ما إنْ أفاقَ "رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو"، من الغيبوبة التي ضربتْه ومساعديه وقادة جيشه لساعات، بفعل صدمة "طوفان الأقصى"، والهزيمة غير المسبوقة التي تلقَّاها، وكيانه.. سارعَ إلى شيطنة حركة حماس، ووصمها بالداعشيّة.. زاعمًا، كذبًا وزورًا وبهتانًا، أنّ مقاتلِيها، "قطعوا رؤوسَ الأطفال واغتصبوا النساء" بمستوطنات غِلاف غزة.

نتنياهو لقّن هذه "الأكذوبةَ الكبرى"، للرئيس الأميركي جو بايدن، الذي راحَ بدوره يردّدها ويكرّرها في تبجُّح وحماقة يُحسّد عليهما، رغم تراجع البيت الأبيض الأميركي عنها. الكيان الصهيوني- مُستعينًا بصور مُصطنعة ومزيفة- راحَ يروّج لفِرية قطع رؤوس الأطفال واغتصاب النساء، لدى "وسائل الإعلام الغربية"، المنحازة بالعموم (إلا نادرًا) لهذا الكيانِ، والتي تمتلك حضورًا واسعًا وتأثيرًا قويًا لدى الشّعوب الغربيّة.

 الوكالة اليهودية والهجرة إلى أرض الميعاد

لماذا يستهدف الكيانُ الصهيوني ومن ورائه بايدن، شيطنةَ حماس، وجعلها شبيهًا لـ "داعش" المقترنة بالتوحّش، والقتل والتعطّش للدماء، واغتصاب النساء؟. ما التداعياتُ المحتملة للترويج لداعشيَّة حماس على هجرة يهود العالم إلى أرض فلسطينَ المغتصبة؟. الاحتلال الإسرائيلي، قامَ بإخلاء 300 ألف مستوطن من مُدن غِلاف غزّة، وشمال إسرائيل على وقع "طوفان الأقصى" والاشتباكات اليوميَة مع حزب الله اللبنانيّ.. بما قد يدفعُهم للمغادرة بلا عودة، للنّجاة بحياتهم ورقاب أطفالهم ونسائِهم من الاغتصاب!.

الأخطرُ على "الكيان الصهيوني"، أنَّ هذه الحملة الإعلاميّة الجبّارة لشيطنة ودعْشنة حماس، تُظهِر هشاشته، أمام "يهود العالم"- المُفترض ترغيبهم في الهجرة إليه- إذ إنه صار هدفًا سهلًا لهجمات حماس على غرار "الطوفان". هذه الصورة الداعشيّة لحماس، لابدّ أن تلقي بظلالها على مهمَّة "الوكالة اليهوديّة" الناشطة حول العالم لتهجير اليهود إلى إسرائيل، وتعوق دورَها في ترغيبهم في العيش على أرض فلسطين؛ باعتبارها أرضَ الميعاد. ذلك أنَّ سؤالًا يطرح نفسَه على هؤلاء المُستهدَفين بالهجرة إلى هذا الكيان.. ما الذي يدفع "اليهودي" منهم، للانتقال إلى إسرائيل والعيش فيها.. هل ليكونَ صيدًا سهلًا لحماس وممارساتها الداعشيّة؟. بعبارةٍ أخرى.. لماذا يهاجر اليهودي إلى بلد تُقطع فيه رؤوسُ أطفاله، وتغتصب نساؤه، وتُسبى؟.

الحشد الأميركي والأوروبي لتصفية القضية الفلسطينية

لقد حشرَ "نتنياهو"، نفسَه في الزاوية، بهذه الدعاية السوداء ضد "حماس"، وليس أمامه سوى إبادتها وشطبها من الوجود، لاستعادة يهود الداخل الشعورَ بالأمان، وعدم المغادرة.. وكذلك توفير الثقة ليهود العالم في الكيان. لكن، هل يستطيع جيش الاحتلال التخلّص من حماس بإبادتها؟.. غالبًا لن ينجح في هذا.

