تقرير: هل يأتي تصريح الحوثيين باستهداف إسرائيل في سياق الشعارات التي ترفعها إيران على الدوام؟
تاريخ النشر: 25th, October 2023 GMT
(عدن الغد)خاص:
تقرير يتناول تصريح الحوثيين باستهداف إسرائيل في حال استهدفت غزة..
كيف تضخم الدور الإيراني في المنطقة العربية على حساب القضايا العربية المصيرية؟
في ظل غياب النظام العربي الرسمي.. هل هناك تخادم أمريكي- إيراني في المنطقة العربية؟
ما الدور الإيراني في تفكيك الجيوش العربية القوية لصالح مليشياتها؟
هل تتنصل طهران عن "اتفاق بكين" عبر نصرة القضية الفلسطينية؟
ما مدى قدرة الشعارات الإيرانية على تحرير المسجد الأقصى من براثن الاحتلال الصهيوني؟
(عدن الغد) القسم السياسي:
تتبلور مؤشرات وصول النفوذ الإيراني إلى ذروته في المنطقة العربية والشرق الأوسط من خلال التأثير على القرار السياسي والاقتصادي والأمني والعسكري على الأقل في أربعة دول عربية، وبالطبع من هذه الدول اليمن وعبر ذراعها مليشيا الحوثي.
وفي الآونة الأخيرة قطعت إيران خطوات سريعة في تثبيت هذا النفوذ السياسي، لإحداث تغييرات في البنية الثقافية والدينية لهذه البلدان وفق الفكر السياسي للمذهب الاثني عشري "ولاية الفقيه"، رافعة الشعارات الإسلامية بإنها سندا ونصيرا لقضايا المسلمين ولاسيما القضية الفلسطينية.
وتضخم الدور الإيراني في المنطقة العربية مؤخرا، تمثل ذلك برفع شعارات ورايات الإسلام السياسي الشيعي خلال السنوات الماضية وبشكلٍ مباشر خلال آخر ثلاثة أعوام.
وبرزت الولايات المتحدة وإسرائيل، كأحد أهم الأطراف التي ساهمت سياساتها في إدارة الملفات الأمنية والعسكرية في المنطقة، في ترسيخ محاولات إيران التصدر كدولة تحاول فرض نموذجها كواجهة للمسلمين، والنصير الأول بلا منازع للقضية الفلسطينية ومقاومة الاحتلال الإسرائيلي، ويأتي هذا التصدر لقضايا المسلمين والعرب في ظل غياب النظام العربي الرسمي والمحور السني.
ويوم الأحد الماضي زعمت مليشيا الحوثي وبشكل رسمي إطلاق صواريخ ومسيرات نحو إسرائيل، في ظل تكذيب هذه المزاعم من قبل آخرين، باعتبار هذه المزاعم مجرد "بروبجندا إيرانية"، للمساومة بملفات إقليمية ودولية مع الولايات المتحدة الأمريكية ليس من بينها نصرة القضية الفلسطينية.
> التخادم الأمريكي الإيراني
ظهر التخادم الأمريكي الإيراني منذ غزو أفغانستان 2009م وغزو العراق في العام 2003، وزاد هذا التخادم بعد مقتل قائد فيلق القدس في العراق قاسم سليماني في يناير 2020م، الذي تم توظيفه سياسيا في الحرب الأمريكية على داعش وتمكين المليشيات الشيعية في العراق.
ولا تكف إيران عن الزعم بأنها تواجه واشنطن وإسرائيل، بتبني ما يسمى بـ "محور المقاومة والممانعة لإسرائيل"، أو تقف ضد الدول الخليجية والإسلامية وزعيمة المحور السني السعودية، وهي لوحة رسمت عبر أذرع طهران الإعلامية والعسكرية العابرة للحدود.
وأظهرت الحرب الأخيرة في غزة نتيجة للعملية العسكرية "طوفان الأقصى" والمنفذة من قبل حركة المقاومة الإسلامية حماس المدعومة إيرانيا منذ الأزمة الخليجية بين قطر من جهة والسعودية والإمارات والبحرين من جهة أخرى في العام 2017م.
