنكي، لكنها تطورت إلى منظمة حقوقية دولية احترافية ذات معايير صارمة ومصداقية. من هنا التحاق جو ستورك بها.
انضم جوستورك إلى المنظمة، ونظرا لخبرته في المنطقة والتي استمرت ربع قرن في مجلة ميريب ومعرفته الميدانية بأوضاعها ومنها أوضاع حقوق الإنسان فقد أوكلت له مهمة نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وهنا أيضًا فإن جو ستورك اعتبرها مهمة نضالية وليس وظيفة، وهذا ما يشهد به كل من عمل معه بأنه كان حريصا على تقديم كل ما لديه من خبرة ومعارف ودعم للعاملين معه أو من يسعون لمعرفة ما يتعلق بحقوق الإنسان في المنطقة.
في النهوض بمهمته الإنسانية فإن جوستورك لم يركن إلى العمل المكتبي وتلقي التقارير بل حرص على أن يكون على اطلاع مباشر بالأوضاع الحقوقية وواقع هذه البلدان من خلال التواجد فيها ومعايشة أحداثها. وقد عمد إلى زيارة البلدان المسؤول عنها في الشرق الأوسط دون دعوة أو ترتيبات رسمية مسبقة مما يعرضه لمخاطر عدة. ففي السنة الأولى من عمله، زار البحرين في يونيو 1996 والذي صادف حراكاً شعبيًا واسعًا لدعم العريضة الدستورية وتكررت زياراته حتى 2011.
وإثر الغزو الأمريكي للعراق في 2003، فقد قام جو ستورك برئاسة وفد تحقيق في جرائم أمريكا في العراق وجمع آلاف الوثائق التي توثق جرائم الاحتلال الأميركي للعراق. كما زار الضفة الغربية المحتلة، ونشرت المنظمة بعدها تقريرا مفصلا حول نظام الفصل العنصري الصهيوني. وخلال ثورات الربيع العربي، زار جو ستورك مصر في ربيع 2011 وأصدرت المنظمة تقريرا موسعا عن قمع نظام مبارك وانتهاكاته.
هذه أمثلة فقط للعديد من الزيارات التي قام بها ستورك أو العاملون معه في المنظمة إلى مختلف هذه البلدان.
لقد نسج ستورك صداقات وعلاقات وثيقة مع الحقوقيين ومنظماتهم والضحايا وأهاليهم ومحاميهم من المدافعين عن حقوق الإنسان وحقوق شعوبهم والقضايا الإنسانية في هذه البلدان مما مكنه ومكن المنظمة من متابعة تطور أوضاع حقوق الإنسان عن معرفة جيدة وموضوعية ودعم هؤلاء النشطاء ومنظماتهم بفاعلية.
الاستمرار في ظروف صعبة
وبعد أحداث الربيع العربي 2011 وما ترتب عليه من حروب أهلية في بعض الدول العربية وتوسع القمع وتراجع الحريات العامة في جميع الدول العربية، جرى حل الجمعيات والمنظمات الحقوقية الوطنية وتراجع نشاطها والتشدد الرسمي مع المنظمات الحقوقية الدولية ومنع زيارات وفودها أو مهماتها. وقد شمل ذلك المنع جو ستورك ومنظمة مراقبة حقوق الإنسان. لكن جو ستورك والمنظمة ظلت تتابع تطورات أوضاع حقوق الإنسان في البلدان العربية والشرق أوسطية والتعاطي معها بمسؤولية ونزاهة بالاتصال بالمنظمات والنشطاء الحقوقيين والضحايا ومحاموهم وأقاربهم داخل هذه البلدان وخارجها. كما عمد لمخاطبة المسؤولين حول قضايا حقوق الإنسان. وكان جوستورك في قلب هذه الاتصالات مباشرة مع أهاليهم ومحاموهم ويتحرك من أجل الحد من معاناتهم.
وكان لجو ستورك والمنظمة دور مهم في المحافل الدولية لطرح قضايا حقوق الإنسان في المنطقة العربية والشرق الأوسط لمعالجة أوضاع حقوق الإنسان ومحاسبة المنتهكين حكومات وأجهزة وتنظيمات وأفراداً بطرح تقارير ومذكرات موثقة وموضوعية. وقد كان ستورك حاضرا في اجتماعات هيئات الأمم المتحدة الخاصة بحقوق الإنسان، كما قدَّم شهادات في الكونجرس الأمريكي، حيث أثبت بوضوح دور الولايات المتحدة في المساهمة في انتهاكات حقوق الإنسان في البلدان العربية بدعمها الأنظمة التسلطية وتواطئها في المحافل الدولية.
دور ريادي بمختلف الصعد
أسهم جو ستورك في الحقل الأكاديمي الحقوقي حيث درس في جامعات واشنطن مواد تتعلق بحقوق الإنسان وحاضر في محافل جامعية وحقوقية في أمريكا وعدد من بلدان العالم. كما كان مرجعاً موثوقاً لوسائط الإعلام حول أوضاع حقوق الإنسان في الشرق الأوسط ومسؤولية الغرب وخصوصا أمريكا فيها ونشرت مقالاته في صحف بارزة مثل "لوموند دبلوماتيك". وقدَّم ستورك شهادات عدة مرات أمام لجان الكونجرس الأمريكي حول الشرق الأوسط وحقوق الإنسان. كما ألف جو ستورك عددا من الكتب المتخصصة ومنها كتاب نفط الشرق الأوسط والمحو في لحظة وريجن والشرق الأوسط والجزيرة العربية المخفية والإسلام السياسي والثورة العربية وانتهاكات روتينية ونفي روتيني.
من الصعب علينا إعطاء جو ستورك حقه ببضع كلمات ولكن الوفاء له وما سعى إليه في حياته هو الوفاء للقيم الإنسانية التي ناضل من أجلها وللنهج الذي تبعه بتوخي الحقيقة والتمسك بالقيم الإنسانية والثبات على المبدأ وعدم الخضوع للتهديدات والسعي وراء المغريات.
رابط مختصر