لقد استهدفت دولة الاحتلال الإسرائيلي بهذه الأكذوبة، (قطع رؤوس الأطفال، اغتصاب النساء)، تجييشَ العالم كله إلى جانبها، ضد "حماس"، بتنصيبها رمزًا إرهابيًا على شاكلة داعش، للحرب عليها، وإبادتها، وتجريدها من حقّها المشروع، (وَفقًا للقانون الدولي)، في مقاومة الاحتلال. واستغلال هذا الاصطفاف الغربي، لتصفية القضية الفلسطينية، بإحياء خطط و"أحلام اليقظة" التي تراود الكيان بتهجير سُكان غزة، والضفة الغربية إلى مصر، والأردن، استعانة بالنفوذ الأميركي في المنطقة، وهو ما قُوبل بالرفض مصريًا وأردنيًا، واعتصام الفلسطينيين بأرضهم وقضيتهم وعدم مغادرتها. إسرائيل نجحت في ترويج أكاذيبها إعلاميًا، وحازت تعاطفًا ودعمًا لها.. فقد انتفض الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، لنجدتها، بمختلف أنواع الأسلحة، وحاملات الطائرات والقطع البحرية، والدعم المعنوي والإعلامي وإدانة حماس.

انهيار معنويات الجنود

هذا كله، لا يعني تحقيق إسرائيل هدفَ تصفية حماس، فـ "الكيان" لا يزال مرتبكًا، فاقدَ الاتزان، والجيش يعاني من انهيار معنويات جنوده، بعدما عاشوه من أهوال "طوفان الأقصى"، وتداعياته.. معنويات الجنود هذه ليس من السهل استعادتُها بين يوم وليلة.. بل تستغرق زمنًا طويلًا.. يؤكد ذلك، التردد في التحرك بريًا نحو قطاع غزة. كما أنَّ الدعم العسكري الأميركي والغربي، لا يعني حتمية انتصار "إسرائيل" على حماس، والتي فشلت في التغلّب بريًا على حزب الله (2006)، وعلى حماس (2008، و2014).. الجيوش غالبًا لا تستطيع حسمَ حروبها مع الحركات والتنظيمات المسلّحة. لعلنا نتذكر هذا الانسحاب المُهين للقوات الأميركية والبريطانية من "أفغانستان" (أغسطس/ آب 2021)، بعد احتلال دام 20 عامًا، وعودة حركة طالبان (المقاومة) إلى الحُكم. هذا المشهد تَكرارٌ لهزيمة أميركا في فيتنام ( 1965- 1973)، وانسحابها بعد خَسارتها  57 ألف جندي على يد المقاومة الفيتنامية. من المفارقات، أنَّ السفارة الأميركية في بيروت، أحيت (الإثنين) ذكرى مرور 40 عامًا على الهجوم الانتحاريّ الذي طالَ مقرّ مشاة جنود البحرية الأميركية (المارينز) في بيروت، وأسفرَ عن مقتل 241 جنديًا، ولحقَ بهم- بعد دقائق، وعلى مقربة منهم- 58 جنديًا فرنسيًا قُتلوا في هجوم مشابه على قوّة فرنسية عسكرية، ما دفعهم إلى الرحيل فرارًا من لبنان وقتها.

باراك.. وحماس في أحلام الناس وعقولهم وقلوبهم

القضاء على حركة حماس، غير ممكن.. حتى لو أعاد "الجيش الإسرائيلي"، اجتياح أو احتلال غزة- (ربما يكون مستبعدًا) – ونجح (لا قدر الله) في تصفية بعض القادة والمُقاتلين، وضرب مقدرات حماس القتالية. حماس "فكرة"، شأن حركات المقاومة والنضال من أجل قضية وعقيدة. يكفي أن نسوق شهادة شاهدٍ من أهلها، هو رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك الذي قال في تصريحات صحفية: إنَّه "لا يمكن القضاء على حماس بشكل كامل، فهي حركة أيديولوجية، موجودة في أحلام الناس وقلوبهم وعقولهم". يستطيع الجيش الإسرائيلي أن يقصف غزة جوًا، ويرتكب المجازر والمحارق قتلًا للأطفال والنساء والشيوخ.. لكن هذا ليس نصرًا، ولا هو قتال، ولن يهزم حماس.. ولن يقنع اليهود بالهجرة إلى الأراضي المحتلة.. كما، لن يمنع اليهود من الهجرة العكسية.