ووفق باحثين سياسيين، فإن العملية العسكرية الأخيرة لحماس في غلاف غزة، كشفت عن مدى تغلغل صورة صانع القرار الإيراني في ذهنية المجتمعات بإيران وخارجها، فمع بدء عملية "طوفان الأقصى"، تم توجيه أصابع الإشارة لها بمباركة التخطيط والتجهيز للعملية ودعمها بالتقنيات اللازمة.
وعلى الرغم من نفي إيران الرسمي لانخراطها في العملية، مع تجنب "حركة حماس" ذكر إيران، إلا أن كافة المؤشرات الواقعية تشير إلى تخطيط وضوء أخضر إيراني إن لم يكن من الدب الروسي، باعتبار هذه العملية والتخطيط والتجهيز الأمني والعسكري، وما رافقه من جهد إعلامي يقف وراءه دول وليس حركة المقاومة حماس بمفردها.
وتزامنت هذه العملية من الناحية السياسية مع جهود دبلوماسية أمريكية وعربية، للبدء بخطوات متسارعة للتطبيع العربي مع إسرائيل على أساس حل الدولتين للقضية الفلسطينية وفق القرارات الدولية.
يعتقد البعض أن الولايات المتحدة الأمريكية تتجنب حتى الآن اتهام إيران بشكل مباشر بالوقوف وراء العملية، على أساس أنها لم تحصل على معلومات في هذا الشأن، وهو الأمر الذي يصب مرة أخرى في صالح تعزيز الصورة الذهنية لنفوذ وقوة إيران في المنطقة والعالم الإسلامي، والزعم بتمثيلها حصريا محور مقاومة التمدد الأمريكي الغربي في المنطقة، فضلا عن الاحتلال الإسرائيلي للمسجد الأقصى.
يرى كثيرون أن إيران استثمرت ثورات ما سمي بـ "الربيع العربي"، واستطاعت خطف عاصمتين عربتين من المحيط العربي والخليجي السني هما اليمن وسوريا، ثم استغلت موقعها الجيوسياسي كدولة تمتد على مساحة جغرافية شاسعة ومهمة للأمن الإقليمي والدولي، إذ تشترك بحدود بحرية مع ثماني دول في الخليج العربي وخليج عُمان، وتتحكم بمضيق هرمز البحري بأهميته الاستراتيجية في المنطقة وفي نقل الطاقة إلى العالم، هذا إلى جانب ما تمثله حدود إيران الغربية والشمالية مع أفغانستان وأرمينيا وأذربيجان من أهمية استراتيجية في ملف الأمن والطاقة العالمي.
وعلى الرغم أن إيران تتبنى المذهب الشيعي الإثني عشري رسميا وتعمل على تصدير الفكر الإسلامي السياسي "الشيعي"، إلا أنها تدعم حركات وجماعات سنية من أفغانستان وحتى فلسطين ودول أفريقيا، بهدف كسبها كقوة للتأثير سواء في الشؤون الداخلية للدول المنافسة أو لربطها بالمنظومة المذهبية الإثني عشرية.
هذه السياسة بدأت منذ نجاح آية الله الخميني في إسقاط نظام الشاه الحليف للولايات المتحدة في عام 1979 ورفع شعار: "الموت لأمريكا.. اللعنة على اليهود.. النصر للإسلام".
يرى مراقبون أن هذه الشعارات المعادية للغرب الأمريكي، جذبت إيران إليها عواطف العرب والمسلمين الذين ضاقوا ذرعا من ازدواجية السياسة الأميركية، وانحيازها المعلن إلى جانب الكيان الصهيوني خلال الحروب التي امتدت بين البلدان العربية وإسرائيل من عام 1948 حتى 1973، وما بعده من حروب حتى عملية حماس العسكرية ضد الكيان الغاصب في 7 أكتوبر من الشهر الجاري.
> تفكيك الجيوش.. وإحلال المليشيات
أشعل أول إعلان للجمهورية الإسلامية في إيران لدى المجتمعات المسلمة بما فيها السنية، مشاعر ظهور قيادة سياسية للإسلام لأول مرة منذ سقوط السلطنة العثمانية عقب الحرب العالمية الأولى، وتشكل نظام عالمي ثنائي القطبية غربي يتبنى القيم الليبرالية الغربية تقوده أمريكا، وشرقي يتبنى القيم الاشتراكية تقوده الاتحاد السوفيتي.
