عوامل مؤثرة في بدء العدو عملية برية ضد غزة
تاريخ النشر: 25th, October 2023 GMT
عوامل مؤثرة في بدء العدو عملية برية ضد غزة
احتمالات شنّ عملية برية ضدّ حركة حماس وقطاع غزة ما تزال قوية ولها مبررات قوية وقد تنطلق في أي وقت.
أعطى ضرب القواعد الأمريكية في سورية والعراق من قبل مجموعات محسوبة على إيران، مؤشراً إضافية إلى الأخطار المحتملة لبدء عملية برية.
الأهداف المعلنة إسرائيلياً لحربها الحالية والمتمثلة بإنهاء حكم حماس للقطاع وتدمير قدراتها العسكرية، يصعب تحقيقها دون اجتياح بري واسع.
يبدو أن حسابات عملية برية إسرائيلية في غزة تتعلق أساساً بالحسابات والمعطيات الميدانية، ثم بتأثير الموقف الأمريكي القلق والمتردد في بدء المواجهة.
أهم العوامل الضاغطة على الجانب الإسرائيلي لشن عملية برية ضدّ القطاع الرغبة بترميم صورة الردع، التي انهارت وتضررت بشكل كبير في هجوم 7 أكتوبر.
متابعة التدمير المنهجي للقطاع والبنية التحتية، والقتل الوحشي للمدنيين وسياسة الأرض المحروقة خيار مفضل مؤقتا سعياً لاستكمال جاهزية الاحتلال واللوجستيات الأمريكية.
يخشى الأمريكي المتردد أن توسع الحرب البرية نطاق المواجهة إلى مواجهة إقليمية مع تلويح حزب الله وأطراف أخرى بالانخراط الكامل في المواجهة إذا حصل اجتياح بري.
* * *
يُظهر الجانب الإسرائيلي ارتباكاً وتردداً واضحين حتى اللحظة في بدء العملية البرية ضدّ حماس وقطاع غزة، حيث تمّ تأجيلها أكثر من مرة بذرائع مختلفة، بدءاً بسوء الأحوال الجوية، وانتقالاً لاستكمال حشد القوات اللازمة لشن العملية، مروراً بالاستجابة لطلب الإدارة الأمريكية بتأخير العملية من أجل إفساح المجال لإطلاق سراح المحتجزين المدنيين، وانتهاء بانتظار وصول مزيد من الدعم العسكري الأمريكي، الأمر الذي يطرح السؤال حول المحددات التي تؤثر في القرار الإسرائيلي بخصوص شنّ الحرب البرية وتوقيتها.
ومن أهم العوامل الضاغطة على الجانب الإسرائيلي لشن عملية برية ضدّ القطاع الرغبة بترميم صورة الردع، التي انهارت وتضررت بشكل كبير في هجوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وكذلك استعادة ثقة الإسرائيليين بقدرة كيانهم وجيشهم على حمايتهم وتوفير الأمن لهم، خصوصًا سكان المستوطنات في غلاف غزة.
وتدرك القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية صعوبة تحقيق ذلك عبر الاقتصار على االعمليات الجوية رغم قسوتها وما أحدثته من خسائر بشرية كبيرة في صفوف المدنيين الفلسطينيين، وما تسببت به من دمار واسع في البنية التحتية، حيث ما تزال حماس تحتفظ بقوتها وقدراتها، وتواصل خوض المعركة وإطلاق الصواريخ والقذائف دون انقطاع.
كما أن الأهداف المعلنة إسرائيلياً لحربها الحالية والمتمثلة بإنهاء حكم حماس للقطاع وتدمير قدراتها العسكرية، يصعب تحقيقها دون اجتياح بري واسع. ويعلم نتنياهو وائتلافه الحاكم أن تقييم الإسرائيليين لنتائج المعركة بعد انتهائها سيتحدد وفق تحقيقها للأهداف المعلنة بسقوفها المرتفعة.
يضاف إلى ما سبق حالة التأييد السياسي والشعبي الواسع وغير المسبوق على المستوى الإسرائيلي لشن عملية برية واسعة، تُقوّض القدرات العسكرية لحماس وتنهي خطرها وتهديدها، وكذلك الدعم الغربي لدولة الاحتلال لاتخاذ ما يلزم من ردود عسكرية لمعاقبة حماس على هجومها الأخير بمبرر الدفاع عن النفس، وهو ما يشكل عاملاً مشجّعاً على المضي في خيار الحرب البرية.
