معطياتٌ ميدانية عن عمليّات حزب الله.. هكذا تُدار حرب الجنوب!
تاريخ النشر: 25th, October 2023 GMT
ما يجري حالياً بين "حزب الله" والعدو الإسرائيليّ في الجنوب هو حالة حربٍ بكلّ ما للكلمة من معنى حتى لو لم يتمّ إعلان ذلك رسمياً وفعلياً. صحيحٌ أنّ الكلام عن "مواجهة محصورة" هو الطاغي حالياً، لكن المعطيات الميدانية تُشير إلى جولات قتالية أساسية، والخوف هو أنّ تستمرّ الحالة القائمة الآن أسابيع وأشهر إرتباطاً بما قد يشهده قطاع غزّة من تطورات في ظلّ ما يُحكى عن التحضير الإسرائيلي لإجتياحٍ برّي.
عسكرياً، ما تُمعن به إسرائيل حالياً هو قتل عناصر "حزب الله". الأمرُ هذا يعني تقدّماً بالنسبة لتل أبيب، والمشكلة هي أنَّ الأخيرة تتمادى في هذه الورقة إستناداً إلى تقنياتٍ تُمكّنها من ذلك عبر طائراتها المُسيرة، في حين أنّ الحزب ما زالَ يلتزمُ ضوابط المعركة المحدودة منعاً لتفاقمها. هنا، تكمنُ المعضلة الكبرى في حال طالَ أمدُ التوتر، والسؤال: هل سيبقى الحزب محافظاً على قواعد الإشتباك وسط إستمرار إسرائيل في قتل عناصره ؟ ما هي خطواتهُ الأكثر تأثيراً في ظلّ المشهدية القائمة؟ هل سينتقلُ عملياً إلى مرحلة الحرب المُعلنة؟
التساؤلات المذكورة أعلاه مطروحة وبشدّة، وما يحصل هو أنّ "حزب الله" يُدرك تفاصيل المعركة ويعي تماماً أنّ المواجهة الحالية ستُكلفه سقوط شهداء. إلا أنه وفي الوقت نفسه، ولتدارك إنفلات الأمور على الجبهة، يمكن أن يبادر الحزب إلى أمرٍ أساسي وهو إستخدامُ قوّة أكبر في هجماتهِ ضدّ المواقع الإسرائيليّة التي بات يستهدفها يومياً، وبالتالي زيادة الخسائر المادية والبشرية في صفوف الجيش الإسرائيليّ. هنا، يتمحور نطاق "حزب الله"، فلا إمكانية حالياً لإطلاق راجمات الصواريخ مثلما كان يحصلُ في حرب تمّوز 2006، ولا إمكانية لإتمام عمليات إقتحام في ظلّ الإستنفار العسكريّ الإسرائيلي الكبير، فالأمرُ يُعتبر من جهة مُخاطرة كبرى يمكن أن تساهم في إضعاف الحزب عسكرياً وميدانياً وسط وجود دعمٍ أميركيّ مُطلق لإسرائيل، ومن جهة أخرى يمكن أن تؤدي تلك الخطوات إلى فتح جبهةٍ كبيرة لا يريدها الحزبُ الآن.
خطوة ميدانية أساسيّة
في مقابل كل ذلك، فإنّ ما يُساعد "حزب الله" في الوقت الراهن هو أنَّه فتح مجالاً لأمرٍ لم يكُن معهوداً سابقاً خلال جولات القتال السابقة، خصوصاً خلال حرب تمّوز عام 2006. الآن، بات ميدان الجنوب مفتوحاً ومُشتركاً بين فصائل عديدة مُختلفة، لاسيما تلك المنتمية إلى جهاتٍ فلسطينية أو إلى أطرافٍ لبنانية كانت لديها قوات عسكرية تقليدية سابقاً مثل "قوات الفجر"، التابعة للجماعة الإسلاميّة. الآن، يتبين أنّ الحزب قرّر إشراك مختلف الأطراف العسكرية في المواجهة وذلك في مسعى لعدم رفع شعار "إحتكار المقاومة". في الوقت نفسه، ورغم أنّ بعض الفصائل تسعى للإنخراط في العمل المقاوم، إلا أنّ عملياتها لا تمرُّ ولن تمرّ إلا عبر "حزب الله". الأمرُ هذا محسومٌ باعتبار أنّ الأخير يعي تماماً الطبيعة الجغرافية لأرض الجنوب، كما أن هناك سلسلة من الخطوط الحمراء، لا يُمكن تجاوزها أبداً في المواجهة ضدّ إسرائيل. السببُ في هذا الأمر يتعلّق في إدارة الحزب للمعركة عبر غرفة عمليات مُشتركة، فهو الذي يمكنه تحديد نطاق العمليات ومكانها والثغرات التي يمكن إستغلالها لتوجيه ضرباتٍ دقيقة ضد المواقع الإسرائيلية. كذلك، فإنّ وضع "حزب الله" الخطوط العريضة للمواجهة في الجنوب وتدقيقه في التفاصيل الأخرى، يساهم إلى حد كبير في الحفاظ على قواعد الإشتباك التي يضبطها هو بنفسه وينبغي على الأطراف الأخرى المُقاتلة الإلتزام بها بشكلٍ أكيد وحازم، وإلا فإن أي خطأ سيُكلف لبنان الكثير.