في الجانب السياسي تتبنى إيران مشروعا تحت عنوان "تصدير الثورة الإسلامية" بواجهته السياسية، بالاستناد على الواجهة الدينية "ولاية الولي الفقيه" لفرض نفوذها الإقليمي وهيمنتها على جغرافية سنية تمتد إلى شواطئ البحر الأبيض المتوسط، لتأمين العمق الاستراتيجي لأمنها القومي من خلال دعمها لمجموعات الولي الفقيه للسيطرة على هذا النطاق الجيوسياسي الشاسع، انطلاقا من العراق وسوريا ولبنان ومن اليمن للسيطرة على بحر العرب وباب المندب، مستغلين سيطرة أحد أهم أذرعهم العسكرية مليشيا الحوثي على العاصمة صنعاء ومدن أخرى منذ العام 2014.
في أدبيات التنظيمات المسلحة الموالية لإيران، تلتزم بالدفاع عنها حتى لو تعلق الأمر بمواجهة عسكرية مع بلدها الأم، ومنذ العام 1982م يرسل الحرس الثوري الإيراني مجموعات من قواته إلى الخارج، لدعم جماعة حزب الله الشيعية في لبنان، والجماعات والمنظمات الشيعية والفلسطينية الإسلامية المسلحة والحشد الشعبي العراقي وجماعة الحوثي وعشرات الميليشيات الشيعية التي تنشط في سوريا والعراق ودول أخرى.
ومكنت إيران ميليشياتها في العراق وسوريا ولبنان واليمن من مفاصل الجيش والأمن، بعد حل الجيوش العربية في تلك الدول لمصلحة نفوذها ابتداء بسقوط بغداد في 2003م حتى صنعاء في 2014م.
وبعد نجاح تجربة دعم حزب الله بالاعتماد على أقلية شيعية في وسط أكثرية سنية، بات هذا الحزب يتحكم بالقرار اللبناني وهو بمثابة دولة داخل الدولة اللبنانية أو أنه الدولة ذاتها، يبدأ بتثبيت واقع وجود أطرافٍ تنافس الدولة، ثم الانتقال لخطوة المشاركة في الحكم، وبالنهاية السيطرة على آليات صنع القرار بشكلٍ كلي. وتذكر تقارير صحفية أن عدد الميليشيات المرتبطة بإيران وصلت في سوريا والعراق إلى ما يزيد عن 115، علاوة على آلاف المنظمات الخيرية والتعليمية والحسينيات والمنصات الإعلامية وغيرها، التي تتحكم بمقاليد الحكم والجهاز الأمني والعسكري في كلا من العراق وسوريا ولبنان واليمن.
> يوم القدس.. وشعار إزالة إسرائيل
تقيم إيران في آخر يوم جمعة من شهر رمضان في كل عام احتفالات تحت مسمى "يوم القدس" في مدنها الكبرى، وترعى احتفالات أخرى في عدد من دول العالمين العربي والإسلامي لحشد الرأي العام، اتساقا مع شعارات "إزالة إسرائيل" وتدمير وحرق إسرائيل.
تعتقد إيران أن تبني خطاب إزالة إسرائيل أو تدميرها، كفيلا بجذب المزيد من التأييد لمشروعها العابر للحدود طالما أنها تضع قضية القدس على رأس أولويات خطابها التوعوي والإعلامي، مستفيدة من تراجع الخطاب العربي والإسلامي الرسمي والشعبي المؤيد للفلسطينيين، على اعتبار أن فلسطين دولة عربية إلى جانب كونها إسلامية سنية.
تبرز أهمية "يوم القدس" بشكلٍ متزايد ضمن الإستراتيجية الإيرانية لحفظ وتعزيز مواقعها المكتسبة على مدى العقود الماضية بغرب آسيا (سوريا ولبنان وفلسطين)، وهو فصل جديد لأن هناك احتمالات أن تطرأ تغييرات على النهج المعتاد بمقتضى نصوص "اتفاق بكين" الموقع بين الرياض وطهران في إبريل من العام الحالي 2023م، وقضى بالامتناع عن مد يدها عن التدخل في شؤون الدول الأخرى.
