تصاعد منذ طوفان الأقصى.. منع التنقل أحدث أشكال الأبارتهايد الإسرائيلي بالضفة
تاريخ النشر: 25th, October 2023 GMT
نابلس- ربما لا تبدو 200 متر مسافة بعيدة بين منزل المواطن عنان الناصر ومدخل قريته دير شرف قرب مدينة نابلس (شمال الضفة الغربية)، لكنها كانت كفيلة بأن تحوّل حياته هو وعائلته لجحيم وتجعله حبيس منزله، بعد أن حالت ممارسات الاحتلال الإسرائيلي دون تمكنه من التنقل داخل قريته وخارجها.
وكان الاحتلال أغلق، قبل أقل من سنتين، مدخل القرية الغربي وطرقها الفرعية بالسواتر الترابية، وأتبع ذلك بحاجز عسكري، وضاعف المعاناة بوضع سواتر حجرية عبارة عن مكعبات أسمنتية، لتعود وتقيم -قبل أقل من شهر- بوابة حديدية عسكرية تغلقها وتفتحها بضغطة زر متى تشاء، وتفصل المناطق عن بعضها.
ولم تكتف إسرائيل بفصل قرى الفلسطينيين ومدنهم عبر الاستيطان وعسكرة الشوارع؛ بل فاقمت معاناتهم بسياسة العقاب الجماعي إلى جانب إرهاب الجنود والمستوطنين -على حد سواء- ضدهم في أثناء تنقلهم عبر الطرق العامة.
التأقلم قسرا مع العزلأصبح المواطن عنان الناصر (43 عاما) ومعه أكثر من 100 فرد يقطنون في الحي الغربي من قرية دير شرف، معزولين تماما بحكم إجراءات الاحتلال، ويوما عن آخر تضيق ظروف معيشتهم، لدرجة أنهم باتوا يتأقلمون قسرا مع واقع العزل والإغلاق وصعوبة التنقل، خاصة منذ الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في7 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
وحتى يقطع عنان وأطفاله الثلاثة الطريق متوجهين لمدرستهم صباحا هذه المسافة، فعليهم -إذا كان الحاجز مفتوحا- أن يستقلوا مركبة نقل عمومي ذهابا وإيابا، وإذا لم يحالفهم الحظ وكان الحاجز مغلقا فعليهم أن يقطعوا الطريق مشيا على الأقدام، وبعد العودة مساء لا يغادرون المنزل إلا للضرورة القصوى، وغالبا لا يفعلون.
يقول للجزيرة نت، إنه يعيش ظروفا مأساوية في هذا "الكنتون" (المعزل) الصغير بالجزء الغربي من القرية، تفرض عليه واقعا جديدا يتعامل معه، خاصة مع بدء الحرب على غزة، إذ يلتزم المنزل معظم الوقت ويتأهب لأي اعتداء من المستوطنين، أو مداهمة من جيش الاحتلال.
"لحسن الحظ أني لا أملك مركبة للتنقل رغم حاجتي القصوى لها، لكن في ظل الإغلاق المستمر يبدو المشي على الأقدام -رغم كل مخاطره- أفضل".
فلسطينيون يسلكون طرقا فرعية جنوب نابلس فيتفاجؤون بحواجز الاحتلال العسكرية (الجزيرة)
وبينما يظل عنان حبيس منزله معظم الأوقات، يبدأ الشاب عبد العزيز حمدان -من إحدى قرى شمال مدينة نابلس- يومه بالاستفسار عن الطرق السالكة للمدينة حيث مكان عمله، ليتجنب إغلاق الحواجز، ومن ثم الانتظار لساعات طويلة.
ورغم أن بلدته لا تبعد سوى كيلومترات عدة عن نابلس، فإن عبد العزيز (26 عاما) بات يلجأ للمبيت حيث يعمل، حتى يتجنب التنقل في الطرق التي أصبحت موحشة، مع وجود حواجز الاحتلال وتواصل هجمات المستوطنين. وهو حال يواجهه موظفون وطلبة جامعيون، اضطروا لأداء وظائفهم، أو للتعليم عن بعد (إلكترونيا).
جسر يقطع شارع حوارة بناه الاحتلال لعزل المناطق الفلسطينية عن شوارع المستوطنين (الجزيرة) إغلاق كامل للشوارع والبلداتأصبحت قرى بأكملها تعيش عزلة تامة كحال بلدة حوارة جنوب نابلس والقرى المحيطة بها، إذ يغلق الاحتلال الشارع الرئيس والحيوي فيها الواصل بين شمال الضفة الغربية وجنوبها منذ بداية الحرب، ويمنع تحرك السكان فيه ويطلق عليهم النار.