أمام كل هذه المعطيات الأساسية، يتبيّن أنّ "حزب الله" بات يعتمدُ على عنصرين أساسيين : الأول وهو إدارة المعركة ضمن القواعد المعروفة وعدم إعتماد المفاجأة التي يمكن أن تساهم بتدحرج الأمور إلى حرب، وثانياً إضفاءِ "ثقة" داخلية من أطرافٍ عديدة يُمكن أن تُشكل بيئة حاضنة له في حال حصولِ أيّ معركة كبرى، لاسيما في الشارع السني الذي انطلقت منه العمليات التي نفذتها "قوات الفجر" التابعة للجماعة الإسلاميّة.
إذاً، في خلاصة القول، يمكن التأكيد أنّ المعركة ورغم إتخاذها وجه الحرب، ما زالت منضوية تحت إطار مضبوطٍ لن يتطور إلا في حال اندلعت حربٌ إقليميّة كُبرى. عندها، سيكشف "حزب الله" عن أوراقهِ التي لم يُعلن عنها، وتقولُ مصادره إن في جعبته الكثير من المفاجآت التي ستقلب أي معركة رأساً على عقب.
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: حزب الله یمکن أن
إقرأ أيضاً:
أبرز المساجد والكنائس التي دمرها العدوان الإسرائيلي على غزة
على مدار العصور كان قطاع غزة بوابة آسيا ومدخل أفريقيا ومركزا مهما للعالم، ونقطة التقاء للعديد من الحضارات المختلفة، ومهدا للديانات والتعايش بين أتباعها.
وتعكس المعابد والكنائس والمساجد التاريخية في غزة غنى وعُمق الهوية الفلسطينية، حيث كان القطاع مركزا للحياة الدينية والثقافية وقِبلة للسلام، قبل أن تحوّله إسرائيل إلى مسرح لإبادة جماعية طوال أكثر من 15 شهرا.
ارتكب جيش الاحتلال الإسرائيلي أبشع أنواع القصف والتدمير في غزة، مستهدفا المدنيين والبنية التحتية، بما في ذلك المساجد والكنائس العريقة التي كانت ولا تزال تحمل في طياتها جزءا من ذاكرة وتاريخ الشعب الفلسطيني.
وخلال فترة الإبادة لم ينجُ مكان للعبادة سواء للمسلمين أو المسيحيين من هجمات جيش الاحتلال، وكانت تلك الأماكن المقدسة هدفا مباشرا للضربات الجوية والمدفعية، ما أسفر عن دمار مروع وخسائر بشرية فادحة.
ولم تكتفِ القوات الإسرائيلية بالاعتداء على المباني الدينية، بل تجاوزت ذلك إلى ارتكاب جرائم قتل بحق علماء الدين وأئمة المساجد.
738 مسجدا سُويت بالأرضويقول المتحدث باسم وزارة الأوقاف في قطاع غزة إكرامي المدلل إن "صواريخ وقنابل الاحتلال سوّت 738 مسجدا بالأرض، ودمرتها تدميرا كاملا من أصل نحو 1244 مسجدا في قطاع غزة، بما نسبته 79%".
إعلانوأضاف "تضرر 189 مسجدا بأضرار جزئية، ووصل إجرام الاحتلال إلى قصف عدد من المساجد والمصليات على رؤوس المصلين الآمنين، كما دمرت آلة العدوان الإسرائيلية 3 كنائس تدميرا كليا جميعها موجودة في مدينة غزة".
وأشار إلى أن الاحتلال استهدف أيضا 32 مقبرة منتشرة بقطاع غزة، من إجمالي عدد المقابر البالغة 60، حيث دمر 14 تدميرا كليا و18 جزئيا.
وأوضح أن "استهداف الاحتلال للمساجد ودور العبادة يأتي في سياق استهداف الرسالة الدينية، فالاحتلال يُدرك أهمية المساجد ومكانتها في حياة الفلسطينيين، وهي جزء لا يتجزأ من هوية الشعب".
كما أكد المدلل أن "استهداف الاحتلال للمساجد ودور العبادة يأتي ضمن حربه الدينية، وهو انتهاك صارخ وصريح لجميع المحرمات الدينية والقوانين الدولية والإنسانية".
وأضاف "يسعى الاحتلال لمحاربة ظواهر التدين في قطاع غزة ضمن حربه الدينية الرامية لهدم المساجد والكنائس والمقابر".
ولم يكتفِ الجيش الإسرائيلي بتدمير المساجد، بل قتل 255 من العلماء والأئمة والموظفين التابعين لوزارة الأوقاف، واعتقل 26 آخرين.