نسأل الله الثبات والنصر لأهلنا في غزة، والرحمة للشهداء والشفاء للجرحى.

 

 

 

 

 

 

 

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ة حماس

إقرأ أيضاً:

حماس: تهديدات ترامب “تشجع” إسرائيل على عدم تنفيذ بنود اتفاق الهدنة

يمن مونيتور/ قسم الأخبار

قال المتحدث باسم حركة حماس حازم قاسم في بيان الخميس، إن تهديدات الرئيس الأمريكي “تشجع” إسرائيل على “عدم تنفيذ بنود” اتفاق الهدنة في غزة، بعدما توعد دونالد ترامب سكان القطاع بـ”الموت” في حال عدم إطلاق سراح جميع المحتجزين الإسرائيليين فيه حالا.

وأضاف في تصريح صحافي أن هذه التهديدات “تعقد المسائل (المتعلقة) باتفاق وقف إطلاق النار وتشجع الاحتلال على عدم تنفيذ بنوده”.

وأضاف: “هناك اتفاق تم توقيعه، وكانت واشنطن وسيطة فيه، ويتضمن إطلاق سراح كل الأسرى على ثلاث مراحل، وحماس نفذت ما عليها بالمرحلة الأولى، بينما تتهرب إسرائيل من المرحلة الثانية”.

وأكد قاسم أن “ترامب إذا كان معنيا بالإفراج عن أسرى الاحتلال، فعليه الضغط على رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو لبدء مفاوضات المرحلة الثانية من اتفاق غزة”.

وقال: “مطلوب من الإدارة الأمريكية الضغط على الاحتلال للدخول في مفاوضات المرحلة الثانية، حسب ما نص عليه اتفاق وقف إطلاق النار”.

وحذر قاسم من أن “يستغل الاحتلال الإسرائيلي تصريحات ترامب لتصعيد حصار غزة وتشديد سياسة تجويع سكانها”.

وكان الناطق باسم الحركة عبد اللطيف القانوع، أعلن اليوم أن “تهديد ترامب المتكرر ضد شعبنا يشكل دعما لنتنياهو للتنصل من الاتفاق وتشديد الحصار والتجويع بحق شعبنا”.

وقال القانوع إن “المسار الأمثل لتحرير باقي الأسرى الإسرائيليين هو دخول الاحتلال لمفاوضات المرحلة الثانية وإلزامه بالاتفاق الموقع برعاية الوسطاء”.

 

(أ ف ب)

مقالات مشابهة

  • استشهاد الأسير الفلسطيني رقم (63) في سجون كيان الاحتلال الإسرائيلي جراء التعذيب
  • إسرائيل تنفي إحراز تقدم في مفاوضات المرحلة الثانية من اتفاق غزة
  • برنامج عودة الأطفال الوافدين إلى ولاية الجزيرة
  • حماس: تهديدات ترامب “تشجع” إسرائيل على عدم تنفيذ بنود اتفاق الهدنة
  • فلسطين.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم قرية قصرة جنوبي نابلس بالضفة الغربية
  • هل أن تناول جرعة عالية من حمض الفوليك أثناء الحمل آمن؟
  • فلسطين: ضرورة فرض عقوبات دولية على إسرائيل لوقف الإبادة والتهجير والضم
  • رئيس أركان الاحتلال الإسرائيلي الجديد يتسلم مهامه.. ويهدد حماس
  • تقرير يكشف عدد المعتقلين الفلسطينيين في سجون إسرائيل
  • الجيش الإسرائيلي: قتلنا قائد حماس في مخيم جنين