كما يغلق الاحتلال في شارع حوارة أكثر من 300 منشأة اقتصادية، ويحرم سكان المناطق الجنوبية من التنقل عبره، ويجبرهم على سلك طرق أخرى محفوفة بالمخاطر، ويمارس عليهم جنوده ومستوطنوه شتى أنواع العقاب بالحجز والتفتيش والاعتداء المباشر.
وانقطع التواصل بين قرى شمال نابلس بفعل الإغلاق، وأصبحت تفتقر إلى أيسر احتياجاتها من الطعام والشراب؛ لأن تأمينها قد يكون ثمنه حياة المواطن، مثلما حدث مع منيب شبيب وزوجته ابتسام من قرية برقة.
يقول منيب للجزيرة نت، إنهم تعرضوا للضرب المبرح والتهديد بالسلاح وتحطيم مركبتهم على يد مستوطنين، تسللوا من مستوطنة حومش القريبة، بعد أن استغلوا إغلاق جنود الاحتلال البوابة العسكرية عند مدخل المستوطنة، وأعاقوا حركة المواطنين الفلسطينيين ومركباتهم.
مواطنون يقطعون حاجزا ترابيا وضعه جيش الاحتلال في قرية برقة (الجزيرة) تقسيم مكاني وزماني للتنقلولثلاث "كنتونات" (معازل) رئيسة (شمال ووسط وجنوب) قسمَّت إسرائيل الضفة الغربية، وجزّأت المجزأ، فأوجدت أكثر من 200 "كنتون" مصغر ومعزول عن بعضه، عبر أكثر من 750 حاجزا عسكريا.
يقول وزير هيئة شؤون الجدار والاستيطان السابق وليد عساف، إن إسرائيل أعلنت الحرب مزدوجة على غزة والضفة الغربية، وأن العدوان على غزة أصدر "الضجيج" اللازم للتغطية على مخطط "الكنتونات" والتهجير بالضفة، وتابع "هجَّرت إسرائيل 74 عائلة تتكون من 547 شخصا من مناطق الأغوار الفلسطينية، خلال الأسبوع الأول من الحرب فقط".
وأكد وليد عساف في حديثه مع الجزيرة نت، أن العزل والاغلاق أدى لتقسيم مكاني وزماني للشوارع التي يتنقل عبرها الفلسطينيون، حيث فرضت إسرائيل على بعضها إغلاقا أمنيا وعسكريا، وحرمت الفلسطينيين من استخدامها.
وبهذا العزل الإسرائيلي يعيش الفلسطينيون، وفق وليد، "نكبة ثالثة" فقدوا فيها حريتهم بالتنقل، وأصبحت مدنهم تغلق بضغطة زر.
جيش الاحتلال يحاول منع فلسطينيين بالقوة أرادوا كسر إغلاق حاجز دير شرف غربي نابلس (الجزيرة) سياسة الأمر الواقعويتفق وزير العدل الفلسطيني محمد شلالدة مع وليد عساف في أن جرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل بغزة لا تختلف عن انتهاكاتها بالضفة الغربية، وهي كلها مخالفة للقوانين الدولية الحقوقية والإنسانية.
وقال محمد شلالدة للجزيرة نت، إن إسرائيل تفرض سياسة الأمر الواقع بعزل الفلسطينيين والتضييق عليهم للحيلولة دون حصولهم على حقهم في تقرير مصيرهم وعودتهم، ومن ثم إقامة دولتهم.
وأضاف الوزير أن "إسرائيل عبر سياساتها تلك لا تحصّل حقا للاحتلال ولا تنشئ سيادة له، فقبل الإغلاق بنت المستوطنات والجدار الفاصل، وأدان العالم ذلك ورفضه وعدّه غير شرعي، برأي استشاري لمحكمة العدل الدولية في 2004".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: أکثر من
إقرأ أيضاً:
قوات الاحتلال الإسرائيلي تنسف منازل في المناطق الغربية لمخيم جباليا شمالي قطاع غزة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أفادت وسائل إعلام فلسطينية، اليوم السبت، أن قوات الاحتلال الإسرائيلي قامت بنسف منازل في المناطق الغربية لمخيم جباليا شمالي قطاع غزة.
كما شن الطيران الحربي الإسرائيلي غارة جوية على حي النصر غرب مدينة غزة.
واندلعت مواجهات عنيفة بين المقاومة الفلسطينية وقوات الاحتلال في بلدة شقبا غرب رام الله بالضفة المحتلة.
واقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي مدينة طولكرم بالضفة المحتلة بعدد من الآليات العسكرية الإسرائيلية التي جابت في شوارع المدينة، كما داهم جنود الاحتلال عدة منازل في المدينة دون الإبلاغ عن اعتقالات حتى الآن.
كما أطلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي الرصاص الحي وقنابل الصوت باتجاه المواطنين، دون أن يبلغ عن إصابات.