وتاليا أبرز المساجد التي طالتها آلة الدمار والعدوان الإسرائيلية:
المسجد العمري الكبيريُعد من أقدم وأعرق مساجد مدينة غزة، ويقع في قلب المدينة القديمة بالقرب من السوق القديم، تبلغ مساحته 4100 متر مربع، مع فناء بمساحة 1190 مترا مربعا.
ويضم 38 عمودا من الرخام المتين، مما يضيف لجمال المسجد وتاريخه العريق، ويعتبر الأكبر في قطاع غزة، وقد سُمي تكريما للخليفة عمر بن الخطاب.
وفي تاريخه الطويل، تحوّل الموقع من معبد فلسطيني قديم إلى كنيسة بيزنطية، ثم إلى مسجد بعد الفتح الإسلامي.
تعرض المسجد للتدمير عدة مرات عبر التاريخ نتيجة الزلازل والهجمات الصليبية، وأعيد بناؤه في العصور المختلفة، من العهد المملوكي إلى العثماني، كما تعرض للدمار مجددا في الحرب العالمية الأولى، ورُمم لاحقا في العام 1925.
إعلان مسجد السيد هاشميقع في حي الدرج شرق مدينة غزة، ويُعتقد باحتضانه قبر جد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم هاشم بن عبد مناف، الذي ارتبط اسمه بمدينة "غزة هاشم".
تعرض المسجد لأضرار كبيرة جراء قصف شنته الطائرات الحربية الإسرائيلية في 7 ديسمبر/كانون الأول 2023.
مسجد كاتب ولايةيشترك بجدار واحد مع كنيسة برفيريوس، ويعد من المساجد الأثرية المهمة بغزة، وتُقدر مساحته بنحو 377 مترا مربعا.
يرجع تاريخ بناء المسجد إلى حكم الناصر محمد بن قلاوون أحد سلاطين الدولة المملوكية في ولايته الثالثة بين عامي 1341 و1309 ميلادية.
تعرض لقصف مدفعي إسرائيلي في 17 أكتوبر/تشرين الأول 2023 متسببا في أضرار جسيمة.
المسجد العمري في جباليايعد مسجد جباليا أحد أقدم المعالم التاريخية في البلدة ويُطلق عليه سكان المنطقة "الجامع الكبير"، ويتميز بطرازه المعماري المملوكي.
تعرض المسجد للتدمير عدة مرات، آخرها في حربي 2008 و2014، ورغم ذلك بقي رمزا مهما للمنطقة.
كنيسة القديس برفيريوس الأرثوذكسية اليونانية المتضررة بعد غارة جوية في 20 أكتوبر/تشرين الأول 2023 (الأوروبية) وتاليا أبرز الكنائس التي دمرها العدوان الإسرائيلي بقطاع غزة: كنيسة القديس برفيريوسأقدم كنيسة في غزة وثالث أقدم كنيسة في العالم، حيث يعود تاريخ تأسيسها إلى القرن الخامس الميلادي، وهي تقع في حي الزيتون، وسُميت نسبة إلى القديس برفيريوس، حيث تحتضن قبره.
وتعرضت للاستهداف المباشر أكثر من مرة، الأولى كانت في 10 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ما تسبب بدمار كبير، والثاني في 19 من الشهر ذاته، ما تسبب بانهيار مبنى وكلاء الكنيسة بالكامل، ووقوع عدد من الشهداء والجرحى من النازحين الذين تواجدوا بداخلها.
كنيسة العائلة المقدسةتعد كنيسة العائلة المقدسة الكنيسة الكاثوليكية الوحيدة في مدينة غزة، وكانت مأوى للمسيحيين والمسلمين خلال فترة الإبادة، وتعرضت للقصف الإسرائيلي مما أسفر عن أضرار جسيمة.
تم تأسيس الكنيسة في أوائل القرن العشرين، على يد الرهبان الفرنسيسكان، وبنيت الكنيسة على الطراز المعماري الكاثوليكي التقليدي.
إعلانوتُعد الكنيسة مكانا مهما للمسيحيين في غزة، حيث تُستخدم لأغراض العبادة وتقديم الدعم الروحي للمجتمع المسيحي الفلسطيني.
كما كانت مركزا ثقافيا ومجتمعيا يوفر العديد من الأنشطة الدينية والاجتماعية للمجتمع المسيحي في المنطقة.
كنيسة المعمدانيتتبع الكنيسة الأسقفية الإنجليكانية في القدس، حيث تم تأسيسها عام 1882 ميلادية على يد البعثة التبشيرية التي كانت تابعة لإنجلترا.
وارتبط اسمها خلال الحرب بمجزرة مروعة، حيث تعرضت ساحة المستشفى المعمداني، وهي جزء من مباني الكنيسة، لقصف إسرائيلي في 17 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أسفر عن استشهاد نحو 500 فلسطيني من المرضى والنازحين الذين كانوا متواجدين في المستشفى.