وفي المقابل، تبرز مجموعة من العوامل التي تؤثر في اتجاه معاكس، وتزيد من تعقيد الحسابات الإسرائيلية، وتدفع نحو التريث والتردد. ويأتي في مقدمة تلك العوامل المعطيات الميدانية، ومدى ما تُوفره من ثقة لدى القيادة الإسرائيلية بالقدرة على تحقيق النصر العسكري، وعدم التورط بإخفاق عسكري جديد يضاف إلى فشل السابع من تشرين الأول/ أكتوبر.
فالقيادة الإسرائيلية تدرك جهوزية الخصم واستعداده لخوض المواجهة البرية، وتعتقد أنه لم يُقدم على هجومه الناجح والمحكم، دون تجهيز خطة للدفاع والتصدي لرد فعل إسرائيلي مؤكد. وقد أظهرت ردود الفعل القوية للمقاومة على بعض عمليات جسّ النبض والتقدّم من تخوم القطاع في منطقة خانيونس مدى يقظة المقاومة وتَحفُّزها للمواجهة والاشتباك البري.
ويلعب البُعد النفسي والمعنوي دوراً مؤثراً كذلك في حسابات الجانب الإسرائيلي، الذي يدرك حجم الانهيار في معنويات جنوده، والحاجة إلى وقت وجهد لرفع تلك المعنويات قبل الذهاب لمعركة بالغة القسوة والشراسة، ولعل هذا ما استدعى الاستعانة بقوات أمريكية زعمت الإدارة الأمريكية أنها قَدِمت لأداء مهمات استشارية.
وقد ظهر أن متابعة التدمير المنهجي للقطاع وبناه التحتية، والقتل الوحشي للمدنيين، وتطبيق سياسة الأرض المحروقة، هو خيار مفضل مؤقت، وذلك سعياً لاستكمال جاهزية جيش الاحتلال، واستكمال التواجد اللوجستي الأمريكي؛ وسعياً لمزيد من إنهاك الحاضنة الشعبية للمقاومة ومحاولة إيجاد حالات تململ داخلها، وكذلك إنهاك المقاومة واستنفاذ أكبر قدر من ذخائرها وتدمير ما يمكن من بناها التحتية.
غير أنه قد لا يأخذ وقتاً طويلاً أو مفتوحاً مع تصاعد الزخم الشعبي العربي والدولي ضدّ قتل المدنيين، وصمود المقاومة، وتململ الجبهة الداخلية الإسرائيلية؛ وتراجع الغطاء الدولي للاحتلال.
ويبرز الموقف الأمريكي كعامل مؤثر في مُدخلات القرار الإسرائيلي لبدء العملية البرية، وهو ما أبرزه التباين والخلاف بين موقف بنيامين نتنياهو المتأثر بالنصائح الأمريكية بالتريث في بدء العملية، وبين موقف وزير دفاعه يؤاف جالانت وبقية قادة الجيش المتحمسين لبدء العملية. وفي الوقت نفسه، فإن التحشيد العسكري الأمريكي في المنطقة، يسعى لتقديم الدعم للجانب الإسرائيلي،
ويحاول تقديم رسالة تحذير لإيران وحزب الله وقوى المقاومة بعدم التدخل الفعّال، وبالتالي توفير بيئة أفضل للهجوم العسكري البري الإسرائيلي للاستفراد بحماس وقوى المقاومة وقطاع غزة.
من ناحية أخرى، يتأثر الموقف الأمريكي المتردد بالخشية من أن تتسبب الحرب البرية باتساع نطاق المواجهة لتتحول إلى مواجهة إقليمية في ظلّ تلويح حزب الله وأطراف أخرى بالانخراط بشكل كامل في المواجهة في حال حصل الاجتياح البري.
وقد أعطت الضربات للقواعد الأمريكية في سورية والعراق من قبل بعض المجموعات المحسوبة على إيران، مؤشراً إضافية إلى الأخطار المحتملة لبدء عملية برية.
ولا تُخفي الولايات المتحدة قلقها وخشيتها من اتساع مساحة المواجهة الحالية، بصورة تستنزف جهودها وتشكل تحدياً مهماً لاستراتيجيتها في التهدئة وخفض التصعيد في المنطقة، من أجل التَّفرغ لمواجهة التحديات على صعيد الحرب الأوكرانية والتصعيد مع الصين في ملف تايوان.