فهذا المبدأ سيفرض على إيران الامتناع رسميا على الأقل داخل البلدان العربية، لكنها ستستبدله بعنوان آخر "دعم المقاومين" ضد الاحتلال الإسرائيلي، كون الغطاء الفلسطيني هو ما سيوفر للإستراتيجية الإيرانية الإقليمية الجديدة تبريرات حركتها، ويجعل من أدوات إيران في الإقليم قوى حية للتحرر الوطني ومواجهة الاستعمار الخارجي.
وطبقا لمحليين سياسيين، فإن موقف إيران يعززه الحرب الأوكرانية والتعاون بين دول شرق آسيا في عملية البحث عن تشكيل قطب عالمي جديد، خلفا للقطب الأمريكي الغربي.
ختاما.. أعادت الحرب الدائرة على قطاع غزة التركيز على إيران وأذرعها الإقليمية، بناء على تبنيها دور قيادة "محور الممانعة"، هذا المحور الذي أعلن منذ الثورة الإسلامية في إيران 1979م ضمن أهداف الثورة الرئيسي "تحرير المسجد الأقصى". الغريب أن الشعارات كانت من قبيل طريق القدس يمر من كربلاء، ثم لاحقا من حلب ودمشق وبيروت وأخيرا من صنعاء.
ومع ذلك لم يصل هذا "الشعار" للقدس في لحظته التاريخية المنتظرة منه، بل اكتفى بشعارات الدعم والمساندة وإطلاق التهديدات المشروطة لأمريكا والكيان الصهيوني.
المصدر: عدن الغد
كلمات دلالية: فی المنطقة العربیة الإیرانی فی
إقرأ أيضاً:
تهديدات الحوثيين لـ”إسرائيل”.. هل هي بداية لمرحلة جديدة من المواجهة الإقليمية؟
#سواليف
في ظل تصاعد التوترات في المنطقة، برزت #تهديدات #الحوثيين للاحتلال الإسرائيلي كمتغير جديد في المشهد الإقليمي، ما دفع العديد من الخبراء العسكريين والمحللين السياسيين إلى تقييم تداعيات هذا التطور؛ فمنح الحوثيون “إسرائيل” مهلة أربعة أيام، واستئناف عملياتهم العسكرية في #البحر_الأحمر، يشير إلى مرحلة جديدة من المواجهة التي قد تمتد آثارها إلى المجالين العسكري والاقتصادي على مستوى المنطقة والعالم.
تطور نوعي
ويؤكد الخبير العسكري قاصد محمود، أن “تهديد الحوثيين لإسرائيل ومنحهم مهلة أربعة أيام يمثل تطورًا نوعيًا في المشهد الإقليمي”.
مقالات ذات صلةوقال ، إن ” #إسرائيل تمادت في عدوانها وسياساتها، فيما تواصل الولايات المتحدة دعمها لها دون ضغوط فعلية تدفعها إلى مراجعة سياساتها”.
وأضاف: “إسرائيل تهدد بتوسيع عملياتها العسكرية، مما قد يؤدي إلى تصعيد جديد في #غزة؛ وفي هذا السياق، فإن ترك حركة #حماس تواجه الاحتلال وحدها يشكل تحديًا كبيرًا، مما يجعل حضور محور المقاومة ضروريًا”.
وتابع بقوله: “الحوثيون، على وجه الخصوص، يمتلكون قدرة كبيرة على إرباك المشهد من خلال تأثيرهم المباشر على البحر الأحمر، والتجارة الدولية، والقطاع البحري”.
وأشار إلى أن “الحوثيين لا يقتصر تأثيرهم على الإقليم فحسب، بل يمتد إلى الساحة الدولية، وهو ما ينعكس على حسابات الإدارة الأمريكية. هذا التطور يشكّل تحديًا حقيقيًا لإسرائيل، ورسالة واضحة بأن محور #المقاومة لا يزال فاعلًا في المعادلة، رغم بعض التراجعات التي قد يكون شهدها حزب الله، إلا أن الحوثيين قادرون على سد أي فراغ عبر عملياتهم”.
