ساحة الإرادة بلا إرادة!..
تاريخ النشر: 25th, October 2023 GMT
محمد الشقاء*
كانت ولا تزال ”ساحة الإرادة” ساحة لتصفية الحسابات خاصة من المعارضة التي دائمًا ما تصعد من تحركها متحدية النظام والأسرة الحاكمة تحديدًا والمواقف عديدة في هذا الجانب؛ وبالطبع يظهر في مقدمة أولئك الحزبيين من التيارات الدينية وخاصة الإخوان عدا القَبَليين الذين وجدوا الساحة مرتعاً للفوضى.
استغلال واضح للأحداث بما فيها الحرب في غزة وذلك لاستعراض القوة والهيمنة، والمعيار لديهم هو حجم المؤيدين وارتفاع الصوت وكثرة “مايكات” إعلامهم حتى يحسب لهم في المستقبل حسابًا في قضاياهم المحلية، عدا أن كثيراً منهم يتجذر بشكل مباشر أو غير مباشر بمرجعيات “ما وراء البحار والأنهار”؛ لذا لا نجد صوتًا ينتقد مثلًا سياسات تركيا أو إيران وبوصلة النقد دومًا تتجه إلى دول الخليج وخاصة السعودية.
ليس صعبًا على “حكومة الكويت” إسكات هذه الأصوات التي وجدت مجالًا للنيل من السعودية في خطاباتها التحريضية اليومية أو إعادة ضبط خطابها ليكون في حدود الدفاع عن غزة وإخوتنا المضطهدين هناك في فلسطين. أخبار قد تهمك فكر استراتيجي أمني عسكري متطور مرتبط بالتنمية 17 أبريل 2023 - 8:36 صباحًا دمت عالياً ورمزاً للمجد 13 مارس 2023 - 9:54 صباحًا
المصدر: صحيفة المناطق السعودية
إقرأ أيضاً:
رأي.. إردام أوزان يكتب: العقوبات والسيادة والتغيير في سوريا
هذا المقال بقلم الدبلوماسي التركي إردام أوزان *، سفير أنقرة السابق لدى الأردن، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتب ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.
العقوبات ليست الداء، بل هي عرض ووسيلة وصمام ضغط، لكنها نادرًا ما تكون علاجًا. في حالة سوريا، أصبحت العقوبات محور الخطاب الدولي، وغالبًا ما تُشتت الانتباه عن الديناميكيات الأعمق التي تُشكل مستقبل البلاد.
منذ سقوط بشار الأسد أواخر عام 2024، شنت القيادة الانتقالية السورية حملة دبلوماسية حثيثة لرفع العقوبات الغربية. رسالتهم واضحة: العقوبات تخنق الاقتصاد، وتؤخر إعادة الإعمار، وتقوض التعافي الهش بعد الصراع.
مع أن هذا الادعاء صحيح بلا شك، إلا أنه من المضلل افتراض أن رفع العقوبات وحده كفيل بإعادة إحياء سوريا. فالعقوبات، وخاصة تلك المفروضة بموجب قانون قيصر الأمريكي والتدابير الأوروبية المرتبطة به، حدّت بشكل كبير من وصول سوريا إلى الخدمات المصرفية الدولية، وأثبطت الاستثمار، وأعاقت استيراد السلع الأساسية. ومع ذلك، من الضروري إدراك أن العقوبات لم تُدمّر الاقتصاد السوري؛ بل إن الحرب والحكم المركزي وعقودًا من الحكم الاستبدادي هي التي دمرته.
وهم اعتبار العقوبات العقبة الرئيسية أمام سوريا
إن الرواية القائلة بأن العقوبات هي السبب الجذري للمشاكل التي تعاني منها سوريا ليست مبسطة للغاية فحسب، بل إنها خطيرة أيضًا.
يحول ذلك التركيز عن القضايا الأساسية التي أدت إلى انهيار البلاد في المقام الأول. تُستخدم العقوبات كأداة ضغط سياسي لدفع القيادة الجديدة إلى تقديم تنازلات في تقاسم السلطة واللامركزية والعلاقات الخارجية، أكثر من استخدامها كأداة سياسية حقيقية. ويُطلب من الحكومة الانتقالية الحالية، بهدوء، تلبية شروط تعكس مصالح جيوسياسية لا إنسانية.
يُستغل الوضع الإنساني الملح في سوريا بشكل استراتيجي. تقدم واشنطن وبروكسل إعفاءات انتقائية من العقوبات مرتبطة بمشاريع أو مناطق محددة، مستخدمة الاقتصاد كوسيلة ضغط سياسية. هذا النهج الانتقائي يقوض خطط التعافي الوطني ويخلف تفاوتات بين المناطق، مما يسمح للجهات الخارجية بتحديد وتيرة ونطاق إعادة الإعمار.