يضاف إلى ما سبق ملف المدنيين المحتجزين لدى حماس، والذين يحملُ عددٌ منهم الجنسية الأمريكية، حيث تفضل الإدارة الأمريكية توفير فرصة لإطلاق سراحهم قبل الذهاب نحو خيار الحرب البرية التي قد تُعرِّض حياتهم للخطر.
ومع أن حساسية الجانب الإسرائيلي لاحتمالات وقوع خسائر كبيرة في صفوف الفلسطينيين المدنيين في قطاع غزة جراء الهجوم البري قد تراجعت ولم تعد عاملاً مؤثراً، إلا أن الأمر قد يبدو مختلفاً نسبياً لدى الجانب الأمريكي، الذي بات في الآونة الأخيرة يؤكد دعمه وتأييده لحق الجانب الإسرائيلي في الدفاع عن نفسه وفي استهداف حركة حماس، ويتحدث بالتوازي عن أهمية تجنب قتل المدنيين وضرورة إدخال المساعدات الإنسانية للقطاع.
وبالمحصلة، فإن احتمالات شنّ عملية برية ضدّ حركة حماس وقطاع غزة ما تزال قوية وتملك العديد من المبررات القوية، وقد تنطلق في أي وقت، ويبدو أن حساباتها تتعلق أساساً بالحسابات والمعطيات الميدانية، ثم بتأثير الموقف الأمريكي القلق والمتردد في بدء المواجهة.
*عاطف الجولاني كاتب صحفي أردني، رئيس تحرير "السبيل".
المصدر | مركز الزيتونة للدراساتالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: أمريكا إيران فلسطين غزة حماس إسرائيل الاحتلال الإسرائيلي عملية برية الموقف الأمريكي الأرض المحروقة حزب الله الجانب الإسرائیلی الموقف الأمریکی الحرب البریة بدء العملیة وقطاع غزة فی بدء
إقرأ أيضاً:
حماس توجه اقوى رسالة شكر وعرفان لليمن
كما أثنت الحركة في بيان لها مساء اليوم السبت، على “حملات التضامن الشعبي العالمية التي تشهدها العديد من دول العالم مع الشعب الفلسطيني في قطاع غزة”.
وأدانت الجرائم الصهيونية الوحشية التي يتعرض لها شمال قطاع غزة.. مشيرة إلى القصف الصهيوني المتواصل على مستشفى الشهيد كمال عدوان، معتبرة إياها “جرائم غير مسبوقة بحق الإنسانية”.
وأعلنت الحركة في بيانها عن “استمرار العدو الصهيوني الفاشي في قصفه الوحشي وتدميره الممنهج لمناطق محافظة شمال قطاع غزة، خصوصًا في جباليا ومخيمها وبيت لاهيا”.
وأكدت أن جيش العدو الصهيوني يستهدف مراكز الإيواء والمدارس، ويركز قصفه على مستشفى الشهيد كمال عدوان في بيت لاهيا.. موضحة أنه “يهدد بإخلاء المستشفى من المرضى والجرحى والنازحين، في جريمة تطهير عرقي وتهجير قسري غير مسبوقة”.
وطالبت حركة حماس “الأمة العربية والإسلامية، وأحرار العالم، بالتحرك العاجل والضغط بكافة الوسائل لوقف الإبادة الوحشية في قطاع غزة”.. مشددة على أن “العالم يقف صامتًا أو عاجزًا أمام هذه المجازر”.
واختتمت حماس بيانها بدعوة “الأمة العربية والإسلامية، وأحرار العالم، من شعوب وحكومات وقوى وكيانات، لبذل كافة الجهود والتحرك بكل الوسائل لإسناد الشعب الفلسطيني، والوقوف إلى جانب حقه في إزالة الاحتلال الإرهابي عن الأرض والمقدسات”.
يتزامن ذلك مع مواصلة جيش العدو الصهيوني، مدعوما من الولايات المتحدة وأوروبا، منذ السابع من أكتوبر 2023، عدوانه على قطاع غزة، حيث تقصف طائراته محيط المستشفيات والبنايات والأبراج ومنازل المدنيين الفلسطينيين وتدمرها فوق رؤوس ساكنيها، ويمنع دخول الماء والغذاء والدواء والوقود.
وخلّف العدوان نحو 153 ألف شهيد وجريح فلسطينيي، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.