وأوضح الفريق وهو نائب رئيس هيئة الأركان المشتركة الأسبق في الجيش الأردني أن “الحوثيين لم يقتصروا على استهداف الملاحة البحرية، بل نجحوا أيضًا في توجيه صواريخهم نحو الجغرافيا الفلسطينية، مما يجعل تهديدهم لإسرائيل أكثر جدية؛ هذا التصعيد قد يدفع أطرافًا أخرى، مثل العراق، للدخول على خط المواجهة، في ظل وجود إيران كلاعب رئيسي يسعى إلى استعادة حضوره الاستراتيجي بعد خسائره في سوريا”.
وأضاف: “آفاق التفاهمات بين إيران والولايات المتحدة باتت ضيقة، حيث يتبنى المرشد الأعلى موقفًا أكثر تشددًا مقارنة بالرئيس الإيراني. إيران لديها مصالحها واستراتيجياتها، وقد يكون التصعيد الحوثي جزءًا من تنسيق أوسع معها”.
وأكد أن “إسرائيل يجب أن تدرك أن استمرار عدوانها دون دفع الثمن لم يعد ممكنًا، وها هي بوادر هذا الثمن بدأت بالظهور مع التحرك الحوثي”.
وذكر أن “الحوثيين يمتلكون قدرات عسكرية تؤهلهم لمواصلة الضغط، كما أن لديهم مصلحة مباشرة في هذا التصعيد، خصوصًا في ظل تعقيدات المشهد اليمني الداخلي والتدخلات الخارجية ضدهم”.
وبين أن “ما يهم المقاومة في غزة أن هذا التطور يمثل قيمة عسكرية كبيرة يمكن لحماس استثمارها لتعزيز موقفها التفاوضي، خاصة مع انفتاح قنوات التواصل مع الولايات المتحدة”.
وختم بالقول: “ربط هذا المشهد بالملف الإنساني في غزة يضيف بعدًا آخر للضغط على إسرائيل، إذ لا يمكن القبول باستمرار الحصار ومنع وصول الغذاء والدواء دون رد فعل دولي حقيقي”.
رؤية إستراتيجية عميقة
وقال المحلل السياسي حازم عياد: “إن إعلان حركة أنصار الله عن استئناف عملياتها العسكرية في البحر الأحمر يعد خطوة جادة للغاية؛ فقد أثبتت الحركة أكثر من مرة أن أقوالها تتطابق مع أفعالها، وأنها تواصل استثمار كامل إمكاناتها لتحقيق أهدافها المعلنة، التي تسبقها دوماً بتحذيرات”.
وأضاف عياد أن الحركة “تهدف من خلال هذا الإعلان إلى منح شرعية لتحركاتها العسكرية في البحر الأحمر خلال الأيام المقبلة، مشيراً إلى أن التحذير الذي أطلقته يتماشى مع مبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وهذا يعكس أن لحركة “أنصار الله” رؤية استراتيجية عميقة في التعامل مع الوضع الراهن”.
وتابع عياد قائلاً: “أعتقد أن دعم حركة أنصار الله للشعب الفلسطيني يأخذ منحى جديداً، وهو يلقى ترحيباً واسعاً بين حركة حماس والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة؛ من المؤكد أن هذه التحركات سيكون لها تأثير كبير في الضغط على الولايات المتحدة وإسرائيل لفتح قنوات لإدخال المساعدات وتخفيف الحصار المفروض على القطاع”.
وأشار إلى أن “هذه الدعوة تعتبر جدية للغاية، وأن احتمالية استئناف العمليات العسكرية عالية جداً، خصوصاً بعد أن تمكنت الحركة قبل أيام من إسقاط طائرة مسيرة من طراز MQ-9 أمريكية كانت تنفذ عمليات في منطقة الحديدة”.
وأكد عياد أن “الحوثيين جادون في تنفيذ تهديداتهم، وأنهم سيواصلون الضغط على أمريكا وإسرائيل ما لم يُرفع الحصار عن قطاع غزة ويتوقف التجويع الذي يتعرض له”.