لا يقتصر تخفيف العقوبات الذي تسعى إليه سوريا على الإصلاحات الداخلية فحسب، بل يشمل أيضًا تحالفات السياسة الخارجية وتوازنات القوى الإقليمية. ومن بين الشروط غير المعلنة:
الابتعاد عن الفصائل الفلسطينية، وخاصة حماس والجهاد الإسلامي، وقطع خطوط الدعم العسكري واللوجستي.كبح جماح الميليشيات المدعومة من إيران والتي تنشط في سوريا، وخاصة بالقرب من الحدود الإسرائيلية، تحت ضغط من تل أبيب وواشنطن.إدارة القضية الكردية، وخاصة فيما يتعلق بالمناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية/وحدات حماية الشعب في الشمال الشرقي، والدفع ضمنًا نحو التسوية أو الحكم الذاتي دون تهديد الوجود الأمريكي أو المصالح التركية.التعامل مع المقاتلين الأجانب، وخاصة أولئك الذين لديهم انتماءات إسلامية عابرة للحدود الوطنية، والتي تعتبرها الحكومات الغربية عاملًا مزعزعًا للاستقرار على المدى الطويل.الاعتراف بالإطار الأمني الإسرائيلي، ولو بشكل غير رسمي، من خلال تليين الموقف التاريخي لسوريا بشأن مرتفعات الجولان وفصائل المقاومة.ولم يتم تدوين أي من هذه المطالب في وثائق عامة، ولكنها تشكل النص الفرعي لكل تفاوض بشأن التنازل عن العقوبات، ومساعدات إعادة الإعمار، والتطبيع السياسي.
علاوة على ذلك، فإن فكرة أن رفع العقوبات يؤدي تلقائيًا إلى التعافي هي فكرة مضللة. فالاقتصاد السوري في حالة انهيار، حيث يعيش أكثر من 85% من السكان تحت خط الفقر، والليرة السورية تفقد قيمتها، ولا تزال السلع الأساسية كالوقود والأدوية والكهرباء نادرة. حتى لو كان رفع العقوبات جزئيًا، فسيساهم في تخفيف بعض المعاناة، ولكن بدون سيادة على العملية وقرار السوريين بمستقبلهم السياسي، يصبح التعافي لعبة مصالح خارجية.
هذا ليس موقفًا إنسانيًا محايدًا، بل هو نموذج لانخراط مشروط يُعطي الأولوية للأهداف السياسية الخارجية على السيادة السورية الداخلية. هذا يؤخر معالجة السؤال الجوهري: أي نوع من سوريا يُعاد بناؤه؟
الأزمة الأعمق: الشرعية السياسية والانحلال الهيكلي
الأزمة الأعمق في سوريا ليست اقتصادية فحسب، بل سياسية في جوهرها. إن غياب الشرعية السياسية يهدد الاستقرار على المدى الطويل أكثر مما قد تفعله العقوبات. على مدى أكثر من نصف قرن، فككت أنظمة الأسد أي هيكل كان من شأنه أن يتحداها، بما في ذلك المحاكم والبرلمانات والأحزاب والنقابات. بعد عقد من الحرب، أصبحت هذه المؤسسات ضعيفة وغير موثوقة. السوريون اليوم أكثر تشتتًا من أي وقت مضى بسبب الجغرافيا والطائفية والأيديولوجيا والصدمات. رفع العقوبات لن يغير ذلك؛ بل عملية سياسية شاملة حقيقية.
يبدو أن الحكومة الانتقالية الحالية، بقيادة أحمد الشرع، مهتمة بالاعتراف الدولي أكثر من اهتمامها بإعادة بناء الحكم. ويركز التعاون الدولي في المقام الأول على المال بدلاً من العدالة أو التمثيل أو آليات المساءلة. يتطلب التعافي الاقتصادي في سوريا إنشاء مؤسسات شرعية تعكس تنوع المجتمع السوري وتحمي الحقوق. وبدون هذه الإجراءات، قد تكون جهود التعافي غير متوازنة، وإقصائية، وربما غير مستقرة.
أحمد الشرع وعودة الحكم المركزي
منذ توليه السلطة كرئيس مؤقت، قدّم الشرع نفسه رمزًا لسوريا الجديدة. كان الشرع شخصية بارزة في هيئة تحرير الشام، وهو الآن يدعو إلى الانتقال والاعتدال. وقد وعد بالحوار الوطني، والإنعاش الاقتصادي، والانتخابات في نهاية المطاف.