وتطرق عياد إلى تأثير هذه الخطوات على الشركات الدولية العاملة في مجال الشحن، قائلاً: “إن هذه التحركات ستربك الشركات الكبرى التي تشارك في عمليات النقل عبر البحر الأحمر، وهو ما سيؤدي إلى ضغط حقيقي على الولايات المتحدة وإسرائيل لتغيير سياستهما تجاه الشعب الفلسطيني، والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع”.
واختتم عياد بالقول: “الأمر لا يقتصر على الضغط على أمريكا فقط، بل يشمل جميع الأطراف المعنية بعمليات النقل عبر البحر الأحمر، مثل شركات النقل وشركات التأمين المرتبطة بها” مضيفاً أن التصريحات الأخيرة لعبد الملك الحوثي تحمل رسائل واضحة ودائمة للشعب الفلسطيني، وفي الوقت نفسه تمثل ضغطاً متواصلاً على الجانب الأمريكي.
الورقة الرابحة
من جهته، أكد الباحث اليمني أنيس منصور أن تهديد الحوثيين لـ”إسرائيل” يعكس تحولهم إلى الورقة الرابحة لمحور المقاومة في المنطقة.
وقال إن “جماعة أنصار الله، أو سلطة صنعاء، أصبحت اليوم الفاعل الأبرز في المواجهة، حيث تمتلك القدرات والخيارات اللازمة للرد والتصعيد
وأوضح أن “هذا التهديد ليس مجرد رسالة يمنية، بل هو قبل كل شيء رسالة إيرانية تعكس رغبة طهران في إثبات حضورها وقوتها، بعد محاولات الغرب ومحور التطبيع تصويرها بأنها في حالة ضعف، خاصة بعد التطورات في سوريا ولبنان؛ إيران تريد أن تؤكد أن محور المقاومة لا يزال قويًا، وأن اليمن بات جزءًا رئيسيًا من هذه المعادلة”.
وأضاف منصور أن “الخيار الأخير المطروح حتى الآن يركز على البحر الأحمر، حيث منح الحوثيون إسرائيل مهلة أربعة أيام، لكن لم يتم الكشف صراحةً عن نية استهداف تل أبيب بالصواريخ أو الطائرات المسيّرة؛ ومع ذلك، فإن جميع الخيارات مفتوحة، إذ يمتلك الحوثيون عوامل قوة كبيرة تجعل من أي سيناريو أمرًا واردًا”.
وأشار إلى أن “الحوثيين، الذين كان يُنظر إليهم سابقًا كمجموعة مسلحة محلية، تحولوا اليوم إلى تهديد استراتيجي صعب المواجهة، رغم انتشار القواعد العسكرية والأساطيل الضخمة في المنطقة، لقد فرضوا معادلة جديدة باستخدام مزيج من الصواريخ الباليستية المضادة للسفن، والطائرات المسيّرة، والغواصات المسيرة، وأدوات الحرب الإلكترونية، مما أدى إلى تعطيل حركة التجارة ورفع التكلفة التشغيلية للبحرية الأمريكية وحلفائها”.
وأضاف أن “الولايات المتحدة اضطرت لاتخاذ تدابير دفاعية مكلفة، لكنها لم تتمكن من إيجاد حل حاسم لمواجهة الحوثيين، ما يفرض ضغطًا متزايدًا على البحرية الأمريكية. الفارق بين تكاليف الدفاع عن السفن وتكاليف الهجوم الحوثي يعكس معادلة غير متكافئة، حيث تتكبد واشنطن وحلفاؤها أعباءً ضخمة في سبيل التصدي لهذه التهديدات”.
وختم منصور بالإشارة إلى أن “هناك حالة من الانقسام والارتباك في كيفية تعامل إسرائيل والولايات المتحدة مع الحوثيين، بسبب البعد الجغرافي وعدم توفر معلومات كافية عن اليمن، فضلًا عن غياب الحلفاء الحقيقيين في الداخل اليمني. في ظل هذه الظروف، تمكن الحوثيون من فرض هيمنتهم، ليصبحوا لاعبًا رئيسيًا في المعادلة الإقليمية”.